
في حوار جديد تستضيف "عرب جورنال" نائب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، د. عصام الخواجا، للحديث عن تداعيات استئناف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري ومجازر الإبادة الجماعية في قطاع غزة بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، بعد فشل إسرائيلي مستمر في تحقيق أي نصر يذكر منذ قرابة عام ونصف من معركة طوفان الأقصى. ويناقش الحوار تداعيات العدوان الأمريكي الأخير على اليمن، والذي يأتي رداً على إعلان صنعاء استئناف اليمن العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل الضغط على الاحتلال لوقف عدوانه ورفع حصاره على القطاع. كما يناقش الحوار عدد من الملفات الساخنة في المنطقة، بينها تأثيرات تصعيد السلطة الفلسطينية ضد المقاومة، وتداعيات استمرار التوغل والعدوان الإسرائيلي على سوريا، والمدعوم أمريكيا.
عرب جورنال/ حوار/ حلمي الكمالي
العدوان الأمريكي البريطاني الغاشم على اليمن، مؤشر ضعف وليس مؤشر قوة للمعتدين، وسيكتشف ثنائي العدوان،أمريكا وبريطانيا، حجم المأزق الذي يضعون أنفسهم فيه
الرد اليمني السريع والمباشر باستهداف حاملة الطائرات والقطع البحرية المرافقة لها في أقل من ٢٤ ساعة من وقوع العدوان الأمريكي، يعكس إرادة القتال لدى الشعب اليمني وقواته المسلحة، ويؤكد فشل العدوان.كما يؤكد سطحية التقدير الأمريكي في قراءة الشخصية اليمنية المقاومة
العدوان الأمريكي لن يثني اليمن عن دعم غزة، بل سيحفز لمزيد من الدعم والاسناد، فالوفاء اليمني بالوعد الصادق ليس إلا استمراراً في بقاء القلعة اليمنية وفية إلى جانب غزة في جبهة المقاومة
الجبهة اليمنية أهم إضافة نوعية في محور المقاومة، واستطاعت أن تقارع الأسطول الأمريكي البريطاني وتعطل قدرته على ضمان استمرار الملاحة لميناء إيلات الصهيوني
قرار اليمن استئناف العمليات العسكرية ضد الاحتلال، يعكس أصالة وصدق وثبات موقف حركة أنصار الله والشعب اليمني إلى جانب قضية الحق الفلسطيني،حيث رهنت قدراتها وامكاناتها، وسخرتها انصهاراً مع مظلومية الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني ومقاومتهما
الركن اليمني في جبهة المقاومة العربية الإسلامية أصبح راسخاً يمكن الاعتماد عليه في تغيير وجه المنطقة والإقليم والتصدي لمشاريع الهيمنة الصهيونية الإمبريالية، وتكريسها كقوة إقليمية جيوسياسية ورافعة صلبة ذات دور متصاعد ضمن محور جبهة المقاومة
كما أفشل طوفان الأقصى العديد من المخططات المشبوهة، فإن الشعب الفلسطيني العظيم يمتلك كل مقومات الصمود ودرء العدوان الإسرائيلي الجديد على غزة وهزيمته
انتصار غزة هو انتصاراً للإرادة والأخلاق في مواجهة التوحش والبربرية،وانتصارٌ للحقيقة والراوية الفلسطينية التاريخية في مواجهة رواية التزييف والكذب الصهيونية الإستعمارية، وانتصارٌ لخيار المقاومة بمفهومها الشامل في مواجهة العدوان وخيارات المهادنة
السلطة الفلسطينية تحولت إلى أداة تقوم بمهام تخدم الكيان الإسرائيلي، وتُضعف فرص الوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية ضرورية لتعزيز أركان مقاومة الشعب الفلسطيني
توغل جيش الاحتلال في عمق الجنوب السوري ليس فقط مقدمة لاحتلال،يأتي في سياق طبيعي لتنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى" والتوسع التدريجي لبناء رأس جسر "ممر داوود" وصولاً من الجنوب السوري إلى نهر الفرات، إضافة إلى تحقيق أهداف إسرائيلية أمنية أخرى
المقاومة انتقلت بتماسكها وصلابتها وصبرها وحاضنتها معها، إلى مربع الندية وعدم الإذعان للكيان الغاصب ومن خلفه أمريكا وبريطانيا والغرب الاستعماري، وتمسكنا بكرامتنا ونهج وثقافة حقنا في المقاومة، وقدرة مقاومتنا بمكوناتها العربية والإسلامية على فرض المعادلات والردع
نحن ملح الأرض، من اليمن العملاق، إلى لبنان المقاومة العظيم، إلى فلسطين المقاومة الأسطورة، هذا الثلاثي الذهبي عصي على الكسر، عصي على أن يُهزم، وسيحقق التغيير
_ ما تعليقكم على استئناف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري ومجازر الإبادة الجماعية على قطاع غزة؟ وأي عواقب خطيرة لهذا الخطوة المدعومة أمريكياً على أمن واستقرار المنطقة ؟ وهل تتوقعون أن يسجل العدو الصهيوني فشلاً جديداً في تحقيق أهدافه من خلال هذا العدوان كما فشل على مدى أكثر من 15 شهراً؟ وماذا تصفون صمود المقاومة الفلسطينية في غزة وثباتها في الميدان وإرغامها الاحتلال للخضوع لشروطها في إطار الإتفاق؟ وأي انتصار حققه الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة بعد قرابة عام ونصف شهراً من الإجرام الصهيوني الأمريكي؟
المحرك الأول لهذا العدوان هو الفشل الذريع الذي تكللت به حرب الإبادة والعدوان الصهيوني الأمريكي على غزة في عدم تحقيق أي هدف من الأهداف الاستراتيجية التي وضعها منذ اليوم الأول،والمحرك الثاني؛ فشله في فرض شروطه في مفاوضات تبادل الأسرى، واضطراره خانعاً للاستجابة لشروط المقاومة، فمشهد التبادل المتكرر في مختلف مناطق القطاع الصامد، كرس تفوق المقاومة الفلسطينية في معركة الصورة والتنظيم والتحكم بالميدان، وبرهنتها على انبعاثها وتجدد عديدها وعتادها ، وتفولذ إرادتها بالتكامل مع الحضانة الشعبية العظيمة.
والمحرك الثالث، تفاقم الأزمات والصراعات الداخلية بين المكون السياسي والمكون الأمني العسكري الكيان، وخشية نتنياهو من خضوعه للمحاسبة وخروجه مهزوما ومحكومٌ عليه.
والمحرك الرابع، هو أن الكيان يريد الإفادة من هوس وهذيان ترامب حول موضوع التهجير لتمرير رؤية الكيان ومخططه بهذا الخصوص.
إن هذا التصعيد يأتي في ظل أن الإقليم والعالم يعيش مرحلة خطيرة من التوتر والتصعيد بين جبهتي المقاومة ومحورها من جهة وبين الحلف الأمريكي البريطاني الصهيوني من جهة أخرى، وما يترتب على ذلك من خطر الانزلاق إلى عدوان أمريكي صهيوني، ومواجهة عسكرية أمنية بين الجبهتين (المحورين)، ستغير من وجه المنطقة ، بعكس ما يريده الثنائي ترامب - نتنياهو.
إن مقاومتنا أثبتت جدارتها وقدرتها، وكما أفشل طوفان الأقصى العديد من المخططات المشبوهة، فإن الشعب الفلسطيني العظيم يمتلك كل مقومات الصمود ودرء العدوان وهزيمته.
وبالنسبة لصمود غزة، فأعتقد أن توصيفاً مكثفاً ومنصفاً لطبيعة الانتصار الذي حققه الشعب الفلسطيني ومقاومته الأسطورية خلال أكثر من 15 شهراً من التصدي لعدوان الإبادة الصهيونية منذ السابع من أكتوبر، باعتباره الانتصار التاريخي الأهم في تاريخ مقاومة الشعب الفلسطيني لمشروع الاحتلال الصهيوني الإمبريالي (البريطاني – الأمريكي تحديداً) الاستعماري لفلسطين، وتجليات هذا في أنه مثل انتصاراً للإرادة والأخلاق في مواجهة التوحش والبربرية، وانتصارٌ للحقيقة والراوية الفلسطينية التاريخية في مواجهة رواية التزييف والكذب الصهيونية الإستعمارية، وانتصارٌ لخيار المقاومة بمفهومها الشامل في مواجهة العدوان وخيارات المهادنة وتقديم التنازلات المجانية للعدو، وانتصارٌ لنموذج فريد من المقاومة بُني، وشكل استمراراً لتاريخ امتد لأكثر من قرن من الزمان، من مواجهة الشعب الفلسطيني لمشروع الاحتلال الصهيوني، واستطاع بناء مقوماتها ، ليس فقط تقنياً وعسكرياً وأمنياً، بل أيضاً استطاع بناء مقوماتها وعياً وسلوكاً وأخلاقاً.
_ في خضم المواجهة مع العدوان الصهيوني، تواصل السلطة الفلسطينية إجراءاتها التعسفية ضد المقاومة الفلسطينية، والتي كان آخرها إلغاء دفع مخصصات عائلات الأسرى والشهداء والجرحى.. ما تعليقكم؟ وهل تعتقدون أن هذه الإجراءات تأتي في سياق سياسة التضييق لدفع الناس للتهجير؟ وهل يعني أن ممارسات السلطة الفلسطينية تتماشى مع أهداف الاحتلال الرامية للقضاء على المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية؟ وكيف تتخذ هذه السلطة مثل هذه الإجراءات المشينة ودعوتها المقاومة لترك الحكم في غزه، في الوقت الذي يؤكد فيه الكيان الصهيوني رفضه التام لإقامة دولة فلسطينية حتى لو كانت باسم السلطة الفلسطينية القائمة؟
للأسف فإن السلطة الفلسطينية تحولت إلى أداة تقوم بمهام تخدم الكيان الإسرائيلي ، وتُضعف فرص الوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية ضرورية لتعزيز أركان مقاومة الشعب الفلسطيني ، وعندما نقول أركان مقاومة الشعب الفلسطيني، فهي تشمل جملة من العوامل، ومن ضمنها ضمان تدفق مخصصات عائلات الشهداء والأسرى ، إضافة إلى غيرها، وفي مقدمتها توفير الحماية والاسناد للمقاومين الفلسطينيين بدلاً من ملاحقتهم واعتقالهم واستمرار التنسيق الأمني المشين مع الاحتلال، ولا يمكن فهم هذا السلوك من السلطة إلى بكونه القبول بأن تكون أحد فكي كماشة لحصار المقاومة والقضاء عليها، ومساهمة في خنق الوسيلة الوحيدة المتوفرة للشعب الفلسطيني للدفاع عن حقوقه ، المقاومة بكل أشكالها ، حتى نتمكن من إعاقة تنفيذ مخطط الاحتلال الصهيوني في ضم الضفة الغربية وتهجير الشعب الفلسطيني . للأسف مرة أخرى ، نحن أمام سلطة أركانها ومراكز اتخاذ القرار فيها أصبحت تتمتع بمصالح وامتيازات مادية واعتبارية طفيلية مرتبطة باستمرار الاحتلال ، وهي غير قادرة على تحرير نفسها والاتعاظ من تجربة الاحتلال مع كل عملائه والمتواطئين معه ، الذين تخلى عنهم بمجرد انتهاء أدوارهم وصلاحيتهم لخدمته ، وما تصريح رموز الكيان الاسرائيلي ، بانهم لايريدون أي فلسطيني سواء كان مقاوماً او أداة بيده ، وهي ليست تصريحات تعكس آراء فردية متطرفة لبعض قادة الاحتلال أمثال سموتريش وبن غفير وميكي زوهار وعميحاي إلياهو ، بل هو التزاماً بقانون القومية ، قانون يهودية الدولة ، وهو قانون أساسي يُعرف "إسرائيل" كدولة قومية للشعب اليهودي ، اقره الكنيسيت في شهر تموز 2018 ، أي أن هذا هو "دستور عمل لدولة الكيان الصهيوني" وليس مجرد وجهة نظر متطرفة لهذا او ذاك من قادة الاحتلال.
_ مؤخراً أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنهم لن يسمحوا بدخول أي قوات سورية للنظام الجديد أو غيرها إلى جنوب دمشق، وذلك بالتزامن مع بناء جيش الاحتلال 7 قواعد عسكرية في العمق السوري واستمرار العدو بالتوغل براً.. برأيكم هل هذه التصريحات هي مقدمة صريحة لاحتلال الجنوب السوري؟ وإلى أين يتجه الاحتلال بتصعيده وتوغله عسكرياً في الداخل السوري؟ ولماذا لا نرى أو نسمع أي موقف للنظام السوري الجديد حيال هذا التوغل والعدوان الإسرائيلي؟ وما عواقب هذا الصمت على أمن واستقرار وثروات الدولة السورية وشعبها من جهة وعلى الأمن القومي العربي من جهة أخرى؟
بالتأكيد ، إن توغل قوات جيش الاحتلال في عمق الجنوب السوري ليس فقط مقدمة لاحتلاله، بل هو إحتلال مكتمل الأركان لأكثر من 600 كلم مربع من الأراضي السورية، وبناء 7 قواعد عسكرية فيها يعد أبرز معالم هذا الاحتلال العسكري الاستعماري، ويأتي في سياق طبيعي لتنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى" والتوسع التدريجي لبناء رأس جسر "ممر داوود" وصولاً من الجنوب السوري إلى نهر الفرات، إضافة إلى تحقيق أهداف إسرائيلية أمنية أخرى ، وفي مقدمتها رصد ومنع تشكل أنوية مقاومة سورية تهدد الكيان الإسرائيلي انطلاقاً من الأراضي السورية، التي في حال تشكلها ستحدث تغيراً جوهرياً في معادلات الصراع وموازين القوى وتقلب الطاولة على المخطط الذي أخرج سوريا مؤقتاً من محور المقاومة، فقطع الطريق على أي فرصة لنشوء مقاومة أو لعودة الأراضي السورية ممراً لدعم المقاومة اللبنانية بكل تشكيلاتها يأتي في صدر أولويات كيان الاحتلال.
إن هذا التوغل الاحتلالي يأتي أيضاً لتحقيق السيطرة على منطقة حوض اليرموك بعد جبل الشيخ والتحكم بمصدر مهم للأمن المائي للأردن وسوريا ، وتطويقاً لحدود منطقة "جلعاد" التي تشكل الجزء الشمالي الغربي من الأراضي الأردنية التي يتهددها خطر الاحتلال من الكيان الاسرائيلي ضمن أي خطة توسع احتلالي يرافق تنفيذ مخطط تهجير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية للأردن.
الملفت للانتباه أن سلطة الأمر الواقع في سوريا وحتى هذا التاريخ لم تتعامل مع هذا التوغل والعدوان الاسرائيلي باعتباره احتلالاً يهدد الدولة السورية ووحدة أراضيها ، وأن سلم الأولويات المنطقي والمنتظر يقتضي السعي لصد الاحتلال ومقاومته تحت شعار تحرير الأرض السورية المحتلة في الجولان والجنوب السوري ، وهذا لم يحدث حتى الآن ، ولا يمكن تفسير ذلك إلا بالتغاضي عن وجود الاحتلال والقبول بالأمر الوقع الذي يفرضه ، والخضوع لشروطه بجعل الجنوب السوري منزوعاً من السلاح ، والقبول بتحويله إلى منطقة عازلة لحماية الكيان الصهيوني ، تمتد إلى عمق يبعد عدة كيلومترات فقط من العاصمة السورية دمشق ، وما لذلك من تبعات أخرى ، ومن ضمنها تجريد الدولة السورية من أحد أهم مصادرها المائية (حوض اليرموك) . ولا يقتصر ذلك على أمن سوريا ، بل يمتد ليهدد الأمن القومي العربي برمته ، فالسيطرة العيانية والقدرة على التدخل المباشر تطال لبنان ووسط سوريا والأردن وصولاً إلى الحدود العراقية .
_ ما موقفكم من العدوان الأمريكي الجديد على اليمن والذي يأتي رداً على استئناف اليمن عملياته العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل الضغط على الاحتلال لرفع عدوانه وحصاره على غزة؟ وما تعليقكم على الرد اليمني السريع على هذا العدوان بقصف حاملات الطائرات الأمريكية؟ وهل تعتقدون أن هذا العدوان قد يثني اليمن عن دعمه لغزة؟وما تقييمكم لمشاركة اليمن في معركة طوفان الأقصى؟ وكيف أن هذه المشاركة شكلت منعطفاً مهماً واستراتيجياً في تاريخ الصراع العربي الصهيوني؟ وهل تعتقدون أن المكتسبات التي سجلها اليمن على ضوء هذه المشاركة تضعه في مركز متقدم على سطح المشهد العربي والدولي، كقوة إقليمية فاعلة قد تساهم في تشكيل خارطة التوازنات الإقليمية والدولية ؟
العدوان الأمريكي البريطاني الغاشم الأخير على اليمن، مؤشر ضعف وليس مؤشر قوة للمعتدين، وسيكتشف ثنائي العدوان، أمريكا وبريطانيا، حجم المأزق الذي يضعون أنفسهم فيه ، فالرد اليمني السريع والمباشر باستهداف حاملة الطائرات والقطع البحرية المرافقة لها في أقل من ٢٤ ساعة من وقوع العدوان بالأمس، يعكس إرادة القتال لدى الشعب اليمني وقواته المسلحة، ويؤكد فشل أكثر من أربعين غارة، أسماها ترامب بالمميتة، لتحييد القدرات الدفاعية اليمنية وكسرها، ويؤكد سطحية التقدير الأمريكي البريطاني في قراءة الشخصية والتراث اليمني المقاوم، الذي يزداد صلابةً وتتعاظم لديه إرادةً القتال لحماية السيادة والكرامة والحق في مقاومة كل عدوان ومعتدي. وبالتأكيد فإن هذا العدوان لن يثني اليمن عن دعم غزة، لا بل أنه سيحفز لمزيد من الدعم والاسناد، فالوفاء اليمني بالوعد الصادق ليس إلا استمراراً في بقاء القلعة اليمنية وفية إلى جانب غزة في جبهة المقاومة.
لقد شكلت الجبهة اليمنية أهم إضافة نوعية على ركني ما يعرف بمحور المقاومة في لبنان وفلسطين، ولعلها جبهة الإسناد الفعلية الأهم عربياً وإقليمياً ، لأنها تتحكم بأحد أهم المعابر المائية الدولية في المنطقة ، مضيق باب المندب ، وتتحكم بالجبهة الجنوبية لفلسطين المحتلة ، واستطاعت أن تقارع الأسطول الأمريكي البريطاني وتعطل قدرته على ضمان استمرار الملاحة لميناء إيلات الصهيوني ، وما لهذا من أثر استراتيجي في المواجهة بين محور/ جبهة المقاومة والحلف الصهيوني الامبريالي ، ولم تنجح كل جولات العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني في وقف دور الجبهة اليمنية المساندة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ، ولم تنل من قدرتها على التصعيد كماً ونوعاً.
وتعليقي الرئيسي على القرار باستئناف العمليات العسكرية والحصار على الملاحة الاسرائيلية ، بأنه يعكس أصالة وصدق وثبات موقف حركة أنصار الله والشعب اليمني إلى جانب قضية الحق الفلسطيني ، حيث رهنت قدراتها وامكاناتها ، وسخرتها انصهاراً مع مظلومية الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني ومقاومتهما ، ما يؤكد لشعوب أمتنا العربية والإسلامية ولكل جبهة المقاومة فيها أن الركن اليمني في جبهة المقاومة العربية الإسلامية أصبح راسخاً يمكن الاعتماد عليه في تغيير وجه المنطقة والإقليم والتصدي لمشاريع الهيمنة الصهيونية الامبريالية ، وتكريسها كقوة إقليمية جيوسياسية ورافعة صلبة ذات دور متصاعد ضمن محور جبهة المقاومة ، لا تواجه فقط خطر العدوان المنطلق من فلسطين المحتلة، بل تشكل نقطة تصدي للخطر الكامن من ثلاث قواعد عسكرية اسرائيلية هي الأكبر لكيان الاحتلال خارج حدود فلسطين المحتلة مقامة فوق ثلاث جزر في أرخبيل دهلك الأريتيري فوق الشاطئ الافريقي للبحر الأحمر قبالة ساحلة مدينة الحديدة ومينائها التي أقيمت لتحقيق أهداف تجسسية واستخبارية وضمان الحماية الأمنية للملاحة الصهيونية في البحر الأحمر.
_ برأيكم.. أي واقع يمكن تصوره للمنطقة في ظل كل ما يحدث هنا وهناك ، وفي ظل أيضاً كل التحركات والتحشيدات والمعطيات القائمة ؟ وكيف أن ثبات المقاومة وصمود جبهات الدعم والإسناد قادرة على فرض المعادلات والمتغيرات في المنطقة وفقاً للتطورات القائمة عموماً ولمكتسبات معركة طوفان الأقصى على وجه الخصوص؟
نحن لسنا في ظرف أصعب من ظروف النكبة عام 1948 ، ولسنا في ظروف أصعب من ظروف نكسة حزيران عام 1967 ، ولسنا في ظروف أصعب من ظروف اجتياح 1982 وخروج قوات المقاومة الفلسطينية من بيروت الى دول الشتات العربي ، نقول ذلك لأننا نمتلك مقاومة مقتدرة ومجربة اشتد عودها ، وتمتد بفعلها المؤثر من غزة والضفة جنوب لبنان وبيروت والضاحية وصنعاء والحديدة وصعدة. هذه المقاومة ، وأعني المقاومة العربية بكل مكوناتها الاسلامية والقومية واليسارية ، أصبحت حالة غير قابلة للكسر والاحتواء ، وغير قابلة للتطويع والمساومة على ثوابتها .. إنها الأمل الواقعي الممكن الذي سيحقق هزيمة المشروع الصهيوني الامبريالي الامريكي البريطاني ، وسيكون أداة تحرير ، ليس لقلسطين فقط ، بل ولكل الأرض اللبنانية والسورية التي احتلها الكيان الاسرائيلي.
انكسر العدوان الصهيوني في جبهة الجنوب اللبناني أمام المقاومة الاسلامية ، مقاومة حزب الله الوفية لنهج قائدها برغم الأثمان الباهظة ، لقد دخلت قاموس ثقافتنا ووعينا مصطلحاتٍ تشكل عنوان هذه المرحلة في صراعنا الطويل مع المشروع الصهيوني ، فتحول الطوفان إلى عنوان النهوض من تحت الركام ، وكسر الحصار ، وبناء المقاومة في أصعب الظروف ، وتحولت معارك الإسناد إلى عنوان لوحدة المسار والمصير لكل قوى المقاومة ، وها قد جددها اليمن العظيم عندما أعلن بشكل واضح ، أن عودة العدوان على غزة ولبنان ستواجه بعودته لدك الكيان بصواريخ ومسيراته وحرب بحاره ، وتحولت مواقف الصمود الفلسطيني ، صمود جمهور وحاضنة المقاومة ، ورفضها للتهجير ، وتشبثها بالأرض ، وافتراش المأوى في ظل حطام وركام البيوت المهدمة والمدمرة بفعل طائرات الاحتلال وقنابله الأمريكية . هذا قاموس لغتنا الجديد ، الطوفان والاسناد والصمود والمقاومة .
لقد انتقلت المقاومة بتماسكها وصلابتها وصبرها وحاضنتها معها ، شاء من شاء ، وأبى من أبى، إلى مربع الندية وعدم الإذعان لهذا الكيان الغاصب ومن خلفه أمريكا وبريطانيا والغرب الاستعماري ، وترسخ إدراكنا لمكامن قوتنا ، وفي مقدمتها ، تمسكنا بكرامتنا ونهج وثقافة “حقنا في المقاومة”، وقدرة مقاومتنا بمكوناتها العربية والإسلامية على فرض المعادلات والردع.
لقد كشفت المقاومة وقوى جبهتها التي انخرطت في المواجهة والإسناد مكنونات الضعف الإستراتيجي لدى العدو ، وتبين لكل ذي بصيرة أن هذا العدو تمادى في اعتقاده ، أن قدرته على البطش وقوته الغاشمة وكل مقومات التدمير التي امتلكها وتجاوزت كل حدود الإبادة ، ستمكنه من انتزاع استسلامنا واذعاننا ، وليكتشف تدريجياً ، أنه أمام خصم متمرس ، لا يستسلم ، ولا يذعن.
نحن ملح الأرض ، من اليمن العملاق ، إلى لبنان المقاومة العظيم ، إلى فلسطين المقاومة الأسطورة ، هذا الثلاثي الذهبي عصي على الكسر ، عصي على أن يُهزم ، وسيحقق التغيير ، وبرغم عظم التضحيات وارتقاء القادة الشهداء إلا أن هذه تحولت إلى عوامل تحفيز ومعاول لمزيد من البناء والاستفادة من كل الثغرات ونقاط الضعف على طريق الانتصار والتحرير.