مارس 8, 2025 - 21:32
واشنطن في حيرة: ترسانة صنعاء العسكرية تتحدى التقييمات الأمريكية



عبدالرزاق علي ـ عرب جورنال:
في تقرير يكشف عن جوانب غامضة حول قدرات صنعاء العسكرية، أقرّ مسؤول عسكري أمريكي كبير في حديثه لموقع "ذا وور زون" بأن الولايات المتحدة لم تتمكن بعد 18 شهرًا من المواجهات المتواصلة في اليمن من تحديد حجم الترسانة العسكرية التي تمتلكها صنعاء، أو كيفية استمرارها في إنتاج الأسلحة رغم الضغوط العسكرية والاقتصادية الهائلة.
التصريحات التي أدلى بها المسؤول الأمريكي تكشف حالة من الارتباك العميق داخل الاستخبارات الأمريكية بشأن القدرة العسكرية التي يملكها الحوثيون. 
فقد أشار المسؤول إلى أن واشنطن لا تزال عاجزة عن تحديد العدد الحقيقي للأسلحة التي تمتلكها صنعاء. "هناك الكثير مما لا نعرفه عن الحوثيين، إنهم مبتكرون بشكل كبير، وأحيانًا تفاجئنا بعض الأشياء التي يقومون بها مما يجعلنا في حيرة"، هذا ما صرح به المسؤول الأمريكي، ليؤكد أن الابتكار العسكري الذي أظهره الحوثيون شكل مفاجأة للقوات الأمريكية.
إحدى القضايا التي لم تتمكن واشنطن من حسمها هي مدى قدرة الحوثيين على إنتاج الأسلحة المحلية رغم الحصار الجوي المكثف والضربات المستمرة ضد منشآتهم العسكرية. فالضربات الجوية لم تفلح في وقف تصنيع الأسلحة، بل يبدو أن القوات اليمنية قد طورت إمكانيات جديدة في هذا المجال تفوق التوقعات الغربية.
ووفق التقييمات العسكرية الأمريكية، تشير التقارير إلى أن الجزء الأكبر من الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون يتم إنتاجه داخل اليمن. في حين أن صنعاء قد تحصل على بعض المكونات الأساسية من إيران أو من مصادر أخرى، فإن المسؤول الأمريكي رفض الكشف عن تفاصيل دقيقة حول تلك المكونات، مما يعكس حالة من الارتباك والاستخبارات الغامضة بشأن مصادر الإمدادات العسكرية.
هذه التصريحات تكشف أن المسؤولين الأمريكيين يواجهون صعوبة في تتبع شبكات الإمداد المعقدة التي تستخدمها صنعاء.
هذا الغموض يعكس بشكل واضح عجزًا استخباراتيًا، فحتى مع المحاولات المستمرة لاختراق هذه الشبكات وشن الضغوط على الإمدادات، فإنها لا تزال تحتفظ بقدرة كبيرة على إنتاج الأسلحة محليًا.
ورغم الجهود العسكرية الهائلة التي بذلتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من خلال شن العديد من الضربات الجوية ضد مخازن الأسلحة والمنشآت العسكرية في اليمن، فقد أقرّ المسؤول العسكري الأمريكي أن هذه الهجمات لم تتمكن من تغيير القدرة الإنتاجية لصنعاء. "لن أقول إننا غيرنا قدرتهم على الإنتاج، لأن هناك الكثير من الأمور المجهولة حتى الآن"، هذا ما صرح به المسؤول، لافتًا إلى أن المجهودات العسكرية الأمريكية لم تؤثر على سرعة تطور الصناعات العسكرية في اليمن.
أحد الجوانب الهامة التي أشار إليها المسؤول الأمريكي هو فشل استراتيجية "الضغوط القصوى" التي اتبعتها الولايات المتحدة ضد صنعاء منذ انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران في 2018. ورغم التصعيد العسكري والدبلوماسي، بما في ذلك تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، إلا أن هذه الضغوط لم تُجْدِ نفعًا في تقليص قدرة صنعاء العسكرية أو كسر إرادتها.
ما يكشفه هذا الفشل هو أن الضغوط العسكرية والسياسية لم تحقق النتائج المرجوة، بل على العكس، أظهرت صنعاء قدرة فائقة على استدامة الجهد الحربي وإنتاج الأسلحة محليًا، مما يعكس تفوقًا غير متوقع في قدرة الدفاع المحلية.
وأشار المسؤول العسكري الأمريكي إلى أن صنعاء أصبحت تمثل "الاستثناء الوحيد" بين فصائل المقاومة المدعومة أو الحليفة لإيران في المنطقة، في إشارة إلى استمرار قوتها العسكرية رغم الضغوط الخارجية. بينما شهدت فصائل مثل حزب الله في لبنان وحركات المقاومة في العراق تراجعًا في أنشطتها بسبب الضغوط العسكرية والاقتصادية، لا تزال صنعاء تواصل نشاطها العسكري بشكل فعال في مواجهة التحالف العربي بقيادة السعودية.
هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، حيث أكدت صنعاء في الآونة الأخيرة استعدادها لاستئناف عملياتها العسكرية ضد إسرائيل في حال انهيار اتفاق الهدنة في غزة، مما يعكس جاهزيتها العسكرية العالية. كما أن هذه التهديدات تضع واشنطن في مأزق كبير، حيث يعكس ذلك استمرار التحدي العسكري الذي تمثله صنعاء في المشهد الإقليمي.
وتكشف اعترافات المسؤول العسكري الأمريكي عن حالة من العجز والارتباك في التعامل مع صنعاء، التي تبدو قادرة على الاستمرار في تطوير قدراتها العسكرية رغم التحديات الهائلة.
ورغم الحصار الجوي المستمر والضغوط العسكرية، فإن اليمن استطاع بناء بنية عسكرية معقدة وفعالة، وهو ما يضع الولايات المتحدة في موقف صعب، خاصة وأن صنعاء تواصل التأكيد على قدرتها على التأثير في المشهد الإقليمي من خلال تطوير صناعاتها العسكرية الداخلية.
ويمكن القول إن صنعاء قد نجحت في أن تكون لاعبًا رئيسيًا في المنطقة رغم الحصار المستمر، مما يسلط الضوء على فشل الاستراتيجيات الأمريكية في احتواء هذه القوة.
وفي ضوء هذه التحديات، قد تضطر واشنطن إلى إعادة النظر في استراتيجيتها تجاه اليمن وحلفائه في المنطقة، خصوصًا مع استمرار التطورات العسكرية والميدانية التي تظهر قدرة صنعاء على مواجهة الضغوط الغربية.

خلاصة:
تُظهر اعترافات المسؤول العسكري الأمريكي أن صنعاء أصبحت أحد الألغاز التي لم تتمكن واشنطن من حلها، حيث تواصل تطوير قدراتها العسكرية داخليًا وتستمر في تحدي الضغوط الخارجية.
إن قدرة اليمن على الصمود أمام هذه الضغوط تجعلها أحد العوامل المؤثرة في الصراع الإقليمي، مما يشير إلى أن مستقبل المواجهات في المنطقة سيظل مشوبًا بالتعقيدات العسكرية والسياسية.