
في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال" عضو مجلس النواب العراقي، حسن فدعم الجنابي، للوقوف عند آخر وأبرز التطورات والمتغيرات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة على وقع الطوفان الهائج في ظل محاولات الإسرائيلي إفشال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والعودة إلى التصعيد. ويسلط الحوار الضوء على الإصرار الأمريكي على ترويج مخطط تهجير أبناء الشعب الفلسطيني من غزة واحتلال القطاع، رغم التنديد والرفض الدولي الواسع لهذا المخطط، ومناقشة أبعاد ومآلات المخطط الأمريكي ومدى إمكانية تنفيذه على أرض الواقع، خاصةً بعد إعلان الأردن ومصر رفضها أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو احتلال أجزاء جديدة من الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما يناقش الحوار تداعيات التصعيد الجديد الذي يقوم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنطقة بشكل عام. ويتطرق الحوار للجبهة اليمنية المساندة لغزة التي نجحت في فرض معادلتها العسكرية رغم التحديات والإعتداءات الأمريكية البريطانية الإسرائيلية.
عرب جورنال/ حوار / حلمي الكمالي
الموقف اليمني الشجاع المساند لغزة كان موقفاً عظيماً وكبيراً وصادقاً، واستطاع اليمن أن يكون أحد أهم عناصر النجاح في هزيمة الكيان الصهيوني خلال معركة طوفان الأقصى
الحصار اليمني على الملاحة الإسرائيلية شكلَ ضغطاً كبيراً أدى إلى استسلام الكيان الصهيوني، وإلى وقف العدوان على غزة، وساهم في فرض المقاومة الفلسطينية شروطها، وقد كان من الأسباب الناجحة والكبيرة التي تحقق فيها النصر الفلسطيني في غزة
القوات المسلحة اليمنية هزمت الأساطيل الأمريكية والبريطانية وضرباتها ضد البوارج وحاملات الطائرات أذلَ الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما
الشعب اليمني المحاصر انتفض ليقف إلى جانب غزة بإمكانياته البسيطة، بينما عجزت الدول والأنظمة التي تمتلك الجيوش والطائرات والصواريخ والإمكانات الهائلة، من أن تُخرج مظاهرة واحدة في شوارعها تضامناً مع غزة
نستبعد عودة الحرب مرة أخرى سواءً في غزة أو في المنطقة، فكل الظروف لا تشير إلى ذلك، وما يحدث من تصعيد وضغوط هي ضغوط من أجل المفاوضات
المقاومة توسعت وكبرت يوماً بعد يوم، وكلما زاد عدوان وعنجهية وإجرام الكيان الصهيوني، كلما توسعت المقاومة واتسعت وشملت محوراً كاملاً في وجه هذا الكيان، وزاد أيضاً صمود الشعب الفلسطيني، وازدادت عزيمته
مشروع ترامب لتهجير أبناء غزة هو مشروع فاشل، وولد ميتاً، ولا يمكن تحقيقه بعد أكثر من عام ونصف من حرب الاحتلال على القطاع، وفشله في تحقيق أهدافه في هذه الأرض الصامدة، وهذه المشاريع ستتحطم على صخرة صمود الشعب الفلسطيني وإسناد جبهات المقاومة
مخطط ترامب جاء لإعادة ماء الوجه المسكوب لنتنياهو وحكومته المجرمة.كما جاء لابتزاز الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني، لتعلم هذه الدول المطبعة أن عنجهية الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لا ينفع معها تطبيع ولا ينفع معها إقامة علاقات وأنهم غير مؤتمنين
القضية الفلسطينية لا تُحل بإقامة دولة فلسطينية على أراضي محددة فقط، بل باستعادة كامل الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهذا هو المطلب الأول والأخير، ولن يتحقق سواه، والكيان الصهيوني المؤقت إلى زوال
توقيع ترامب على قرار يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، هو مرسوم فارغ من محتواه، وليس له قيمة ولن يؤثر في إيران، وقد جاء القرار من أجل إثبات أن لديه خطوات تصعيدية ضد طهران
_ ماهو تعليقكم على التطورات والمتغيرات القائمة على وقع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع رفض الاحتلال تنفيذ بنود الإتفاق، وتهديداته بالعودة إلى الحرب السبت المقبل في حال لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين؟ وهل تعتقدون أن الجولة الثانية من الحرب باتت قريبة؟ وأي تداعيات لانفجار الحرب مجدداً في غزة، على فلسطين من جهة وعلى المنطقة والإقليم من جهة أخرى؟ وبماذا تصفون صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في قطاع غزة وانتصارهم رغم كثافة العدوان الصهيوني وتفاقم المؤامرات والتكالب الأمريكي الغربي العربي المشترك؟
استبعد عودة الحرب مرة ثانية سواء في غزة أو في المنطقة، فكل الظروف لا تشير إلى عودة الحرب. نعم هناك تصعيد وضغط نستطيع أن نعتبره ضغط من أجل المفاوضات. ضغط عالي بتهديدات من الطرفين.
لكن بالنتيجة ستدخل بعض الأطراف الدولية لاستكمال بقية مراحل تبادل الأسرى والاتفاق الحاصل بين حماس والكيان الصهيوني.
لا توجد مؤشرات على إعادة الحرب، خاصة بعد انسحاب الكيان الصهيوني من محور نتساريم ومحور الشمال، ولم تعد هناك قوات داخلية. إضافة إلى أن المقاومة أيضاً اشتعلت عافيتها في هذه الفترة، ولا شك أنها استطاعت أن تعيد جهوزيتها. وحالياً لا توجد خطة أمريكية لفتح جبهات في منطقة الشرق الأوساط بشكل عام.
بالنسبة لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، فليس بجديد، فالشعب الفلسطيني لديه مواقف سابقة وانتفاضات عديدة في مواجهة الاحتلال الصهيوني. حيث بدأت هذه المقاومة بالحجارة، ثم تطورت للاشتباك، ثم تطورت إلى أن أصبحت تخوض مواجهة عسكرية بالصواريخ.ثم بات هناك جبهات دعم وإسناد، ومحور مقاومة.
المقاومة توسعت وكبرت يوماً بعد يوم، وكلما زاد عدوان وعنجهية وإجرام الكيان الصهيوني، كلما توسعت هذه المقاومة واتسعت وشملت محوراً كاملاً في وجه هذا الكيان، وزاد أيضا صمود الشعب الفلسطيني، وازدادت عزيمته.
نحن أمام جيل لديه معجزة في الصمود بفضل الله تعالى، وما حصل في غزة هو معجزة وأسطورة للصمود والقتال والمواجهة.
في غزة يفقد الأب أبناءه ويفقد الإبن أبوه وإخوانه وجميع أسرته وهو صامد. كما يقاتل عبر ظروف معقدة وصعبة جداً. وهذا دليل على أن الشعب الفلسطيني شعب حي، ومقاومته مقاومة حية متجذرة في نفوس هذا الشعب. أتوقع أن هذه المقاومة سوف تزداد وتتسع. وأن المشروع الصهيوني الأمريكي سيتحطم على صخرة الشعب الفلسطيني.
الأمة الإسلامية والعربية، كشعوب وحاضنة، لديها تطور ملفت وكبير تجاه القضية الفلسطينية. وعلى سبيل المثال، الشعب العراقي انضم إلى هذه المعركة وكان مؤيداً دائماً للمقاومة، ووقف إلى جانب الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني.
الشعب الإيراني المسلم شعب حي ويقف ويدعم هو وحكومته ونظامه السياسي، المقاومة الفلسطينية، ويقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم.
الشعب اللبناني ومقاومته أيضاً، وقفوا وساندوا وقدموا كبار الشهداء القادة وفي مقدمتهم سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، واستمرت معركة الإسناد إلى آخر يوم، وهذا صمود نوعي.
وكذلك موقف الشعب اليمني والحكومة اليمنية والقيادة اليمنية، وهو موقف استثنائي وبارز أكبر من أن نتحدث عنه، حيث ساهم الشعب اليمني بمظاهرات أسبوعية مليونية، والتي تنطلق في ساحات وشوارع اليمن في كل يوم جمعة، وتثبت للعالم أجمع أن هذا الشعب شعب حي ويقف إلى جانب المظلومين.
وكذلك الصواريخ اليمنية والمسيّرات اليمنية والعمليات البحرية التي في الحقيقة أذهلت العالم وأرعبت الكيان الصهيوني.
هذا ما حدث من جبهات الدعم والإسناد، وأتوقع أن ما حصل من هزيمة للكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه، هو خير دليل على قوة هذا الشعب وقوة هذه المقاومة.
_ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نيته السيطرة على غزة، بالتزامن مع إصراره لتهجير أبناء القطاع، رغم الرفض العالمي الواسع لهذا المخطط .. ما دوافع هذه الخطوة برأيكم؟ وإلى درجة يمكن تنفيذها في ظل المعطيات والتطورات القائمة ورفض دول الجوار الفلسطيني؟ وهل هي مقدمة لاحتلال القطاع رسمياً؟ وما تداعياتها على الوجود الفلسطيني بشكل عام؟ وكيف يمكن للشعب الفلسطيني ومقاومته ومحور المقاومة مواجهة هذه التحركات الأمريكية الإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية والتي تأتي أيضاً في ظل تحركات أمريكية لدعم ضم الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني؟
أعتقد أن مشروع ترامب لتهجير أبناء قطاع غزة، هو مشروع فاشل، وولد ميتاً، فبعد أكثر من عام ونصف من حرب الاحتلال على قطاع غزة، لم يستطع الكيان الصهيوني تحقيق أهدافه في هذه الأرض الصامدة.
المشروع الامريكي جاء لإعادة ماء الوجه المسكوب لنتنياهو وحكومته المجرمة. كما جاء لابتزاز دول المنطقة المطبعة مع الكيان الصهيوني، لتعلم هذه الدول المطبعة أن عنجهية ترامب والولايات المتحدة وعنجهية الكيان الصهيوني لا ينفع معها تطبيع ولا ينفع معها إقامة علاقات، وهم غير مؤتمنين وغير مأمونين، فهم يريدون اليوم القضاء على القضية الفلسطينية، وبالتالي سيتحولون بإتجاه الأردن وإلى السعودية وإلى مصر، وتستمر الأطماع الصهيونية في الوطن العربي والمنطقة، ولن يقفوا عند حد. وكل ما استولوا على أرض ازدادت أطماعهم بالأراضي الأخرى.
مشروع ضم الضفة للكيان الصهيوني، أو استيلاء الأمريكي على غزة، هذه أحلام. وستتحطم هذه الأحلام على صخرة صمود الشعب الفلسطيني وإسناد جبهات المقاومة. فالمنطقة بعد 7 أكتوبر ليست كما كانت قبل 7 أكتوبر.
معركة طوفان الأقصى كشفت للعالم أجمع هزالة وضعف هذا الكيان، وكيف استطاع بضعة آلاف من المقاومين بامكانيات بسيطة بلا دعم دولي وبلا دعم إلكتروني وبلا أقمار صناعية أو دبابات أو صواريخ؛ تحطيم صورة جيش الاحتلال الاسرائيلي، والسيطرة على مواقع عسكرية مهمة خلال ساعات واقتياد المئات من جنود الاحتلال أسرى كالاغنام وقتل الآلاف منهم في عملية بطولية استغرقت ساعات. فكيف بهم إذا اصبح هناك طوفان أو هجوم آخر.
أعتقد أن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة أعجز من أن يحققون مشروع كبير كهذا يمتنع العالم أجمع بالموافقة عليه. ويرفضه المحيط العربي والاقليمي في القاطع.
لذلك، فإن مخطط ترامب هو مجرد ابتزاز لدول المنطقة ولا يمكن تحقيق هكذا مشروع في الوقت الحاضر.
_ مؤخراً شدد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على رفضه إقامة دولة فلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ملوحاً لإقامة دولة فلسطينية في السعودية، ومشيراً إلى أن "حديث السعودية عن شرطها بوجود دولة فلسطينية انتهى ولن يحصل".. ما تعليقكم؟ وأي رسالة يوجهها الكيان الصهيوني لدول التطبيع التي تلهث لإقامة علاقات مع هذا الكيان المحتل الذي يتهدد وجودها أولاً كما يتهدد الوجود الفلسطيني؟ ولماذا على العرب اليوم أن يتحدوا لمواجهة الهيمنة والمشاريع الأمريكية الصهيونية؟
بالتأكيد، الولايات المتحدة وحكومة الاحتلال الصهيوني، تحاولا دائما التصعيد في سقف طموحاتها في سبيل بث روح العجز لدى الدول المطبعة ولدى الضعفاء والجبناء من أبناء الأمة العربية والإسلامية مع الأسف.
لكن هذه المشاريع دائما ما تلقى الفشل، لأن هناك محور مقاومة واعي يتابع الأحداث، ويتعاطى معها بطريقة مناسبة.
وللعلم أن إقامة دولة فلسطينية وحل الدولتين، هو مشروع أمريكي، ولم يتحقق هذا المشروع بسبب عنجهية الكيان الصهيوني. والآن المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة، هما من يقرر كيف ستعالج مشاكل المنطقة وكيف ستحل القضية الفلسطينية.
القضية الفلسطينية لا تحل بإقامة دولة فلسطينية على أراضي محددة فقط، بل باستعادة كامل الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهذا هو المطلب الأول والأخير، ولن يتحقق سواه. وهذا ما سيتحقق، وسوف يكون الكيان الصهيوني المؤقت إلى زوال.
_ ما دوافع توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي في هذا التوقيت بالذات ؟ وهل هذا التصعيد الأمريكي الجديد من نوعه يأتي في سياق التحضير للهجوم عسكرياً على إيران أم في سياق الضغوط على طهران للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين؟ وأي تأثيرات لأي تصعيد أمريكي ضد إيران بالنسبة للعراق؟ وإلى أين يمكن أن تذهب قرارات ترامب وسياساته الفجة والمتغطرسة والمتماهية مع أطماع الاحتلال الإسرائيلي بالمنطقة بشكل عام؟ وهل يمكن أن تقود هذه القرارات إلى تفجير الأوضاع وربما لحرب كبرى في المنطقة من وجهة نظركم؟
أعتقد أن ترامب وتوقيعه على قرار يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، هو مرسوم فارغ وتوقيع فارغ من محتواه، وليس له قيمة لأسباب عدة.
السبب الأول، أن الإيرانيين أعلنوا منذ سنين أنهم لا يسعون إلى الحصول على سلاح نووي، وهم ليسوا بحاجة إلى سلاح نووي. وأن الشريعة الإسلامية وفق مذهب آل البيت عليهم السلام، لا يتيح لهم تصنيع السلاح النووي، وهذه عقيدة دينية. ولا توجد مرجعية دينية لدى الشيعة تجيز استخدام الأسلحة النووية فضلاً عن تصنيعها.
وهذا المرسوم الأمريكي جاء فقط من أجل إثبات أن لديه خطوات تصعيدية ضد إيران. وهذا ليس بجديد ولن يؤثر على إيران كونها غير معنية بتصنيع السلاح النووي.
كان ترامب يتحدث في بداية الأمر عن تصعيد عسكري وهجوم عسكري على إيران ثم يتحدث عن عقوبات قاسية، ثم جاء ليحفظ ماء وجهه المسكوب بتوقيع مرسوم ليس له أي قيمة، والإيرانيين ماضيين في برنامجهم النووي السلمس حسب ما يصرحون.
البرنامج النووي السلمي المتعلق في الصناعة وغيرها، وهذا حق طبيعي للشعوب، وحق طبيعي للدول أن تتقدم وتتطور، وأن تصنع ما تحتاجه من المستلزمات الصناعية والزراعية وغيرها في بلدانها.
الحصار على إيران بسبب البرنامج النووي، هو حصار على الاقتصاد وحصار على التنمية، على الرغم من أن الطاقة النووية الآن تعتبر من الطاقة النظيفة في العالم والتي يفترض أن تمتلكها الدول لتوفر احتياجاتها إلى شعوبها. لكن الغطرسة الأمريكية تحاصر إيران، لأنها دولة ممانعة، وليست تحت الهيمنة والسيطرة الأمريكية، ولو كانت هناك حكومة أخرى غير الحكومة الحالية في إيران، أي حكومة مطبعة مع الكيان الصهيوني أو مطبعة مع أمريكا لسمح لها بتصنيع السلاح النووي والعمل بالطاقة النووية.
_ خلال مساندتها لغزة.. نجحت القوات المسلحة اليمنية في فرض معادلتها العسكرية البحرية بعد تمكنها من فرض حصاراً خانقاً على السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، والذي استمر حتى إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وهو الشرط الذي وضعته في مستهل مشاركتها في معركة طوفان الأقصى.. بماذا تصفون هذا النجاح الإستراتيجي الذي يأتي رغم كثافة التحديات والتهديدات الأمريكية الغربية؟ وما الذي حققته الجبهة اليمنية على مستوى دعم موقف وحضور المقاومة على الصعيد الإقليمي والدولي بعد نجاحها في هزيمة الأساطيل الأمريكية والبريطانية؟ وبرأيكم ماذا جسدت العمليات اليمنية العراقية المشتركة خلال المعركة؟
في الحقيقة، الموقف اليمني يحتاج إلى حلقة كاملة للحديث عنه. فهذا الموقف اليمني الشجاع المساند لغزة، كان موقفاً عظيماً وكبيراً وصادقاً، ودعم القضية الفلسطينية بإخلاص، واستطاع أن يكون أحد أهم عناصر النجاح في هزيمة الكيان الصهيوني.
اليمن لم يكتفي بالمظاهرات الشعبية، ولم يكتفي بالمسيّرات التي يطلقها على عمق الكيان الصهيوني، ولم يكتفي بصواريخ فلسطين واحد وفلسطين2، العابرة لهذه المسافات البعيدة والدقيقة في الإصابة، ولم يكتفي أيضاً بالمعارك الواسعة التي خاضها في البحر مع كبرى الأساطيل الأمريكية والبريطانية.
وكذلك الحصار الخانق الذي فرضه على الكيان الصهيوني، والذي أوقف الآلاف من الشركات والاستثمارات في الكيان الصهيوني، وأوقف أهم وأبرز الموانئ الصهيونية، واستطاع هذا الحصار أن يفرض على الكيان الصهيوني ضغطاً كبيراً، أدى بالنتيجة إلى استسلام الكيان الصهيوني، وإلى وقف العدوان على غزة، وساهم في فرض المقاومة الفلسطينية شروطها. وقد كان من الأسباب الناجحة والكبيرة التي تحقق فيها النصر الفلسطيني، ونصر غزة؛ هو الحصار الكبير الذي فرضه اليمنيون على الكيان الصهيوني.
أيضاً الموقف اليمني لديه إيجابيات أخرى، حيث فضح زيف عدم القدرة على ضرب البوارج الأمريكية، وعدم جرأة أي دولة في العالم على ضرب البوارج الحربية وحاملات الطائرات الأمريكية، حيث استطاعت القوات المسلحة اليمنية أن تصل إلى هذه البوارج وحاملات الطائرات والأساطيل الأمريكية والبريطانية وتضربها وتدكها وتهزمها في عرض البحر، وتهزم دفاعاتها الجوية، وهذا نصر كبير لليمنيين، وخسارة وخذلان وإذلال كبير للولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما.
ومن الإيجابيات الأخرى التي فرضها اليمن في هذه المعادلة، أنه كشف للعالم عن جبن وتخاذل البلدان العربية والإسلامية من نصرة غزة.
فالشعب اليمني الأعزل والمحاصر بعد أن فرضت عليه حرب لعدة سنوات من أشقائه، لكنه انتفض ليقف إلى جانب غزة بامكانياته البسيطة، بينما عجزت هذه الدول والأنظمة التي تمتلك الجيوش والطائرات والصواريخ والإمكانات الهائلة، المالية وغيرها، من أن تُخرج مظاهرة واحدة في شوارعها، بل ذهبت الأنظمة إلى منع المتظاهرين ومنع شعوبهم من التظاهر دعماً لغزة، ولم تساهم هذه الدول والأنظمة إلا في دعم الكيان الصهيوني وتمرير السلاح له عبر أراضيهم وعبر مياههم الإقليمية.
هذه الدول والأنظمة كُشفت وفُضحت أمام العالم من خلال الصمود اليمني ومن خلال الموقف اليمني الكبير.
نسأل الله تعالى أن يحفظ قادة اليمن وشعب اليمن ومقاتلي اليمن، وصمود اليمنيين، هذا الصمود الأسطوري الكبير. نسأل الله تعالى أن يحفظهم ويديم توفيقهم وأن يعز الإسلام بهم، وأن يبقوا على هذا النهج الصادق والصحيح في الوقوف إلى جانب المظلومين والمستضعفين في العالم.