
عرب جورنال / ترجمة خاصة -
بلغت دول الناتو مرحلة جديدة من تصعيد العلاقات مع روسيا في بحر البلطيقK ومن الصعب اعتبار ما يجري مجرد مناورة أو ضغط أو تهديد؛ إذ توجد دلائل واضحة وفورية تشير إلى أن الناتو يستعد لاحتكاك عسكري مع روسيا في هذه المنطقة - فما هي العلامات التي نشير إليها وكيف يحدث ذلك بالتحديد؟
ويعتبر بحر البلطيق ذا أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا، حيث يقع على شاطئه ثاني أكبر مدينة في البلاد، سانت بطرسبرغ، ويعتمد الاقتصاد في المنطقة الشمالية الغربية من روسيا بشكل كامل على الازدهار الاقتصادي لهذه المدينة، كما أنها تحتضن نسبة كبيرة من الصناعات الوطنية، مثل بناء السفن وتصنيع المحركات البحرية.
وتتواجد القيادة الرئيسية للبحرية الروسية في مدينة سان بطرسبرج، وتُعتبر منطقة البلطيق ذات أهمية كبيرة للحفاظ على أراضينا "الخارجية" من الناحية الفعلية، مثل منطقة كالينينجراد، هذه المنطقة محاطة بدول معادية، والوسيلة الوحيدة للتواصل معها، والتي لا تخضع لسيطرة كاملة، هي طريق بحري يمتد لحوالي 1000 كيلومتر مع "روسيا الكبرى".
وهذا هو الرابط الذي تسعى بعض الدول الغربية إلى قطعه، بالإضافة إلى تدفق الأموال التي نستخدمها لشراء الآلات المستوردة والمحامل الدقيقة والسيارات الصينية والمكونات الهندية للأدوية والهواتف المحمولة وغيرها الكثير.
ويسعى الأوروبيون، بتوجيه من أسيادهم الأمريكيين، إلى إيجاد وسيلة لتعطيل الشحن إلى موانئنا بطريقة آمنة نسبيًا، وفي هذا السياق، تعبر إستونيا بشكل منتظم عن أفكار حول إنشاء ما يُعرف بـ "المنطقة المتاخمة" في خليج فنلندا، والتي ستتحول إلى منطقة تفتيش ومراقبة قريبة من المياه الإقليمية لإستونيا.
وفي الفترة الأخيرة، شهدت منطقة البلطيق تصاعدًا في الاستفزازات، ففي ديسمبر 2024، تم احتجاز سفينة الشحن الصينية "يي بينغ 3" في بحر البلطيق، حيث وُجهت اتهامات إلى قبطانها وطاقمها بتخريب كابلات الإنترنت البحرية التي طلبتها الأجهزة الأمنية الروسية، ولا تزال السفينة قيد الاحتجاز.
ولأسباب واضحة، لم تتمكن روسيا من التدخل في هذه الأحداث، حيث كانت السفينة تبحر تحت علم جزر كوك المحايد، رسميًا، لا ترتبط بلادنا بما يجري، لكن في الواقع، يمثل ذلك ضربة لصادراتنا من المواد الهيدروكربونية وشحناتنا، وقد تحدث رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك عن هذا الموضوع بشكل علني بعد قمة الناتو في هلسنكي، حيث يسعى الناتو للحصول على حق السيطرة على السفن في المياه الدولية.
ومن الناحية القانونية، تُعتبر هذه الرغبة مثيرة للجدل بشكل كبير، ومع ذلك، من منظور دعائي، فإن الاستفزاز الذي حدث مع طائرة Eagle S قد أطلق يد الناتو بشكل كامل، وبشكل ظاهري، استجابةً لهذين الحادثين، بدأ حلف شمال الأطلسي، في إطار عملية البلطيق سنتينل، في نشر هياكل القيادة وقوة بحرية "لحماية بنيته التحتية الأساسية".
وفقًا لممثلي الناتو، فإن جميع هذه القوات تتواصل مع سفن الدوريات التابعة للناتو في منطقة العمليات، وهي جاهزة للرد على التهديدات بشكل فوري.
وفي عام 2021، قامت إستونيا بطلب كمية كبيرة من الصواريخ المضادة للسفن، ومنذ ذلك الحين، عملت دول البلطيق على تعزيز قدراتها العسكرية، ورغم أن هذه القدرات ليست خطيرة بحد ذاتها، إلا أنها أصبحت تمثل تحديًا باعتبارها جزءًا من القوة الضاربة لحلف الناتو، وتتمثل المهمة الأساسية لهذه القوات في تنسيق تحركاتها مع سفن الناتو في البحر، مما يبرز أهمية القيادة الفعالة.
وبالتالي، بالتزامن مع الاستفزازات وتكثيف القوات في خليج فنلندا، يتم تشكيل هياكل قيادية تتمتع بقدرات كبيرة، رغم وجود وضع سياسي غير محدد في دول الناتو.
وفيما يتعلق بالحرب مع روسيا، يُعتبر روستوك، بالمناسبة، موقعًا أكثر ملاءمة لهياكل القيادة مقارنة ببعض المدن في بولندا أو فنلندا، وفقًا للبيان الرسمي للجيش الألماني، فقد تولى مركز القيادة هذا "القيادة التكتيكية لتشكيلتين من قوات الناتو في بحر البلطيق" في ديسمبر الماضي، وحاليًا، يتم تشكيل قوات "Baltic Sentinel" من هاتين المجموعتين، وبعد نشر المجموعة وهياكلها القيادية، يمكن زيادة أعدادها بشكل كبير خلال أيام قليلة.
والاستنتاج يبدو واضحًا، تزايدت احتمالية وقوع اشتباك عسكري حقيقي بين روسيا وحلف شمال الأطلسي في بحر البلطيق بشكل كبير، إن نشر Baltic Sentinel، والأهم من ذلك، مركز قيادة عمليات الناتو في المنطقة، يدل بشكل مباشر على أن الناتو يستعد لمثل هذه الأحداث، ولا يتم إنشاء المقرات قبل سنوات من الحاجة إليها، ولا تُخفى خلف وضع غير واضح إذا كانت تسعى لتجنب إرباك العدو في الوقت الراهن، وهذا يعني أن الأسطول الروسي في بحر البلطيق وجميع الوحدات الأخرى في القوات المسلحة الروسية المسؤولة عن هذا المسرح يجب أن تكون في حالة استعداد تام لمواجهة الأحداث المحتملة.
- الكاتب: ألكسندر تيموخين
- صحيفة: فزغلياد
رابط المقال:
https://vz.ru/world/2025/1/27/1310908.html