
في حوار خاص تستضيف عرب "جورنال" نائب رئيس الحزب العربي الديمقراطي الناصري المصري، أحمد حسين، للوقوف عند آخر وأبرز التطورات السياسية والعسكرية الساخنة في المنطقة، وعلى رأسها مخاطر استمرار العدوان الصهيوني على سوريا وما يرافقه من توغل بري في مناطق إستراتيجية جنوب البلاد. ويناقش الحوار مآلات ظهور المخططات الإسرائيلية الأمريكية التمزيقية بموضوح على المشهد، والتي تستهدف كل الشعوب العربية والإسلامية دون استثناء، وما إذا كان الأعداء يتجهون لفرض "سايس بيكو" جديدة وتشكيل ما يسمى بـ"حلف الاقليات" الذي يدفع به الإسرائيلي لمزيد من التوغل في المنطقة، وتحقيق أطماع "إسرائيل الكبرى". كما يناقش أهمية استمرار الضربات اليمنية ضد الكيان الصهيوني والملاحة الإسرائيلية رغم الإعتداءات الإسرائيلية الأمريكية.
عرب جورنال/ حوار / حلمي الكمالي
جبهة الإسناد اليمنية مدهشة بكل معنى وأسطورة بكل مقياس، فاليمن ليس في مواجهة العدو الصهيوني وحده، بل هو في قلب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة أقوى أسطول بحري في التاريخ
المقاومة اليمنية قدمت دروساً في البسالة والتضحية سيتوقف عندها التاريخ كثيراً، وستصبح إلهاما لكل الساعين للتحرر من الهيمنة والغطرسة الأمريكية على مستوى المنطقة والعالم
اليمن قادر على ردع أي عدوان صهيوني أمريكي أو وكلائهما في التحالف السعودي الإماراتي، وما فشل التحالف السعودي الإماراتي في تحقيقه خلال عدوانه المستمر منذ أكثر من 9 سنوات؛ لن يتحقق اليوم تحت مظلة الكيان الصهيوني
العداء الذي يكنه الكيان الصهيوني للعرب والمسلمين يتعدى محور المقاومة إلى باقي الدول العربية، ولا أستبعد أن يفتح العدو جبهة جديدة ضد مصر أو الأردن الذي فيها تواجد فلسطيني كثيف على حدود الكيان الغربية
"إسرائيل الكبرى" وهم صهيوني كبير تبدد منذ الـ7 من أكتوبر، وما تلقته جبهات المقاومة من ضربات موجعة خلال معركة طوفان الأقصى، لا يضعف موقفها أو حضورها، وما تزال أسطورة المقاومة مستمرة
كل اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ إتفاقية العار المسماة "كامب ديفيد" وما تلاها من مبادرات تطبيع عربي، لم تُغيّر من حقيقة يؤمن بها غالبية الشعب العربي عموماً والمصري خصوصاً؛ أن صراعنا مع هذا العدو هو صراع وجود وليس صراع حدود
ما حدث في سوريا ليس سقوط لنظام الأسد، بل سقوط للدولة السورية بمؤامرة صهيونية غربية حتى تصبح سوريا بلا درع أو سيف أو خط إمداد للمقاومة، وتسقط من الحسابات العسكرية للعدو الصهيوني في أي مواجهة مع أي جبهة أخرى في المستقبل القريب
_ ما تعليقكم على ما يحدث اليوم من متغيرات دراماتيكية وخطيرة في سوريا ؟ برأيكم ما دوافع إقرار حكومة الاحتلال خطة لتعزيز وتوسيع الاستيطان في مرتفعات الجولان السوري المحتل؟ وهل يسعى الكيان عبر هذه الخطوة التي تتزامن مع عدوان جوي وتوغل بري واسع في الأراضي السورية، لاستقطاع أراضي من سوريا وتثبيت نقاط لاحتلالها رسمياً ؟ وما عواقب هذه الخطوة إن حدثت على أمن واستقرار سوريا والمنطقة بشكل عام خاصة بعد تدمير مقدرات الدولة السورية الحيوية والعسكرية؟
بخصوص ما يحدث في سوريا :
أولا أحب أن أوضح إننا وطوال عقود نناضل ضد كل أنظمة الإستبداد والتفريط والتبعية، ولا يمكن أن يزايد علينا أحد في هذا الميدان، وكنا ومن نمثلهم في مصر في الصفوف الأولى لثورة يناير ٢٠١١ على نظام مبارك المخلوع، وكذلك في الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ عندما ثار الشعب المصري على نظام جماعة الإخوان.
ولكننا ندرك في ذات الوقت ما يحاط بنا من أخطار وما يُدَّبر لنا من مكائد من العدو الأول لوطننا وأمتنا العربية العدو الصهيوني وحاضنته الأمريكية والأوروبية، ومن هنا يبرز خطورة ما حدث في سوريا حيث تعدى فكرة الثورة والخلاص من نظام الأسد، إلى التضحية بوطن بأكمله يشكل بحكم موقعه الفريد وموقفه الداعم للمقاومة وشريان إمدادها الأهم الممتد لعقود، يشكل درع من دروع الأمة أمام المشروع الصهيوني الغربي، وتتجلى المأساة في دقة إخراج المشهد السوري بدعم وتخطيط وتمويل تركي أمريكي صهيوني وتنفيذ قوى رجعية ظلامية إرهابية أتت من كل أصقاع الأرض.
ومن المفارقة أن هذه الجماعات التي تلقى الدعم الأمريكي اليوم هي من وضعتها أمريكا والإتحاد الأوروبي على قوائم الإرهاب بالأمس!!!! ، وعند لحظة إلتقاء مصالح المشروع الأمريكي مع هذه الجماعات خرج علينا المسؤولين في الإدارة الأمريكية والغربية بدعوى إعطاء هذه الجماعات فرصة ليقدموا شهادة ميلاد جديدة بحسن السير والسلوك ودخول سورية في بيت الطاعة الأمريكي، وحامية لحدود الكيان الصهيوني، وتصبح خنجر في خاصرة الأمة ومشروعها القومي العربي، وفي القلب منه المقاومة والقضية الفلسطينية.
وتأكيدا لما سبق، فقد قام العدو الصهيوني بعد مساهمته في إسقاط نظام الأسد بساعات، بشن أكثر من خمسمائة غارة جوية دمرت كل مقدرات الجيش العربي السوري الذي هو ملك الشعب السوري وليس نظام الأسد، لتصبح سورية بلا درع أو سيف أو خط إمداد للمقاومة، لتسقط من الحسابات العسكرية للعدو الصهيوني في أي مواجهة مع أي جبهة أخرى في المستقبل القريب.
كما أن العدو قد ألغى اتفاقية فض الإشتباك وتوغل محتلاً عمق الأراضي السورية وبدئه خطة استيطان في مرتفعات الجولان السورية، تحقيقاً لحلمه في الأمن المطلق لحدود كيانه اللقيط على حساب الأمن القومي العربي والسوري.
_ مؤخراً قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنهم يستعدون لفتح جبهة ثامنة.. ما الذي يقصده بالضبط؟ وأي جبهة جديدة قد تكتوي بنيران المخطط الصهيوني في ظل هذا التراخي للنظام الرسمي العربي ؟ وهل يمكن أن تطال أو تصل هذه النيران إلى دول عربية مثل الأردن ومصر على الرغم من علاقاتها مع الكيان الصهيوني؟ كيف ذلك ؟ وهل يمكن القول بأن الخطر الإسرائيلي لا يستهدف دول وشعوب المقاومة وحسب، بل باتت يشكل خطر وجودي يهدد مستقبل كل الدول والشعوب العربية والإسلامية ؟
أحدثك بكل وضوح بإنه منذ أن عقد السادات إتفاقية العار المسماة بكامب ديفيد في ١٩٧٨ لم تسطيع هذه الإتفاقية - وما تلاها من مبادرات تطبيع عربي ومصري - من تغير حقيقة يؤمن بها غالبية الشعب العربي والمصري أن صراعنا مع هذا العدو هو صراع وجود وليس صراع حدود، هو كيان يعيش في بحر من مشاعر الكراهية تجاهه، في كل عائلة مصرية يوجد شهيد لها في كل معارك الصراع مع هذا العدو ولكل عائلة ثأر مع هذا الكيان، ستة وأربعون عاما فشلت في تغيير مشاعر وقناعات الشعب المصري والمجرم نتنياهو وعصابته هم أول من يتيقنون من تلك الحقائق، وكلما حاولوا أن يتجاهلوها خرج عليهم بطل من أبطال شعبنا العظيم ليذكرهم بها، إبتداء بالشهيد البطل الجندي سليمان خاطر وليس إنتهاء بالشهيد البطل الجندي محمد صلاح، تلك هي حقائق يدركها نتنياهو وعصابته، كما أنهم يدركون جيداً أن مصر و جيشها العظيم الذي لقّنهم أول طعم للهزيمة في أكتوبر ١٩٧٣ هم الدرع الواقي لهذه الأمة و ذخيرتها الكبرى.
لذا وبكل يقين أن عداء هذا الكيان قد تعدى محور المقاومة إلى باقي الدول العربية، ولا أستبعد أن تصريح المجرم نتنياهو في فتح جبهة ثامنة يُقصد به مصر أو قد يكون الأردن للتواجد الفلسطيني الكثيف على حدود الكيان الغربية.
_ مصر أين هي مما يحدث في غزة، ومما حدث في سوريا ولبنان ؟ وما عواقب هذا الصمت ؟ وأي دور يفترض على الأحزاب والحركات السياسية الوطنية المصرية أن تنتهجه حيال فلسطين والقضايا العربية المشتركة؟ وما هي نصائحكم التي توجهونها للنظام الرسمي العربي والنظام المصري على وجه الخصوص في هذا التوقيت الحرج؟
عندما تسأل أين مصر ؟ سأجيبك بأن مصر الشعبية ليست بعيدة عما يحدث في غزة وسوريا ولبنان، والشعب المصري ليس داعما فحسب للمقاومة، بل هو شريك في حدود ما يستطيع، خرجت المظاهرات المنتصرة لغزة والوقفات الإحتجاجية، وإن كانت قليلة تدعم وتؤيد نضالها الأسطوري، قام الشعب المصري العظيم بإرسال ألاف قوافل الإغاثة عن طريق الهلال الأحمر المصري لإخوتنا بغزة حيث يمنع العدو الصهيوني وصول الكثير منها ، ونحن في الحزب العربي الناصري والتيار الناصري الموحد والأحزاب اليسارية والنقابات لم تدخر جهداً في دعم المقاومة الفلسطينية الباسلة منذ السابع من اكتوبر العظيم وحتى اليوم.
_ استناداً لما يحدث في سوريا، وهذه المتغيرات الراهنة التي تشهدها المنطقة في ظل التصعيد الإسرائيلي الأمريكي.. هل تعتقدون أن الكيان الصهيوني يسعى لتمرير مخططه وأطماعه في تأسيس ما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى"، خاصةً وأنه يأتي في سياق تحركات إسرائيلية واضحة لتصفية الوجود الفلسطيني عبر العدوان على غزة والضفة الغربية والحديث عن صفقات جديدة للتطبيع؟ وهل يمكن القول أننا سنكون أمام "سايس بيكو" جديدة على وقع هذه المخططات لتمزيق المنطقة العربية وتشكيل ما يسمى بـ"حلف الأقليات" الذي يسعى إليه الإسرائيلي، إن لم يتم التحرك لوأد هذه المخططات؟
"إسرائيل الكبرى" هذه وهم كبير و هذا الوهم قد تبدد منذ السابع من أكتوبر العظيم، نعم تلقت جبهات المقاومة ضربات موجعة، ولكن دعني أسألك هل تغير شيئ في جبهة المقاومة في غزة بعدما توقفت المقاومة في لبنان؟ لم يتغير شيئ وما زالت أسطورة المقاومة مستمرة، لن يسمح الشعب الفلسطيني بأن يكونوا الهنود الحمر ولن تنجح إسرائيل بإنتزاع الشعب الفلسطيني من أرضه كما نجحت أمريكا و إستراليا في معارك الإحلال مع السكان الأصليين من الهنود الحمر، ولن يهنأ أي صهيوني بالأمن ما دام هناك مقاوم.
_ تستمر العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة بوتيرة عالية دون أن تردد على مدى أكثر من عام.. أي أهمية إستراتيجية لهذا الإصرار اليمني على خوض معركة الدعم والإسناد رغم كل التهديدات والضغوط الأمريكية الغربية؟ وأي عواقب لأي محاولات أمريكية إسرائيلية للتصعيد ضد اليمن سواء بشكل مباشر أو من خلال أدوات التحالف السعودي الإماراتي، خاصةً في ظل الحديث عن استعدادات صهيونية لعدوان واسع على اليمن؟ وهل تعتقدون أن اليمن قادر على حسم وردع أي تصعيد أو عدوان عليه من أي نوع في ظل المعادلات العسكرية الإقليمية التي فرضها على وقع معركة طوفان الأقصى؟
في ظل موازين القوى أستطيع أن أجزم بأن جبهة الإسناد اليمنية مؤثرة ومدهشة بكل معنى، وأسطورة بكل مقياس. تخيل أن المقاومة في اليمن ليست في مواجهة العدو الصهيوني وحده، رغم أنها البعيدة جغرافيا عنه، بل هي في قلب المواجهة المباشرة مع أمريكا صاحبة أقوى أسطول بحري في التاريخ، ومع ذلك قدمت المقاومة اليمنية دروساً في البسالة والتضحية سيتوقف عندها التاريخ كثيراً، وستصبح إلهاما لكل الساعين للتحرر من الهيمنة والغطرسة الأمريكية على مستوى المنطقة والعالم.
وأنا على ثقة بأنه كما استطاعت جبهة الإسناد من حزب الله في لبنان، تكبيد العدو الصهيوني ضربات موجعة وخسائر فادحة أجبرته على إبرام اتفاقية لوقف إطلاق النيران، فستنجح جبهتنا في اليمن من الصمود وردع العدوان الصهيوني أو وكلائه في التحالف السعودي الإمارتي، وما فشل التحالف في تحقيقه خلال عدوانه المستمر منذ أكثر من تسع سنوات لن يتحقق اليوم تحت مظلة الكيان الصهيوني.