ديسمبر 7, 2024 - 18:30
توجهات إعلامية مغربية رسمية مساندة لما ترتكبه الدولة العبرية في حقِّ الفلسطينيين من حرب إبادة


عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي - 
السلطات الملكية المغربية -حتى بشهادة يهود مغاربة مناهضين للفكر الصهيوني- من أشدّ الأنظمة العربية مناصرة للصهيونية وخذلانًا للقضية الفلسطينية، فقد تصدر المغرب الشقيق قائمة الأقطار العربية في تجييش اليهود إلى أرض فلسطين منذ ما قبل عام 1948، إذ يقدر عدد اليهود المغاربة الذين جُيشوا إلى الأراضي المحتلة -خلال 7 عقود زمنية متواصلة- بأكثر من نصف مليون نسمة، وقد كان لتوطين هذا العدد الكبير من اليهود في الأراضي المحتلة أسوأ الأثر على الخارطة الديمغرافية، لا سيما إذا أخذنا في الحسبان التكاثر المستمر، فاليهود المغاربة من أكثر اليهود المستقدمين إلى أرض فلسطين إنجابًا، وليس أدلّ على ذلك من أنَّ لدى «آرييه مخلوف درعي» المولود في مدينة مكناس المغربية عام 1959 وهو الرئيس الحالي لحزب «شاس» اليميني المتطرف 12 ابنًا.
ثمَّ إنَّ الميول اليمينية المتطرفة التي يتسم بها اليهود المغاربة في الأراضي المحتلة مكنهم من تبوئ المناصب المختلفة ومن الظفر بحظٍ وافر من التمثيل البرلماني والحكومي ما جعلهم شركاء في ما يرتكب في إخواننا الفلسطينيين من مجازر.
بل إنَّ السلطات المغربية القائمة تسهم بمساندة الكيان الصهيوني في حربه ضد الشعب العربي الفلسطيني بصورة دائمة وقد أشير إلى هذا الخطب الجلل في مستهل مقال الكاتب «محمد الوليدي» التحليلي المعنون [ملوك المغرب والكيان الصهيوني.. من الشبق إلى المرود في المكحلة] الذي نشره موقع «وطن سراب» في الـ11 من يوليو الماضي على النحو التالي: (لم يكن يتخيل أحد أنَّ دولة أجنبية كـ«أسبانيا» ترفض رسو سفينة إسرائيلية حربية في موانئها، في حين يستقبل ميناء «طنجة» المغربي سفنًا حربية إسرائيلية للتزود بالوقود والمؤنة، وربما التزود بالأسلحة والأفراد).
وممَّا يبعث على الحزن أنَّ النظام المغربي لم يكتفِ بما يمارسه من تواطؤ رسمي مع العدو الصهيوني، بل يشجع من أمكن من الطيف المجتمعي المغربي بشكلٍ فظيع على الانزلاق في مستنقع التطبيع.

الإعلامي الشرعي نسق صهيودفاعي

ولأنَّ الإعلام هو السلطة الرابعة، فما أكثر ما تسخر سلطات «الرباط» جزءًا من مقدرات البلاد لبعض من باعوا ضمائرهم من كوادره، فيجتهدون في تبييض صفحة الكيان وإظهاره بأفضل صورة، ويبالغون في الترويج للتطبيع مع الدولة العبرية بصورة غير مباشرة، من تلك العناصر -على سبيل المثال- الإعلامي المتصهين المدعو «أحمد الشرعي» الذي تقيأ مقالًا تصهينيًّا إلى حدٍّ غير معقول أشير إليه في مستهل تقرير تحليلي معنون [إعلامي مغربي يكتب: كلنا إسرائيليون] نشره «بديل أنفو» مساء يوم الإثنين الـ9 من أكتوبر 2023 بما يلي: (خلافا للمواقف التي أعلن عنها طيف كبير من الشعب المغربي، والمتعاطفة مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال والتهجير والقتل منذ أكثر 70 سنة، خرج أحد الإعلاميين المغاربة المرموقين بمقال ضمن جريدة the jerusalem strategic tribune بعنوان «كلنا إسرائيليون».
وكتب الإعلامي «أحمد الشرعي» المقرب من دوائر الحكم في المغرب، يوم السبت الماضي "بدأت حرب يوم الغفران عام 1973 كهجوم مفاجئ في أقدس يوم في التقويم اليهودي. وفي 7 أكتوبر 2023، أعاد التاريخ نفسه".
وقال الإعلامي الذي يمتلك مجموعة من المنابر الإعلامية، في وقت سابق من اليوم، "شنت حركة حماس، وهي جماعة إرهابية مدعومة من إيران، هجومًا مفاجئًا عن طريق البر والماء والجو – بما في ذلك هجمات بالطائرات الشراعية وأكثر من 5000 ضربة صاروخية في أول 20 دقيقة. وعلى الأرض، اخترق إرهابيو حماس السياج الحدودي وعبروا نقطتي تفتيش تبقيهما إسرائيل مفتوحتين أمام الإمدادات الإنسانية"). 
واستطرد للنيل من إنجاز المقاومة الذي عجزت عن إنجاز عشر معشاره أنظمتنا العربية الحاكمة وفي الشرعنة لإرهاب الدولة وصولًا إلى قوله: (لقد قتلت حماس أميركيين أكثر من أي جماعة إرهابية أخرى، باستثناء القاعدة. ولديها إمكانية الوصول إلى مستودعات الأسلحة تحت الأرض، وفصائل الطائرات بدون طيار، وأسراب الصواريخ، وآلاف المقاتلين، ومرافق التدريب لإنتاج المزيد).

الدبلوماسية والاهتمام بصهينة الإعلام

ومن منطلق إدراك الكيان الصهيوني قدرةَ الإعلام على تكوين رأي عام، فقد سخَّر هذا الكيان السياسة في مواقف كثيرة للاهتمام بالإعلام والتعاطي معه بأساليب حديثة ومتطورة، لما من شأنه تسخير كوادره وتأطيرهم -المرة تلو المرة- في أطر التغطية على مجازره، وليس أدلّ على ذلك من استهلال التقرير الإخباري التحليلي المعنون [دبلوماسي إسرائيلي يجتمع بصحفيين مغاربة لترتيب "زيارة إعلامية" لتل أبيب] الذي نشره موقع «فبراير» في الـ13 من أغسطس الماضي بما يلي: (بعد وصول «حسن كعيبة» إلى المغرب ليشغل منصب نائب رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي، باشر الدبلوماسي الإسرائيلي مهامه بخطوة جريئة.
وبدأ كعيبة نشاطه الدبلوماسي -وفق ما أورده «المغرب أنتلجنس»- حيث عقد اجتماعًا مع مجموعة من الصحفيين المغاربة، داعيًا إيَّاهم لزيارة إسرائيل في شهر سبتمبر المقبل.
وقال الموقع إنَّ هذه المبادرة التي تهدف ظاهريًّا إلى مد جسور التواصل مع الإعلام المغربي جاءت في توقيت وصفه مراقبون بأنه غير مناسب على الإطلاق. فالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لا تزال مستمرة، والشارع المغربي يشهد حراكًا احتجاجيًّا متواصلًا منذ الـ7 من أكتوبر الماضي.
وأعلن «حسن كعيبة» شخصيًّا عن توليه هذا المنصب الدبلوماسي، دون أي بيان رسمي من وزارة الخارجية أو الحكومة الإسرائيلية. هذا الإعلان الذاتي أثار تساؤلات حول طبيعة التنسيق بين الجهات الرسمية الإسرائيلية في مثل هذه التعيينات الحساسة).
كما استهلال التقرير الإخباري التحليلي المعنون [وفد من أجل "الديباناج".. هذه تفاصيل تواجد إعلاميين مغاربة في إسرائيل] الذي نشره «عماد السنوني» في صحيفة «هسبريس» الإلكترونية يوم الثلاثاء الـ5 نوفمبر الفائت على النحو التالي: (في أحدث تفاصيل زيارة وفد إعلامي مغربي إلى إسرائيل، أفادت مصادر مطلعة أنَّ نقابة الصحافة العبرية سبق أن وجهت -عبر وزارة الخارجية الإسرائيلية- دعوة إلى وفد آخر يضم صحافيين وأساتذة جامعيين متخصصين في التأريخ من أجل زيارة تل أبيب في أواسط شهر يونيو الجاري، قبل أن يطلب هذا الوفد تأجيل الزيارة بناء على مجموعة من الظروف.
وأوضحت المصادر التي تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية أنَّ الجانب الإسرائيلي أخبر الوفد الذي أجل الزيارة بموعد الرحلة قبل أيام قليلة فقط من موعدها المقرر، بينما لم يكن التنقل متاحًا لبعض المدعوين بسبب التزامات شخصية ومهنية خارج المغرب، وكذلك بسبب خلاف حول برنامج الزيارة وأهدافها، وكيف يمكن أن تفيد القضايا الوطنية للمغرب، خاصة في ظل الوضع الحالي بالشرق الأوسط.
وأكدت المصادر ذاتها أن تأجيل الزيارة من طرف الوفد المغربي الأول اضطر الجانب الإسرائيلي إلى توجيه دعوات سريعة إلى عدد من الإعلاميين من أجل تكوين وفد بديل يتوجه إلى إسرائيل).
 
الاشتغال على حفاوة الاستقبال

يعمد الكيان الصهيوني -عند سعيه إلى تحقيق تطبيع مجتمعي شعبي في موازاة التطبيع الرسمي الذي تحقق له مع بعض الأنظمة العربية الحاكمة- إلى وسائل الإغراء التي تستهوي ضعفاء النفوس لا سيما أولئك الذين يحملهم ضعف نفوسهم وموت ضمائرهم واختلال عقولهم المختلة على القبول بتنفيذ زيارات إلى الأراضي المحتلة، فيقابلون ممن يفترض أنهم أعداء بأساليب مبالغ فيها من الاحتفاء، لما من شأنهم استمالتهم إلى مستوياتٍ تدفعهم إلى المجاهرة بعداوتهم لأبناء ملتهم، وذلك ما قد يفهم من استهلال نصَّ الخبر المختصر المعنون [وفد صحافي مغربي يصل إلى إسرائيل ويلتقي أفيخاي أدرعي] الذي نشر في «هسبريس» صباح الثلاثاء الـ5 من نوفمبر الفائت الاستهلال التالي: (حلّ وفد صحافي مغربي بإسرائيل -مساء الإثنين- في زيارة رسمية تستمر لعدة أيام، بتنظيم من مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب.
وذكرت مصادر لـ«هسبريس» أنَّ الوفد استقل طائرة تابعة لشركة «العال» الإسرائيلية، ظهر الإثنين، في رحلة مباشرة من مطار «شارل ديغول» في باريس إلى مطار «بن غوريون» الدولي بتل أبيب.
ووفق المصادر ذاتها، حظي الوفد المغربي باستقبال حار في مطار «بن غوريون»، قبل التوجه إلى القدس المحتلة، حيث أقام «جلعاد شدمون» المدير العام لوزارة التعاون الإقليمي الإسرائيلية حفل عشاء خاص على شرف الوفد).
وذهب إلى معنى مشابه «عماد السنوني» بقوله: (وقد حظي أفراد هذا الوفد باستقبال في المطار عند وصولهم، كما أقيم حفل عشاء خاص على شرفهم ترأسه «جلعاد شدمون» المدير العام لوزارة التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية.
وتحظى زيارات الوفود المغربية والعربية إلى إسرائيل -خاصة بعد 7 أكتوبر 2023- بتغطية ومواكبة إعلامية موسعة من طرف وسائل الإعلام العبرية؛ وأكد مصدر من داخل إسرائيل أنَّ تل أبيب تراهن على مثل هذه الزيارات من أجل إعطاء الانطباع باستمرار علاقاتها مع بعض الدول العربية، بغض النظر عن مآلات ونتائج الحرب).

تكريس الوفد ومهامه لشيطنة المقاومة

لعل ما مُنيَ به «كيان العدوان» من خسران أمام الرأي العام العالمي الذي لم يعد مقتنعًا ولا حتى بنسبة 1% ممَّا ظل يدعيه من مظلومية قد دفعه للعمل على تحقيق ما أمكن من مكسب في أوساط جماهير العرب، فعمد إلى تسويق الرواية الصهيونية المُشيطنة للمقاومة الفلسطينية التي لم يعد لها رواج في الأوساط المجتمعية الغربية -بمساعدة جادَّة من الأنظمة المطبعة معه- في أوساط بعض الشرائح المجتمعية العربية، ويمكن الاستدلال على الاستثمار الصهيوني في هذا المجال بما وضع للوفد الصحفي المغربي من جدول أعمال حافل بزيارة الأماكن التي سطرت فيها المقاومة الفلسطينية فصلًا من أنصع فصول النضال، على أمل أن تكون لأعضاء ذلك الوفد -عبر تقاريره أو انطباعاته المتأثرة بالرواية الصهيونية- مساهمة في شيطنة المقاومة، وذلك ما يفهم من احتواء نصِّ خبر «عماد السنوني» على ما يلي: (جدير بالذكر أنَّ جريدة هسبريس الإلكترونية علمت -في وقت سابق- أنَّ وفدًا صحافيًّا مغربيًّا وصل، مساء أمس الاثنين، إلى مطار «بن غوريون» الدولي في تل أبيب قادمًا من مطار شارل «ديغول» الفرنسي على متن طائرة تابعة لشركة «العال» الإسرائيلية.
ومن المتوقع -حسب مصادر هسبريس- أن يقوم الوفد الإعلامي المغربي المتواجد الآن في إسرائيل بزيارة إلى تخوم «غزة» التي شهدت هجوم حماس على إحدى الكيبوتسات الإسرائيلية. كما تمت برمجة لقاءات لوفد الصحافيين المغاربة بعدد من المسؤولين؛ من بينهم الرئيس الإسرائيلي).
كما يُفهم ذلك -بصورة أعمّ- من احتواء الخبر المعنون [وفد صحافي مغربي يصل إلى إسرائيل ويلتقي أفيخاي أدرعي] على ما يلي: (ويتضمن برنامج الزيارة محطات ميدانية بارزة، من بينها زيارة معبر «كرم أبو سالم» الذي تتدفق عبره المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة، فضلًا عن موقع «رعيم» الذي شهد -وفق الرواية الصهيونية- هجومًا نفذته حركة «حماس» على مهرجان «نوفا» الموسيقي في السابع من أكتوبر 2023، في إطار عملية «طوفان الأقصى».
كما يشمل البرنامج لقاءً مع «أفيخاي أدرعي» المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، بهدف الاطلاع على الرواية الإسرائيلية للأحداث الجارية.
وتأتي هذه الزيارة -بحسب مصادر مطلعة- ضمن الدعاية الإسرائيلية التي تهدف إلى الترويج لوجهة نظرها بخصوص العمليات العسكرية المتواصلة في قطاع غزة ولبنان).