ديسمبر 7, 2024 - 18:24
29 نوفمبر الفلسطيني .. رمزاً للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني


خالد الأشموري  - 
تحديات جمة عانى منها ولا زال الشعب الفلسطيني يعاني حتى اللحظة .. وبالرغم من هذه التحديات: فأن القضية الفلسطينية لا يمكن تصفيتها ما دام هناك فلسطينيون يعيشون على أرض فلسطين التاريخية .. وهذا هو الواقع المعاش الذي يعني بقاء القضية الفلسطينية حية ، ولا يعني التخلي عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية.. وقد تابع الجميع خلال أيام الأسبوع الماضي الأنشطة التضامنية المختلفة " تنظيم مؤتمرات وخروج مظاهرات وإصدار بيانات" التي شهدتها الكثير من بلدان العالم لإحياء يوم 29 نوفمبر / تشرين الثاني من كل عام أختارته الأمم المتحدة في العام 1977م كيوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ومنحه حقوقه المسلوبة في العيش في سلام وكرامة ..
وما يجدر ذكره في هذا السياق هو صوت أنين العالم الحر وهو يشعر بالفزع من الموت والدمار الذي لحق بأبناء قطاع غزة منذ عملية طوفان الأقصى الـ 7 من أكتوبر من العام 2023م ، وهو اليوم يدعو المجتمع الدولي أن يقف بجانب الشعب الفلسطيني الذي يعيش واحداً من أحلك الفصول التاريخية حيث يعاني الفلسطيني في غزة كارثة إنسانية في ظل استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في القطاع .
وفي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني لم تقتصر الفعاليات المنددة بالاحتلال الإسرائيلي على دولة فلسطين الحرة فحسب، فقد تحدثت الوكالات الإغاثية الدولية، والجمعيات الاجتماعية الثقافية في معظم دول العالم الداعمة لحقوق الفلسطينيين ، وأيضاً القنوات الإعلامية والمواقع الأخبارية المختلفة، وكتب الصحافيون وحلل المحللون والأكاديميون ورجال السياسة والقادة الذي وجهوا أنتقاداتهم للكيان الصهيوني وعلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتضامنهم مع الفلسطينيين ودعم حقوقهم الثابتة في العيش بسلام وأمن , تصدرهم الأمين العام للأمم المتحدة - أنطونيو غوتيرش الذي سبق وأن وجه انتقادات حادة للحرب على غزة وقال: إن "هذا أمر لا يمكن تصوره، مستوى المعاناة في غزة، ومستوى الموتى والدمار لا مثيل له في كل ما شهدته منذ أن أصبحت أمينا عاما" في 2017م مطالباً، بحماية المدنيين ووقف إنتهاكات القانون الدولي الإنساني والوقف الضروري لإطلاق النار وتحقيق الحل القائم على وجود دولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي. موقع ( الأمم المتحدة ).
وذكر موقع اليونسكو : أن شعوب العالم تحتفي بـ يوم الـ 29 / نوفمبر من كل عام لما ينطوي عليه هذا الحدث من معاني ودلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني.. ويقدّم , اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الفرصةً لاسترعاء انتباه المجتمع الدولي على حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة حتى يومنا هذا، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة .. ومن هذا المنطلق، يمثل اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني فرصة لدعم الشعب الفلسطيني في سعيه إلى تحقيق السلام على أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وحان الوقت للتأكيد مجددا أن التضامن قوة تحويل تستفيد من التنوع البشري لربط كل المجتمعات فيما بينها."
وأصدرت الجمعية الاجتماعية الثقافية لفلسطين بالعاصمة البولندية ( وارسو ) في 29 / 11/ 2024م ( رويترز): بياناً بالمناسبة قدمت فيه تحية إجلال لجميع الذين يناضلون منذ عقود من أجل حقوقهم الأساسية وكرامتهم والعدالة، مشيرة إلى أن احتفال هذا العام يأتي  في ظروف بالغة الصعوبة، حيث يعاني الشعب الفلسطيني من تصاعد العنف والمعاناة، نتيجة الأعمال الحربية الوحشية التي تقوم بها إسرائيل.
وأضاف البيان أن "الوضع الحالي، الذي يتسم بمعاناة شديدة للسكان المدنيين، وتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس، وتقييد الوصول إلى الاحتياجات الأساسية مثل المياه والطعام والأدوية، هو مأساة تلامس ضمير الناس في جميع أنحاء العالم. هذه الأعمال لا تؤدي فقط إلى تعميق الأزمة الإنسانية، بل تمثل أيضًا انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني وشددت الجمعية في بيانها على أن يوم التضامن يذكر المجتمع الدولي بواجبه في دعم الشعب الفلسطيني في سعيه إلى الحرية والاستقلال وحقه في العيش بسلام، لافتة إلى أن التضامن في هذه اللحظة الصعبة هو ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا خطوة نحو بناء عالم عادل تحمى فيه حقوق الإنسان دون استثناء ودعا البيان جميع الدول والمنظمات الدولية والمجتمعات المدنية إلى اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء أعمال الإبادة الجماعية ودعم عملية السلام التي ستؤدي إلى حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. يستحق الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير ومستقبلًا آمنًا وفرصة للعيش بكرامة، داعيا إلى أن يكون يوم التضامن الدولي هذا العام دافعًا لزيادة الجهود من أجل العدالة والسلام".
 وأكدا عدد من الكتاب والمحللين " أن القضية الفلسطينية تمر الآن في أخطر مراحلها، مشددين على أهمية ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والتمسك بالعمق العربي والإسلامي، إضافة إلى الاستناد للشرعية الدولية كوسيلة للحفاظ على الحقوق الفلسطينية. وقالوا: "القضية الفلسطينية ستظل قائمة وحية ما دام هناك شعب فلسطيني يناضل من أجل حقوقه المشروعة" .
الكاتب والمحلل د عبد الرحيم أبو جاموس قال : إن يوم 29 نوفمبر من كل عام أصبح رمزاً للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، ويأتي هذا اليوم إحياءً لذكرى قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947، والذي نص على إقامة دولتين في فلسطين: واحدة يهودية وأخرى فلسطينية إلا أن القرار لم يُنفذ بشكل كامل، حيث أُقيمت إسرائيل، فيما لم تُقم الدولة الفلسطينية حتى اليوم وأشار أبو جاموس إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت عام 1977 اعتبار 29 نوفمبر يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بناءً على توصية من لجنة حقوق الشعب الفلسطيني. ويُحتفل بهذا اليوم سنوياً لتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
وأوضح أبو جاموس أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال العقبة الكبرى أمام إقامة الدولة الفلسطينية وبسط سيادتها، سواء على أساس قرار التقسيم 181 أو قرارات الشرعية الدولية الأخرى مثل 242 و338 وأكد أن ممارسات الاحتلال، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، تحول دون تنفيذ مبدأ حل الدولتين، رغم الإجماع الدولي على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.. وانتقد أبو جاموس السياسات الغربية، خصوصاً الأمريكية، التي تنتهج ازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث تُنفذ القرارات التي تخدم إسرائيل وتُعطل تلك التي تدعم حقوق الفلسطينيين وأشار إلى أن هذا النهج الاستعماري يساهم في استمرار الاحتلال والاستيطان والعدوان على الشعب الفلسطيني.. وقال أن الشعب الفلسطيني لن يتوقف عن نضاله من أجل حقوقه، مشيراً إلى أن الفلسطينيين قد بنوا مؤسسات حكومية ومدنية تمهد لإقامة دولتهم المستقلة. ورغم كل العقبات، فإن الفلسطينيين يمتلكون جميع مقومات الدولة، وهم جديرون بحقهم في تقرير المصير وحق العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها داعياً.
المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وأن استقرار المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، متمنياً أن تنضج المواقف الدولية قريباً بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
-    منال قادري – أستاذة علم الاجتماع في جامعة تونس قالت: أن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف التاسع والعشرين من نوفمبر سنويًا منذ عام 1977، كان يُفترض أن يكون منصة لتذكير العالم بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية إنسانية تتجاوز حدود فلسطين، إلا أن هذا التضامن أصبح في كثير من الأحيان شكلياً وغير مؤثر وقالت: "قيل عنه اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يوم للتضامن وللتذكير بقضية إنسانية وليست فلسطينية بحتة، هو فرصة أمام الفلسطينيين للفت انتباه المجتمع الدولي، وتوعية الجمهور على حقيقة أنّ القضيّة الفلسطينية لا تزال عالقة ولم تحل على الرغم من مرور عشرات السنين وصدور القرارات الدولية ذات الصلة، وأنّ الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه الإنسانية- المجتمعية".
وأضافت: "على الرغم من التنديدات والمظاهرات والشعارات، فإن التضامن العربي والدولي مع الشعب الفلسطيني ظلّ شكلياً، وصار أشبه بتضامن ناعم لا يسمن ولا يغني من جوع" مشيرة إلى أن التضامن الحقيقي مع القضية الفلسطينية تصنعه الشعوب بدمائها، بينما يقابله صمت رسمي من قبل الحكومات إذ إن التضامن يصنعه الشعب وتسحقه  قرارات الحاكم، تضامن يرتّب له المحكوم ويقوم بإخراجه في صور متعددة، مقابل ذلك يكون القرار للحاكم بإخراج التضامن في قرارات وتشريعات فعلية لكنه خيّر ويخيّر الاكتفاء بالمتابعة والثناء على المجهودات دون سعي لخلق تشريعات أو قوانين تنصف القضية الفلسطينية وتقزّم ذلك العدوّ- الاحتلال". وأن المرحلة هي مرحلة ليست كغيرها من المراحل التي مرّت بها القضية الفلسطينية، قرارات دولية مهزومة، أصبحت ديكورية لا غير، أمام هذه الصورة المقيتة التي نعيشها، ماذا عن تضامن دولي سنوي تقوم به شعوب بسيطة تجوب الشوارع أو تذكّر بالقضية الفلسطينية في جامعات أو نواد ثقافية... هل ما زال ذلك يجدي نفعاً؟" وأكدت أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة غير مسبوقة، تتسم بمحاولات لتصفية القضية وحسم الصراع نهائياً، وقالت: "بتضامن أو بدون تضامن وبعيداً عن تلك الشعارات الإنسانية الرنّانة، عن أي تضامن نتحدث؟ بل عن أي مبادئ إنسانية نتحدث أمام صورة سوداوية لم يشهدها العالم سابقا.. لطالما كانت القضية الفلسطينية ذات أبعاد إنسانيه وسياسية معقدة, وعندما تتحقق الغايات يبدأ الحديث عن تصفية الصراع هذه هي الطريقة التي تدار بها الحروب وأساس إدارة القضية الفلسطينية هي غايات ترجى من ورائها ونوايا تحقّق مهما كان الثمن بشرياً او طبيعياً.
-    المحلل السياسي المقدسي إسماعيل مسلماني قال: إن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يوافق 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر كل عام، يمثل فرصة لإبراز عدالة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
وأضاف: إن هذا التضامن يعكس اعترافاً متزايداً برواية الشعب الفلسطيني كصاحب الحق والأرض، في مواجهة الرواية الصهيونية المزيفة التي تستند إلى الأكاذيب والتضليل. وأوضح مسلماني أن العام الحالي يعد الأكثر سخونة بالنسبة للقضية الفلسطينية، خصوصاً في ظل الإبادة الجماعية التي تعرض لها قطاع غزة، من قصف وحصار وتجويع باستخدام أسلحة أمريكية متطورة.وبيّن أن هذه الممارسات الإسرائيلية، التي تشمل قتل النساء والأطفال وتجويع السكان، تمثل تطهيراً عرقياً يتابعه العالم بالصمت والعجز. مشيراً إلى أن الأحداث الأخيرة، خاصة بعد السابع من أكتوبر 2023، وضعت القضية الفلسطينية في قلب المناقشات الدولية، حيث باتت العدالة الفلسطينية تُذكر في كل بيت أوروبي وعالمي. مؤكداً أن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين ليست مجرد إدانة لأفراد، بل تُحمّل إسرائيل بأكملها المسؤولية عن الجرائم المرتكبة ولازال الشعب الفلسطيني يسجل مواقف بطولية وصموداً أسطورياً، خاصة في قطاع غزة، حيث القضية الفلسطينية لا تزال حية في الوجدان العالمي وتؤرق العالم كله، ورغم عجز الشرعية الدولية عن تنفيذ قراراتها بإنشاء دولة فلسطينية، فإن صمود الشعب الفلسطيني سيظل مفتاح تقرير المصير قريباً.
وانتقد مسلماني صمت الأنظمة العربية وعجزها عن دعم القضية الفلسطينية، قائلاً: "الشعب الفلسطيني يواجه الاحتلال وحيداً، كما قال محمود درويش: لماذا تركت الحصان وحيداً؟، لكنه أشاد بالدعم الذي يتلقاه الفلسطينيون من الشعوب الحرة في العالم، التي ما زالت تقف إلى جانبهم بكل قوة وإصرار.