ديسمبر 5, 2024 - 18:48
متاهة أردوغان السورية - لماذا اتصل الرئيس التركي بالروسي بشكل عاجل ؟


 عرب جورنال / ترجمة خاصة - 
ربما تقود أنقرة نفسها إلى فخها الخاص، حول ذلك كتب ستانيسلاف تاراسوف في صحيفة سبفودنيا بريسا:
بمبادرة من الجانب التركي، أجرى فلاديمير بوتين محادثة هاتفية مع رجب طيب أردوغان ، وناقش الطرفان الوضع في سوريا والمشاكل الإقليمية والعلاقات الثنائية.
وفي تقرير أعده المكتب الصحفي للكرملين، تم نشر المحادثة على النحو التالي: "أكد فلاديمير بوتين على ضرورة الإنهاء المبكر للعدوان الإرهابي على الدولة السورية من قبل الجماعات المتطرفة وتقديم الدعم الكامل لجهود الحكومة الشرعية" لاستعادة الاستقرار والنظام الدستوري في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما باستخدام قدرات أنقرة الحالية في المنطقة، وفي هذا الصدد، تحدث القادة لصالح تعزيز التفاعل سواء في شكل ثنائي أو في إطار عملية أستانا، وتمت الإشارة إلى الأهمية الرئيسية لمزيد من التنسيق الوثيق بين روسيا وتركيا وإيران لتطبيع الوضع في سوريا.
في الوقت نفسه، وضعت دائرة الاتصالات التركية المحادثة في تفسير مختلف قليلاً: تمت مناقشة العلاقات الثنائية بين تركيا وروسيا، فضلاً عن الأحداث الأخيرة في سوريا، والمشاكل العالمية والإقليمية، وقال الرئيس أردوغان إن تركيا تدعم وحدة أراضي سوريا، وتسعى جاهدة للتوصل إلى حل عادل ودائم، وأنه من المهم فتح مساحة أكبر للدبلوماسية في المنطقة.
وأشار إلى أنه يجب إشراك النظام السوري في عملية القرار السياسي في هذه العملية، وقال الرئيس أردوغان إن تركيا ستواصل اتخاذ موقف قوي ضد حزب العمال الكردستاني وامتداداته التي تحاول الاستفادة من التطورات الأخيرة في سوريا.
ومن الواضح أن الأطراف لم تتفق على التقارير الخاصة بالمفاوضات، وأثناء تسجيل الاتفاقيات، قاموا بتنظيم المواضيع قيد البحث حسب أفكارهم حول أهميتها، وفي هذه الحالة، أشار الجانب التركي بشكل أكثر وضوحاً إلى موقفه، ولا سيما آفاق الخروج من الأزمة السورية عبر العملية السياسية والدبلوماسية، ولكن هنا، كما كتب الخبير المصري طارق موسى، "يظهر مخطط شيطاني".
والحقيقة أن ما يسمى بـ"خطة أردوغان" لتطبيع العلاقات مع دمشق مع التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا ظهرت في وسائل الإعلام في الشرق الأوسط، ويطالب الأتراك ببدء مفاوضات سياسية مباشرة بين الحكومة وقوى المعارضة في سياق يهدف إلى "تغييرات سياسية في البلاد". لكن ليس من الواضح ما إذا كانت أنقرة تضم جماعة هيئة تحرير الشام الجهادية، التي تتصدر الهجمات على القوات الحكومية في سوريا، ضمن هذه القوات.
وهي تسيطر الآن على مدينتين رئيسيتين: إدلب وحلب، هذا هو الأول - ثانياً: رغم نفي أنقرة تورطها في الأحداث في سوريا، إلا أن قوى المعارضة السورية التي تدعمها تنشط في البلاد، ولذلك فإن دمشق على قناعة بأن أنقرة تقف وراء العمل العسكري المفاجئ في منطقة "خفض التصعيد"، كما أشارت العديد من التقارير الإعلامية العربية والغربية.
وأكدت مصادر سورية لـ"النهار" أن تركيا التي ظلت تتحدث عن ضرورة عودة العلاقات مع دمشق إلى طبيعتها طوال العامين الماضيين، لم تقم بأي خطوات متقدمة في هذا السياق، بدوره، قال الرئيس السوري بشار الأسد إن الهجوم "الأكبر في السنوات الأخيرة، كان محاولة لإعادة رسم خريطة المنطقة". وبالمناسبة، وبالتوازي مع الهجوم على إدلب وحلب، بدأت الجماعات الجهادية هجمات على المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية في شمال سوريا.
وفي الوقت نفسه، ظهرت تقارير عن ظهور مشاكل في حلب بين الجيش الوطني السوري الذي تسيطر عليه تركيا وهيئة تحرير الشام، وبدأت إحدى القوتين بصد الأخرى بحجة "تعطيل سير معركة التحرير في سوريا".
السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي قوى المعارضة السورية الداخلية المحددة التي تنوي تركيا إدخالها في العملية السياسية والدبلوماسية المقترحة لحل الأزمة، بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يحقق جيش الحكومة السورية، بدعم من إيران وروسيا، نقطة تحول على الجبهة ويبدأ بطرد الجهاديين و"الجيش الوطني السوري" إلى خارج البلاد.
ولذلك، عندما يقول وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن أنقرة تتوقع "إحياء عملية أستانا في المستقبل القريب"، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هو الشكل الذي تتم مناقشته، ليس من الصعب تجميع "ترويكا" روسيا وتركيا وإيران على أي مستوى من التمثيل، لكن من المستحيل البدء بعملية ملموسة للمصالحة بين القوى في سوريا نفسها، لأنها وجدت نفسها في بؤرة مصالح الجهات الفاعلة الخارجية الخطيرة: الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وإيران، التي نقلت لأسباب مختلفة العمليات العسكرية إلى مسرح العمليات السوري.
وفي هذا الصدد، صرح الضابط العسكري المصري، اللواء محمد رفعت جاد، أن "الصراع في سوريا لم يعد مجرد حرب أهلية، بل أصبح أيضًا مسرحًا لصراعات إقليمية ودولية ذات خلفية جيوسياسية".
وأكد مندوب سورية لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك أن "حجم ونطاق الهجوم الإرهابي يدل على الدعم الذي تقدمه الأطراف الإقليمية والدولية التي وجدت في الإرهاب أداة لتنفيذ سياستها الخارجية وتهدف إلى الدولة السورية".
وتسعى إيران إلى الحفاظ على وجود عسكري وسياسي في سوريا، خاصة بالقرب من الحدود مع إسرائيل، من أجل ممارسة الضغوط الإقليمية عليها، فطهران مستعدة لإرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت سلطات البلاد ذلك، صرح بذلك وزير الخارجية الإيراني سيد عباس عراقجي.
أما إسرائيل، فهي تمنع إيران وحزب الله من التواجد العسكري الدائم بالقرب من الحدود الإسرائيلية، خاصة في الجولان، وتحاول واشنطن استخدام هذا الصراع للحد من نفوذ إيران وروسيا في سوريا، بما يضمن استقرار أمن إسرائيل.
وبدورها، تحاول تركيا تحييد العامل الكردي في سوريا، وفي سياق واسع، تنظر إلى جميع المناطق الواقعة على طول خط حلب-الموصل في سوريا والعراق كمنطقة نفوذ حصرية، وتحاول أنقرة أيضًا حل قضية اللاجئين السوريين المؤلمة: هناك حوالي أربعة ملايين منهم في تركيا، نصفهم من حلب.
ومن الناحية الموضوعية، فإن الأزمة الحالية في سوريا، على المستوى النظري، تفتح الفرص أمام تركيا لتنفيذ مشاريعها الجيوسياسية والتوصل إلى اتفاق مع الأسد الذي يفترض أنه ضعيف، والذي يقاتل من أجل الحفاظ على الدولة السورية، لكن تركيا نفسها قد تجد نفسها في فخ جيوسياسي إذا فاز الجيش الحكومي في سوريا، حتى الآن الوضع يتناسب مع قواعد لعبة المصالح والنفوذ، لكن وضع التوقعات أمر صعب.

 
رابط المقال:
https://svpressa.ru/politic/article/440623/