كامل المعمري -
المشهد السياسي في اليمن يتطور لصالح أنصار الله (الحوثيين)، الذين أصبحوا القوة المهيمنة في المعادلة اليمنية، بفضل صمودهم الطويل واستراتيجيتهم الحازمة في مواجهة التحالف السعودي الإماراتي.
السعودية، التي رضخت مؤخرا لشروط صنعاء في إطار محاولاتها للخروج من المستنقع اليمني، تجد نفسها الآن تسعى إلى ترتيب أوراقها في الجنوب، ولكنها تواجه تحديات كبيرة، أبرزها تآكل نفوذها أمام قدرة أنصار الله على فرض شروطهم كمنتصرين في هذه الحرب.
قرار رئيس مايسمى بالمجلس الرئاسي رشاد العليمي بإقالة "علي الصياء"، القيادي البارز في المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، لا يمكن فهمه إلا كخطوة في سياق الضغوط السعودية على الانتقالي، الذي يمثل ورقة إماراتية في الجنوب.
هذا القرار، وإن بدا إداريا في ظاهره، يعكس حجم التوترات بين الرياض وأبوظبي، حيث تسعى السعودية إلى تقليص نفوذ الإمارات في الجنوب كجزء من التفاهمات التي تجريها مع صنعاء التي تشترط سيادة اليمن ووحدته
أنصار الله نجحوا في وضع السعودية في موقف دفاعي، فارضين شروطهم هذه الانتصارات السياسية جعلت الرياض تبحث عن تسويات محلية تخفف الضغط عليها، ومنها محاولاتها إعادة ترتيب المجلس الرئاسي كأداة لضمان مصالحها في الجنوب لكن هذه المحاولات تصطدم بواقع جديد صنعته صنعاء، التي باتت تراقب هذه التحركات وتفرض إيقاعها الخاص على المشهد اليمني برمته.
المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي كان أداة الإمارات لتمزيق النسيج الوطني يواجه الآن عزلة متزايدة. السعودية تسعى لتفكيك نفوذه من خلال إقالة رموزه الأمنية والعسكرية، مثل علي الصياء، ومحاولة تمكين قوى جنوبية أخرى أكثر قبولا لدى صنعاء.
هذا التحرك ينسجم مع مطالب أنصار الله الذين يشددون على وحدة البلاد ورفض كل القوى التي تسعى لتقسيم اليمن
الإمارات، من جانبها، تبدو في موقف ضعيف، حيث لا تستطيع مجابهة التفاهمات السعودية مع أنصار الله، كما أن المجلس الانتقالي الذي اعتمد عليها يفقد شرعيته ومكانته يوما بعد يوم.
قيادات الانتقالي تواجه الآن عزلة داخلية نتيجة الانقسامات المناطقية والشعبية المتزايدة ضدها، وهو ما يعزز من انهيار المشروع الانفصالي الذي حاولت الإمارات الترويج له عبر هذا المكون
أنصار الله يراقبون هذه التطورات من موقع قوة. المرحلة الحالية تثبت أن صنعاء قادرة على قلب موازين القوى، ليس فقط عسكريا، بل أيضًا سياسيا.
كما ان شروط الحوثيين التي قبلت بها السعودية أصبحت تُرسم خارطة اليمن المستقبلية، حيث لا مكان للمشاريع التقسيمية أو الهيمنة الخارجية
والجنوب، الذي عانى من عبث التحالف، قد يجد طريقه نحو استعادة استقراره تحت إطار وطني شامل يضمنه أنصار الله وحلفاؤهم.
المستقبل يحمل إشارات واضحة بأن السعودية لم يعد بإمكانها مواصلة لعب دور الهيمنة في اليمن، سواء عبر المجلس الرئاسي أو غيره من الأدوات.
أنصار الله، الذين أثبتوا أنهم اللاعب الأساسي في المعادلة، باتوا قادرين على تحديد ملامح المرحلة القادمة، حيث يصبح الجنوب جزءا من مشروع وطني موحد، بعيدا عن أجندات الهيمنة التي حاول التحالف فرضها.