نوفمبر 24, 2024 - 16:04
عدالة تحت الحصار: اختبار حاسم للنظام الدولي ومصير كارثي لنتنياهو 



ترجمة وتحرير /  نسيم أحمد - عرب جورنال 
تواجه المحكمة الجنائية الدولية واحدة من أكثر قضاياها إثارة للجدل على الإطلاق، بعد إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يواف غالانت، بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. هذه الخطوة غير المسبوقة أثارت جدلًا عالميًا ووضعت النظام الدولي القائم على القانون أمام اختبار حاسم.

اتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت بارتكاب أعمال قتل وتعذيب وتجويع ممنهجة استهدفت المدنيين الفلسطينيين، بعد حملة عسكرية وُصفت بأنها مفرطة وغير متناسبة، ردًا على هجمات المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأدت هذه الحملة إلى مقتل 44,000 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، إضافة إلى نزوح ومعاناة مئات الآلاف في قطاع غزة المحاصر.

رغم ذلك، رفض الاحتلال الإسرائيلي هذه الاتهامات، حيث وصف نتنياهو المحكمة بأنها "معادية للسامية" و"منحازة"، واعتبر أن لا اختصاص لها عليه بحجة أن إسرائيل ليست طرفًا في نظام روما المؤسس للمحكمة. إلا أن اعتراف المحكمة بفلسطين كعضو منذ عام 2015 أتاح إجراء التحقيقات في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ردة فعل الاحتلال لم تقتصر على الإنكار، بل امتدت إلى شن هجوم على المحكمة الجنائية الدولية، متجاهلة الدعوات إلى التعاون أو السماح بتحقيق مستقل حول الجرائم المزعومة. وأثار هذا الموقف انتقادات واسعة، حيث اعتبرته صحيفة أوبزيرفر انعكاسًا لشعور الاحتلال بالإفلات من العقاب، وسط دعم أمريكي مستمر، وصفته الصحيفة بازدواجية المعايير. ففي الوقت الذي تدعم فيه واشنطن ملاحقة المحكمة لجرائم ارتكبها قادة مثل فلاديمير بوتين، فإنها ترفض المساءلة الدولية عندما يتعلق الأمر بحلفائها أو حتى بجرائمها في العراق وأفغانستان.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المذكرات هي فرصة للمجتمع الدولي للوقوف إلى جانب العدالة والتمسك بالمبادئ القانونية، دون أن تتأثر باعتبارات سياسية أو مصالح آنية. وحثت بريطانيا، التي ساهمت في تأسيس المحكمة، على اتخاذ موقف واضح. ودعت رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى تأكيد التزامه باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا الأراضي البريطانية، مشددة على أن الأمر ليس شخصيًا أو سياسيًا، بل هو التزام بالعدالة.

في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الأكبر: هل سيتحلى المجتمع الدولي بالشجاعة لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه؟ أم أن الضغوط السياسية ستقوض الجهود لتحقيق العدالة؟ الإجابة على هذا السؤال قد تحدد مستقبل النظام القانوني الدولي وقدرته على تحقيق السلام وإنهاء دوامة العنف.