
في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال" القيادي البارز في التيار الناصري القومي العراقي، حسين الربيعي، للحديث عن تطورات العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة ولبنان، في ظل نسف الكيان المحتل لكل جهود وقف إطلاق النار وعرقلة مسار السلام بدعم أمريكي غربي. ويتطرق الحوار إلى القمم العربية والإسلامية الفارغة من أي مضمون حقيقي للضغط لوقف العربدة الصهيونية، وسط سقوط معظم الأنظمة والأحزاب السياسية العربية في وحل التآمر والتخاذل أمام العدوان الصهيوني الوحشي على الشعبين الفلسطيني واللبناني. كما يناقش الحوار أهمية مشاركة المقاومة الإسلامية العراقية في معركة الطوفان، واستمرارها في استهداف العمق الصهيوني رغم التهديدات والضغوط الإسرائيلية الأمريكية.
عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي
اليمن أرض الرجال الأوفياء الأقوياء بإيمانهم وثباتهم،وأرض العروبة التي تأبى الإذلال والخنوع،فبعد نجاح اليمن ورجاله وجيشه في هزيمة العدوان الأعرابي الصهيوني الذي أراد أن يطيح بثورة 21 سبتمبر،جائت معركةالإسناد اليمنية لتكن بمستوى معركة طوفان الأقصى ومقاوميها في غزة
المشاركة اليمنية لا تقل أهمية عن مشاركة حزب الله في جنوب لبنان، وقد كانت المفاجأة أن المشاركة اليمنية في معركة الإسناد، أنها في تصاعد دائم على مستوى الإمكانيات والقدرات والأسلحة والعمليات العسكرية
القوات المسلحة اليمنية أدت ما بخلت بتقديمه قوات عربية أخرى تمتلك الكثير من العناصر والأسلحة والإمكانيات، مما يمكن أن يكون الدور اليمني تعويض حقيقي عن تلك الجيوش الراضحة لأوامر حكوماتها وأنظمتها المطبعة، بل والمشاركة أيضاً بالدفاع عن الكيان الصهيوني
استهداف القوات البحرية اليمنية، بوارج وحاملات طائرات أمريكية في البحرين الأحمر والعربي،أصاب الإدارة الأمريكية بذهول كبير،مما عبر عنه التخبط في التصريحات المتناقضة بين التكذيب والاعتراف،والذي يبين حجم الصدمة الأمريكية بعجز قواتها البحرية عن حماية نفسها من هجمات الجيش اليمني
الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية أمام فشل القوات الأمريكية والبريطانية في حماية السفن الصهيونية،هو إضافة مهمة وحاسمة، ليس في أسباب تحقيق الانتصار على العدو وحسب،ولكن في رسم مستقبل المنطقة وتعزيز مكانتها الدولية وتحقيق طموحات شعوبها بالحرية والاستقلال
الولايات المتحدة احتلت العراق ليكون وجودها فيه دعماً للكيان الصهيوني ودفاعا عنه،وتمكينه من التدخل والتجسس والإعتداء على بلدان ودول المنطقة،وكان حل المؤسسات العسكرية والأمنية العراقية بعد الغزو الأمريكي يصب في مصلحة أمن الكيان
المقاومة العراقية تدعم صمود غزة ولبنان وسوريا واليمن ضمن وحدة المعركة ضد قوى الاحتلال والاستعمار، وهي تقوم بهذا الدور نيابة عن الحكومة العراقية نظراً لعجزها في ظل السطوة الأمريكية المطلقة على شؤون العراق
أي استهداف للعراق سيستثير قوى وطنية عراقية أخرى على الإنخراط في الجهد المقاوم والتحالف مع الفصائل الإسلامية،والحرب الشاملة التي يحاول الغرب إرهاب العرب بها،ستكون وبال على الكيان الصهيوني،حيث ستيحقق زواله في غمارها،وسيكون لها تداعيات سلبية على الوجود الأمريكي ومصالحه في العراق والمنطقة
العلاقة بين الأحزاب الانفصالية الكردية وبشكل خاص مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني _ البرزانين" مع الولايات المتحدة و"إسرائيل" وأجهزتهما المخابراتية عميقة جداً، فهم جهة واحدة تعمل على تنفيذ مشروع تآمري على العراق والأمة العربية والإقليم
المشهد الغزاوي واللبناني لم ولن يكون مشهداً عابراً على الإطلاق، ونتائج هذا المشهد سيكون لها تأثيرات كبيرة ومهمة في المستقبل، لا تقل عن تأثير حرب 1948 "النكبة" والتي أدت إلى قيام ثورات عربية أسقطت فيها العديد من الأنظمة العميلة
قمم الحكام العرب فاشلة ولا تعويل على هؤلاء الحكام وهذه الحكومات والأنظمة في تقديم أي حلول لمصلحة قضية فلسطين وقضايا الأمة،فهم الأتباع والخدم والمطبعين، والتعويل فقط على المقاومة
_ منذ وقت مبكر هبّت فصائل المقاومة الإسلامية في العراق لمساندة غزة من خلال ضرب القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، قبل أن توسع ضرباتها في العمق الصهيوني.. أي دور إستراتيجي للجبهة العراقية في دعم معركة طوفان الأقصى؟ وبرأيكم هل سينسحب هذا الدور على تمكين العراقيين من تحقيق الأمن والاستقرار في العراق ووضع حد للتهديدات والمؤامرات الأجنبية وعلى رأسها طرد القوات الأمريكية من العراق في المستقبل القريب؟ كيف ذلك؟
إن معارك العرب من أجل الحرية والاستقلال، هي قضية واحدة وكل هذه المعارك مرتبطة ببعضها، وكلها مرتبطة بقضية فلسطين، ولذلك كان الخطاب القومي يصف قضية فلسطين بالقضية المركزية. وحتى نتبين صحة هذا الشعار، علينا أن ندقق في باقي القضايا العربية، والإقليمية أيضاً، لنجد أن أسباب الاستهداف الغربي للعرب والمنطقة، هو ما يطلق عليه الغرب "حماية أمن اسرائيل" على اعتبار أن هذا الكيان هو صنيعة الإستعمار الغربي للوطن العربي، وأنه القاعدة المتقدمة لدول الاستعمار الغربي ووريثته الولايات المتحدة في المنطقة العربية والإقليم أمام المعسكر المناهض للهيمنة الأمريكية والغربية والذي يظم روسيا والصين.
وحينما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بغزوها واحتلالها العراق، مستغلة الأوضاع الصعبة والأليمة للشعب العراقي جراء سياسة نظام صدام حسين الإجرامية الدكتاتورية، وضعت عنوان كاذب لأسباب وأهداف غزوها هذا فيما أسمته "نشر الديمقراطية" و"الشرق الأوسط الجديد"، وقد تبين من خلال التجارب أن الولايات الأمريكية تحتل العراق ليكون وجودها فيه دعما للكيان الصهيوني ودفاعا عنه، وتمكينه في التدخل والتجسس والإعتداء على بلدان ودول المنطقة.
وأيضاً من خلال تجريد العراق من عناصر قوته المتمثلة في أمرين رئيسين : ضرب وحدته وتفتيت كيانه عبر نظام المحاصصة السياسية وتحويل العراق إلى دولة كانتونات طائفية وعنصرية بما سمي بالفدرالية التي يراد منها تقسيم العراق إلى ثلاث دول أو أكثر.. هذا أولا .. أمّا ثانيا كانت خطوة بول برايمر " الحاكم الأمريكي المدني" بحل المؤسسات العسكرية والأمنية العراقية، هو أيضا يصب ضمن ما يسمى بحماية أمن الكيان الصهيوني، وذلك نظراً لتاريخ ودور الجيش العراقي في معارك وحروب فلسطين.
لهذا نحن نجد أن العمل المقاوم ضد الوجود الأمريكي في العراق، هو بحد ذاته عمل داعم ومساند لمعركة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، كما هو داعم لمعركة الجمهورية العربية السورية ضد الإرهاب وللاحتلالين الأمريكي والتركي في سورية، وهو دون أدنى شك داعم لمعركة اليمن ضد العدوان وضد التقسيم وضد الحصار المفروض عليه.
ولذلك رفع تيارنا القومي وتحت سقف إيمانه المطلق بالمقاومة كخيار وحيد للحرية والاستقلال واستعادة الارض والحقوق المغتصبة، شعار "وحدة المعركة" .
إن فصائل المقاومة الإسلامية العراقية، هي التي تقوم بتنفيذ الدور العراقي في معركة فلسطين نيابة عن الدور الذي كان يجب أن تقوم به الحكومة ومؤسساتها، ولكنها مشلولة اليد وعاجزة عما يجب أن تفعله وتقدمه لأنها وكل حكومات ما بعد الاحتلال الامريكي، رهينة ضعيفة أمام السطوة الأمريكية المطلقة على شؤون العراق، هذه السطوة المرفوضة شعبيا، هي ذلك الإذعان في توقيع اتفاقيات مع الولايات المتحدة بما سمي باتفاق الاطر الاستراتيجية وغيره. وعليه فإن أحرار العراق ووطنييه داعمون ومؤيدين لفصائل المقاومة في معركة العراق ضد الاحتلال وفي معركة الإسناد والتي قلنا أنها معركة واحدة.
_ مؤخراً تحدثت وسائل إعلام نقلاً عن تسريبات عن تحركات إسرائيلية لشن عدوان على العراق رداً على تصاعد عمليات المقاومة العراقية ضد الكيان الصهيوني.. هل تتوقعون أن يتجرأ الاحتلال على اتخاذ هذه الخطوة؟ وأي عواقب وخيمة على العدو إذا ما ذهب في هذا الإتجاه؟ وما الذي يفترض أن تتخذه حكومة السوداني حيال أي حماقة إسرائيلية متوقعة ضد العراق، أو بالأصح حيال التهديدات والضغوط الأمريكية، خاصةً أن لدى بغداد الكثير من الأوراق لعكس هذه الضغوط لصالحها إذا ما كان هناك نية حقيقية لردع الأمريكي ؟
من وجهة نظرنا، فان ما يسمى بالحرب الشاملة التي يحاول الغرب والولايات المتحدة إرهاب وإرعاب العرب والمنطقة بها، هي وبال على الكيان الصهيوني حيث سيتحقق زوال هذا الكيان في غمارها.. وعليه فإن أي توسع في حرب للكيان الصهيوني على ساحات أخرى سيكون لها نتائج إيجابية للمقاومة، وسلبية على الكيان الصهيوني وعلى الوجود الأمريكي ومصالحه في العراق والمنطقة، وسوف يستثير أي استهداف للعراق قوى وطنية عراقية أخرى على الإنخراط في الجهد المقاوم والتحالف مع الفصائل الإسلامية.
وللتذكير، فقد تناقلت أنباء قبل فترة عن استهداف قاعدة عين الأسد في الأنبار من قبل فصائل مقاومة قومية.
العراق يملك العديد من الخيارات في مجالي الرد على أي عدوان متوقع من قبل "إسرائيل" أو في مجال الوجود الأمريكي.. وأشير هنا إلى جريمة انتهاك الأجواء العراقية أمام الطيران الحربي الصهيوني في العدوان على جمهورية إيران الإسلامية، حيث لم يصدر رد جدي من قبل الحكومة، وتم الاكتفاء بالتنديد، وهذا يذكرني بعملية اغتيال القائدين الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، رحمة الله لروحيهما الطاهرتين.
وكذلك أشير إلى استخدام القوات الأمريكية الأراضي والأجواء العراقية في العدوان على سورية وتهديد أمنها وسرقة ثروتها النفطية.
المطلوب وطنيا، هو إلغاء الاتفاقيات مع الولايات المتحدة وتحرير أرضنا وثرواتنا منها ... وأي تحرك في هذا الاتجاه سيلاقي التأييد من الشعب العراقي وقواه السياسية القومية والوطنية.
_ مؤخراً صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، عن دعمه لاستقلال الشعب الكردي، مؤكداً أنه حليف "إسرائيل" الطبيعي.. برأيكم لماذا يعلن الإسرائيلي مثل هذه التصريحات في هذا التوقيت بالذات؟ وهل يمكن فهمها بأن هناك توجه إسرائيلي للعب بورقة كردستان العراق بمساعدة الأمريكي للضغط على المقاومة العراقية لوقف عملياتها المساندة لغزة ولبنان؟ وهل تعتقدون أن العلاقات بين كردستان والاحتلال هي بمثابة قنبلة مؤقوته تلغم الداخل العراقي بشكل عام؟
التجربة مع الأحزاب الكردية كانت تجربة أليمة ومحزنة، فبالقدر الذي وقف فيه التيار القومي الناصري في العراق وعموم الحركة الوطنية العراقية مع مطالب الأكراد ضمن دائرة المواطنة باعتبارهم جزء من الشعب العراقي، وأيضا مواقف الزعماء العرب الداعمة للحقوق القومية للأكراد، ومن بينهم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، الذي استقبل عام 1958 بعد ثورة 14 تموز المجيدة وفداً من الزعماء الأكراد من بينهم ملا مصطفى بارزاني، ونصهحم بأن لا يستمعوا إلى الأصوات التي تأتي من خارج حدود الوطن، إلا أن هؤلاء "الزعماء" خانوا الوطن، وخانوا قضيتهم نفسها.
مسيرة زعماء الانفصاليين الأكراد مليئة بالمواقف المخزية ومن بينها، أنهم خانوا ثورة 14 تموز التي نادت وعملت على تحقيق مطالبهم القومية ضمن دائرة الوطن، وبدأوا في عمليات مسلحة ضد الدولة وضد الجيش العراقي، وكان هذا قبل افتضاح عمالة قياداتهم لأطراف خارجية معادية، ومن ثم تحالفوا مع شاه إيران الذي كان يسمى قبيل الثورة الإسلامية في إيران "شرطي الخليج" الذي كان يؤدي خدماته لأمريكا و"إسرائيل".
وقد تطورت العلاقات المباشرة مع الكيان الصهيوني في أواسط الستينات، فكان هناك مدربيين للميليشات الانفصالية "البيشمركة" وتواجد عناصر الموساد في مناطقهم.
إذا العلاقة بين الأحزاب الانفصالية الكردية وبشكل خاص مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني _ البرزانين" مع "اسرائيل" عميقة جداً، وقد برز دورهم ضد العراق والجيش العراقي في رسالة الملك السعودي فيصل إلى الرئيس جونسون والتي طالب فيها زيادة الدعم للانفصاليين الأكراد لاشغال العراق وجيشه عن دعم الشعب الفلسطيني وقضيته.
أمّا ما يتعلق بالفترة منذ ما بعد الاحتلال في 2003، فقد برز الدور الكردي الانفصالي في المخطط الأمريكي الصهيوني الهادف إلى إضعاف العراق وتقسيمه، وإنهاء دوره القومي والإقليمي في القضايا الرئيسية ومنها قضية فلسطين، ولكي يكون الانفصاليين الأكراد ممسكين بالعصا العراقية من الوسط، أوجد نظام المحاصصة الطائفي والذي تم من خلاله تقسيم عرب العراق إلى "مكونين" شيعة وسنة، فيما لم يشمل هذا التقسيم "المكون" الكردي والذي هو أيضا فيه مواطنين شيعة وسنة، وكانت هنا ازدواجية المعايير الأمريكية واضحة، فهي صاحبة وراعية العملية السياسية وقوانينها.
نحتاج إلى الكثير من الوقت والأوراق لنوضح أن علاقات الانفصاليين الأكراد، المهيمنين على سلطة ما يسمى ب"الإقليم" علاقة مصيرية بالاحتلال الامريكي من جهة، ومع الكيان الصهيوني وأجهزته المخابراتية هي أكثر من علاقات بين جهتين.
وأكاد أقول أنهم جهة واحدة تعمل على تنفيذ مشروع تآمري على العراق والأمة العربية والإقليم.. ويكفي الإشارة إلى دور "الإقليم" في انطلاق عصابات داعش من أراضيه، كما أشير إلى دور الإقليم وتدخلاته في الأزمة السورية، وكذلك في عمليات التخريب والتجسس على جمهورية إيران الإسلامية، وعليه فقد أصبحت "القضية الكردية" سوط بيد أعداء العراق يضغط به على العراق وعلى خندق المقاومة، أو كما قلتم قنبلة موقوتة تلغم الداخل العراقي في الداخل..
ولا يستبعد التهديد بالانفصال والعمل على تنفيذه قريباً مع وجود مؤشرات لتمكين الميليشيا الانفصالية الكردية بأسلحة لا يمتلكها، ولن يسمح للجيش العراقي بامتلاكها، خصوصا مع ما تتداوله الأنباء عن بناء مبنى لسفارة أمريكية ضخمة في أربيل.
_ كيف سقطت الأحزاب والحركات السياسية والنخب العربية أمام أهم الاختبارات للمعايير الدينية والوطنية والإنسانية والأخلاقية والقومية في غزة ؟ ألا تكفي هذه الدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً في فلسطين ولبنان لتحريك المياه الراكدة وإيقاض الأمة العربية والإسلامية من سباتها العميق ؟ وهل تعتقدون أن ما يحدث اليوم في غزة ولبنان قد نراه قريباً في كل عاصمة عربية إذا ما استمر مسلسل الصمت والخذلان؟ وما رأيكم بالقمم العربية الإسلامية الأخيرة، والتي لم تخرج بأي نتائج واقعية للضغط لوقف العربدة الإسرائيلية؟
لا شك أن المشهد الغزاوي واللبناني لم ولن يكون مشهداً عابراً على الإطلاق، وأن نتائج هذا المشهد سيكون لها تأثيرات كبيرة ومهمة في المستقبل، لا تقل عن تأثير حرب 1948 "النكبة" والتي أدت إلى قيام ثورات عربية أسقطت فيها العديد من الأنظمة العميلة المتواطئة مع الأعداء لإقامة الكيان الصهيوني.
أقول هذا مع أن مراجعة نتائج المعركة لا يمكن أن يكون إلا بعد انتهاء المعركة، فالاهتمام الأول في زمن المعركة يجب أن يكون في دعم المقاومة بكل ما يمكنها من تصاعد صمودها وتحقيق نصرها وثباتها، بكل أنواع الدعم الممكن وفي كافة المجالات المادية والسياسية والإسلامية والتوعوية.
لقد جرت قبل معركة طوفان الأقصى ومنذ عقود، منذ ما بعد توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" واتفاقيات التطبيع الأخرى، مروراً باحتلال العراق، ومن ثم فيما ماسمي بالربيع "العربي" .. عمليات إسقاط، ليس للحركات والأحزاب السياسية الوطنية والقومية والإسلامية، بل جرت ولا تزال تجري عمليات لإسقاط الثقافة الوطنية والقومية والإسلامية وتحريفها من خلال شراء بعض روادها وقياداتها.
ولذلك فإني أرى ورغم الصورة الضبابية لهذه الحركات ومواقفها التي قلتم في سؤالكم أنها لم تستطيع تحريك المياه الراكدة رغم الدماء المسفوكة في غزة ولبنان، أرى أن محاولات إسقاط هذه الاحزاب والتيارات بائت بالفشل، وأثبتت هذه التيارات أنها لا تزال موجودة وباقية.. وإن المعركة الحالية عمقت جذور الفكر الثوري التحرري في المجتمعات العربية رغم كل منصات ووسائل التضليل الإعلامي والثقافي الموجهة والممولة من قبل دول ومؤسسات معادية.
قد يكون أحد الأسباب أيضا في خفوت ردود ومواقف التيارات الوطنية، محاولة البعض من هذه التيارات إقصاء أو تهميش تيارات أو أحزاب أخرى. المسألة هنا يمكن أن تكون فشل في عمليات التعبئة للمعركة من قبل محور المقاومة وكياناته وحركاتها وفصائلها.
أمّا ما يخص القمم العربية والإسلامية، فأقول أنه إذا جاز التعويل على هذه القمم، فإن ذلك يعني التعويل على من يحضرها من حكام وحكومات وأنظمة.. إنها الطامة الكبرى إذا ما انتظرنا من هؤلاء الحكام وهذه الحكومات والأنظمة أن تقدم حلول ونتائج لمصلحة قضية فلسطين وقضايا الأمة .. فهم الأتباع والخدم والمطبعين .. تحضرني في هذا الشأن مقولة الزعيم جمال عبد الناصر " عملاء الاستعمار أكثر خطراً من الاستعمار نفسه" ..
إذا قمم الحكام العرب فاشلة، وأن آخر مؤتمر قمة يستحق هذا العنوان هو مؤتمر قمة الخرطوم الذي خرج بتوصياته التأريخية "لا صلح، لا تفاوض، لاعتراف بالكيان الصهيوني".
التعويل الوحيد هو على المقاومة.
_ تزامناً مع إعلان القوات المسلحة اليمنية قصف حاملة الطائرات الأمريكية " إبراهام لينكولن" ومدمرتين في البحر العربي، وإفشالها هجوما أمريكيا واسعا على اليمن.. كيف يمكن قراءة الموقف اليمني الجريء وغير المسبوق والذي ذهب لمقارعة الولايات المتحدة الأمريكية "القوة العسكرية الأولى عالمياً" في إطار مساندته لغزة ولبنان؟ وكيف نجح الجيش اليمني في تقويض القدرات العسكرية الأمريكية الإستراتيجية في المنطقة؟
الأسطورة اليمنية تزداد يومياً ألقاً، وزهواً، وعظمةً ..
اليمن أرض الرجال الأوفياء الأقوياء بإيمانهم وثباتهم .. وأرض العروبة التي تأبى الإذلال والخنوع، فبعد إنتصار اليمن ورجال اليمن وجيشه في هزيمة العدوان الأعرابي الصهيوني الذي أراد أن يطيح بثورة 21 سبتمبر، جائت معركة الإسناد اليمنية والتي كانت بمستوى معركة طوفان الأقصى ومقاومييها في غزة، وكانت المشاركة اليمنية لا تقل عن مشاركة حزب الله في جنوب لبنان .. وكانت المفاجأة أن المشاركة اليمنية في معركة الإسناد، في تصاعد دائم على مستوى الإمكانيات والقدرات والاسلحة والعمليات.
لقد أدت القوات المسلحة اليمنية ما بخلت بتقديمه قوات عربية أخرى تمتلك الكثير من العناصر والأسلحة والإمكانيات، مما يمكن أن يكون الدور اليمني تعويض حقيقي عن تلك الجيوش الراضحة لأوامر حكوماتها وأنظمتها المطبعة، بل والمشاركة أيضا بالدفاع عن الكيان الصهيوني "، كدفاعات الجيش الأردني الجوية التي تسقط الصواريخ الموجهة للكيان الصهيوني".
إن ما وصلت إليه قدرات الجيش اليمني الأخيرة حيث استهدفت القوات البحرية اليمنية بوارج وحاملات طائرات أمريكية في البحرين الأحمر والعربي، أصاب الإدارة الأمريكية بذهول كبير مما عبر عنه التخبط في التصريحات المتناقضة بين التكذيب والاعتراف، والذي يبين حجم الصدمة الأمريكية بعجز قواتها العسكرية البحرية عن حماية نفسها من هجمات الجيش اليمني ما يدل على فشل القوات الأمريكية والبريطانية في حماية السفن الصهيونية والتي تحمل مواد للكيان الصهيوني ، وهو من وجهة نظرنا إضافة مهمة وحاسمة، ليس في أسباب تحقيق الانتصار على العدو وحسب، ولكن في رسم مستقبل المنطقة وتعزيز مكانتها الدولية وتحقيق طموحات شعوبها بالحرية والاستقلال.