نوفمبر 2, 2024 - 21:29
شروط المقاومة تُكتب بالنار : تصعيد عسكري غير مسبوق يُعيد توازن القوى


عرب جورنال / كامل المعمري - 
مرحلة جديدة من التصعيد ضد كيان الاحتلال الاسرائيلي وبشكل غير مسبوق من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان ، فقد تحولت سماء الأراضي المحتلة إلى مسرح متواصل للطائرات المسيرة والصواريخ التي يستمر حزب الله في اطلاقها صوب الاراضي المحتلة بينما صفارات الإنذار التي لم تتوقف منذ فجر السبت في ظل ضربات متتالية تستهدف عمق العدو من كريات شمونة شمالاً إلى تل أبيب في قلب الكيان.

حيث شنّت المقاومة الإسلامية عدة هجمات نوعية ودقيقة على مواقع استراتيجية داخل الأراضي المحتلة، أبرزها قاعدة بلماخيم الجوية جنوب تل أبيب التي تحتوي على مركز أبحاث عسكري ورادار منظومة حيتس، إضافة إلى قاعدة شراغا شمال عكا المحتلة، التي استُهدفت بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية أصابت أهدافها بدقة متناهية. كما استهدفت المقاومة قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 بمسيّرة انقضاضية، ما يمثل رسالة واضحة من حزب الله على قدرته الفائقة في الوصول إلى قلب المنظومة الاستخباراتية للعدو.

وبالإضافة إلى هذه العمليات الجوية، شهدت المستوطنات الشمالية في حيفا وصفد وعكا تصعيداً مكثفاً من صليات صاروخية نوعية، استهدفت مرافق عسكرية حيوية، بما في ذلك شركة ألتا للصناعات العسكرية والفوج اللوجستي الإقليمي في قاعدة "مسغاف" شمال شرق حيفا، في تصعيد يعكس استعداد المقاومة لخوض حرب استنزاف تُنهك المنظومة العسكرية للعدو وتكشف نقاط ضعفها.

هذا التصعيد الكبير يحمل دلالات عدة، لعل أبرزها أن المقاومة الإسلامية، بقيادة حزب الله، قد تجاوزت مراحل الدفاع التقليدي إلى سياسة هجومية تلامس مراكز ثقل العدو وتربك حساباته العسكرية والأمنية. فاختراق المقاومة لعمق الأراضي المحتلة بهذه الطريقة، واستهدافها لمواقع تُعتبر من أعمدة الأمن القومي الإسرائيلي، يؤكد امتلاكها لوسائل وتقنيات حديثة تمكنها من اختيار أهداف حساسة وتحقيق إصابات دقيقة، ما يثير الشكوك حول قدرة القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الإسرائيلية على التصدي لمثل هذه الهجمات المركزة والمتواصلة.

إسرائيل، التي لطالما افتخرت بقوتها العسكرية وتفوقها الاستراتيجي، تجد نفسها اليوم في موقف ضعيف وغير مسبوق، حيث أوقفت الدراسة في مدن كبرى مثل عكا، واستنفرت قواتها في الشمال لمواجهة الضربات المتتالية. في ظل هذا التصعيد، تظهر علامات الإرهاق على المجتمع الإسرائيلي، الذي بات يعيش تحت وطأة الإنذارات المتكررة والخوف من صواريخ المقاومة التي طالت أماكن حيوية. 
وبالتالي فإن هذا الواقع الجديد يمثل انتصارا معنويا كبيرا لحزب الله، الذي يثبت مرة أخرى أن إرادة المقاومة قادرة على تحقيق توازن ردع يربك حسابات العدو.

الهجوم المكثف لحزب الله باستخدام المسيّرات الهجومية، والصواريخ واختيار الأهداف النوعية تشير إلى أن حزب الله قد دخل مرحلة جديدة تعتمد على استنزاف العدو وإثبات هشاشة منظومته الدفاعية أمام المقاومة التي لم تتردد في رفع مستوى المواجهة. كما أن استهداف مواقع مثل قاعدة رامات ديفيد، أحد أهم المطارات العسكرية الإسرائيلية، يُظهر استعداد حزب الله لكسر الخطوط الحمراء التي ظن العدو أنها عصية على الاختراق. حزب الله اليوم ليس فقط في حالة استعداد، بل يوجه رسائل واضحة بأن يده قادرة على الوصول إلى عمق الكيان متى أراد، وأنّ الخيارات مفتوحة أمامه لتكثيف الضغط وتحقيق الردع.


في خضم التصعيد العسكري الراهن، تبدو محاولة إسرائيل لفرض شروطها على حزب الله لوقف إطلاق النار جزءا من استراتيجية تهدف إلى تحييد الحزب بعيدا عن خطوط المواجهة الفعلية وربط التهدئة بشروط صارمة تتضمن تراجع المقاومة إلى ما وراء الليطاني وفصل جبهة لبنان عن غزة

ورغم الضغوط الشديدة التي تمارسها الولايات المتحدة الامريكية والغرب على لبنان للقبول بالشروط الاسرائيلية يرد حزب الله عبر هذا التصعيد ليعكس موقفا واضحا بأن المقاومة لن تُقدّم تنازلات تُفرغ تضحياتها من مضمونها، وأنها تضع شروطها بنفسها لهذه المرحلة، رافضة تسوية تحاول إسرائيل فرضها بأي ثمن.

تصاعد العمليات العسكرية وتنوع الأهداف التي يضربها حزب الله، من قواعد الاستخبارات إلى مراكز البحوث العسكرية في عمق الكيان، تؤكد أن الحزب مستعدٌ للقتال حتى النهاية التي يختارها هو، لا تلك التي يسعى العدو إلى فرضها بينماإسرائيل، التي كانت تأمل في أن يؤدي الضغط العسكري والتهديدات إلى فرض واقع جديد يبعد حزب الله عن مسرح العمليات، تبدو عاجزة عن تحقيق أهدافها أمام صلابة المقاومة اللبنانية وبالتالي هي في مأزق يهدد قدرة جيشها على احتواء جبهة لبنان، ويضعها أمام معادلة ردع جديدة تفرضها المقاومة 

> Ben M:
وفي الوقت الذي تشهد فيه الجبهة الشمالية ضربات دقيقة ومؤلمة للمرافق الحيوية الإسرائيلية، يقف مقاتلو حزب الله على خطوط المواجهة بصلابة تزداد يوماً بعد يوم
هذا الصمود والثبات ليس مجرد موقف تكتيكي، بل هو تعبير واضح عن إرادة المقاومة في حماية مبادئها والاستمرار في المعركة حتى ضمان شروط عادلة تليق بتضحياتها فحزب الله لا يبحث عن تهدئة تُسكت أصوات الصواريخ، بل يسعى نحو تثبيت شروط تحفظ للمقاومة حضورها الفاعل وتحمي جبهة الدعم من أي ضغوط دولية أو إقليمية قد تفرضها إسرائيل.


بالتالي، فان هذا التصعيد المتواصل يؤكد أن حزب الله لا يسعى إلى تسوية بأي ثمن، بل يرسم شروطه الخاصة التي تضمن له الحفاظ على قوته الاستراتيجية وتواجده على الجبهات الحاسمة أما إسرائيل، التي كانت تراهن على تراجع المقاومة، فإنها تجد نفسها اليوم في مواجهة قوة متماسكة قادرة على رفض شروطها والاستمرار في المواجهة حتى النهاية، مهما كانت التحديات


صحفي متخصص في الشأن العسكري