
تزامناً مع مرور الذكرى الأولى لملحمة طوفان الأقصى، تستضيف "عرب جورنال" عضو مجلس النواب الأردني سابقاً، والقيادي في التيار الناصري القومي، صلاح محمد الزعبي، لتسليط الضوء على أهمية صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في وجه التوحش الصهيوني الغربي.. هذا الصمود الأسطوري الذي غيّر معادلات الصراع وأفشل الأهداف المعلنة للكيان الصهيوني طوال عام من التضحيات الجسيمة في مقارعة آلة التوحش الصهيونية في سبيل القضية الأنبل في مصاف الحقوق والإنسانية. ويناقش الحوار تداعيات التوترات القائمة في عموم المنطقة مع استمرار الجنون الصهيوني المدعوم والمبارك أمريكياً على قطاع غزة، والتصعيد المماثل على لبنان، ومحاولة الإسرائيلي جر المنطقة إلى حرب إقليمية كبرى.
عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي _
المقاومة الفلسطينية في غزة، وجدت لتبقى، وهي مقاومة متقدمة وحصينة ولديها حاضنة شعبية قوية منذ أمدّ بعيد، وجرائم الاحتلال وحصاره لن تزيدها إلا صلابة وقوة وعزيمة لتحرير كافة التراب الفلسطيني المحتل
الكيان الصهيوني هو كيان توسعي استيطاني سرطاني يستهدف كل الأمة العربية والإسلامية، والشعب العربي من المحيط إلى الخليج، مطالب بأن ينهض نهضة رجل واحد لإرغام أنظمته بالرد على هذا الكيان الصهيوني الغاصب
تصريحات مسؤولي الاحتلال بشأن توسيع جغرافيا الكيان، يجب أخذها على محمل والعمل على مواجهتها بكل السبل السياسية والدبلوماسية، وبكل أشكال المقاومة لمواجهة هذه الغطرسة الصهيونية
اليمن نجح في استغلال موقعه الإستراتيجي لمساندة غزة وكبد اقتصاد الكيان الصهيوني خسائر فادحة بعد إغلاقه للبحرين العربي والأحمر والمحيط الهندي ومضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية
التدخل العسكري اليمن لمساندة غزة، قد غيّر خارطة واستراتيجية الصراع مع العدو الصهيوني، خاصةً بعد فرضه حصاراً بحرياً على الملاحة الإسرائيلية، ووصول الصواريخ والمسيّرات اليمنية إلى قلب الكيان الصهيوني
الشعب اليمني سطر أروع ملاحم العزة والبطولة في وجه الغطرسة الأمريكية والرجعية الغربية، دفاعاً عن فلسطين وعن الأمة وكبريائها، ودخول اليمن إلى خط معركة طوفان الأقصى، يعطي مؤشراً قوياً على قومية المعركة، وعلى أن هذه المعركة هي معركة العرب والمسلمين جميعاً
ندعو الدول العربية وفي مقدمتها مصر العروبة، لاتخاذ موقف صريح وعملي كالموقف اليمني البطولي، والالتحاق بهذه المعركة للدفاع عن فلسطين وعن قضية الأمة العربية والإسلامية، فالمقاومة الفلسطينية لا تقاوم من أجل فلسطين فحسب، إنما تقاوم من أجل عدم توسع الكيان الصهيوني على حساب دول الجوار وعلى حساب العرب بأكملهم
القواعد والسفن الأمريكية والغربية التي فشلت في حماية الكيان من القصف الإيراني وضربات المقاومة، لن تستطيع إعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الإسرائيلية، في ظل وجود مقاومة عربية وإسلامية قوية كالتي نشاهدها
انتصارات المقاومة في فلسطين ولبنان وفي اليمن والعراق وإيران، تجسد وحدة الساحات العربية والإسلامية، وما دام هناك مقاومة فعلية وفعّالة، فإن الاحتلال إلى زوال، واستمرار قوى المقاومة في ضرب العمق الصهيوني سيقضي على فكرة الأمن داخل الكيان، وسيدفع لزيادة الهجرة العكسية للمستوطنين
بعض الدول العربية باتت تمثل قبة حديدية للدفاع عن الكيان الصهيوني أمام عمليات المقاومة، وسقوط وزعزعة هذا الكيان سيزعزع ويسقط العديد من الأنظمة العربية العميلة، وهذا سيكون طريق الشعوب العربية إلى التحرير وتحقيق الوحدة
_ عام كامل من الإجرام الصهيوني والقتل والتشريد غير المسبوق، قابله صموداً أسطورياً للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في غزة.. كيف استطاع الشعب الفلسطيني في غزة، أن يجسد هذا الصمود ويفشل الأهداف المعلنة للعدو ؟ وهل تعتقدون أن المقاومة تقترب من قطف ثمار هذا الصمود ؟ وماذا يعني صمود غزة في وجه أكبر وأطول عدوان إسرائيلي، بالنسبة لفلسطين وكل دول وشعوب الأمة العربية والإسلامية؟
المقاومة في غزة، وجدت لتبقى، وهي مقاومة متقدمة وحصينة ولديها حاضنة شعبية قوية منذ أمدّ بعيد، وعملية حصار غزة منذ أمد بعيد لا يزيدهم إلا صلابة وقوة وعزيمة لهذا الشعب الصامد الذي قدم قوافل الشهداء من أجل تحرير فلسطين والمسجد الأقصى.
وعليه، أي احتلال كان في أي منطقة كانت فسيواجهه بمقاومة. والمقاومة الفلسطينية هي وضعاً طبيعياً أمام هذا الاحتلال الغاشم الاستيطاني السرطاني التوسعي الذي تعاني منه الأمة العربية منذ أمد بعيد.
وكلنا يعلم أن وجود دولة الكيان في قلب فلسطين جاء ليفصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا، وكذلك ليفتت الدول العربية. واليوم بعض الدول العربية تمثل قبة حديدية للدفاع عن هذا الكيان الصهيوني في وجه أي عمليات عسكرية تواجه هذا الكيان سواء من قوى المقاومة العربية في لبنان أو اليمن أو داخل فلسطين.
ويمكن أن نشير هنا إلى أن هذه الدول التي طبعت ووقعت اتفاقيات مع الكيان الصهيوني؛ هي دولا جاءت لإثبات وجود هذا الكيان الغير الشرعي الذي ولد بمباركة القوى الامبريالية بكافة أشكالها، والقوة الاستعمارية التقليدية، والتي جسدت هذا الكيان وأعطته القوة ودافعت عنه في كل المحافل الدولية، ضاربةً بعرض الحائط كل الأعراف والقيم والمبادئ والقوانين الدولية، وشجعته على ممارسة كل البطش والقتل والتشريد والتهجير على مرأى ومسمع العالم دون أن يكون هناك رادعاً له.
كما نشير إلى أن امتلاك الكيان الصهيوني للقوة النووية، جاء مبرراً للدفاع عن نفسه أمام المقاومة العربية.
وما نراه اليوم في غزة، هو دليل واضح وقطعي على أن المقاومة الفلسطينية حية ووجدت لتبقى ووجدت لتدافع عن فلسطين وتحرر فلسطين وعن كل الأمة العربية والإسلامية، في ظل حالة من الوهن العربي، وعجز الأنظمة والجيوش العربية عن مقاومة هذا الكيان، بحكم علاقتها أولاً مع الكيان الصهيوني وبحكم علاقتها أيضاً مع الدول الاستعمارية التي تدعم الكيان.
هذه الأنظمة العربية عاجزة عن مواجهة الكيان، لأنها تفرقت وتشتت إلى ممالك ودويلات صغيرة عاجزة عن حماية نفسها فلجأت إلى قوى امبريالية تحتمي في ظلها.
لكن الشعوب العربية ما زالت صاحية، والشعب العربي من المحيط إلى الخليج، مطالب أن ينهض نهضة رجل واحد لإرغام أنظمته بالرد على هذا الكيان الصهيوني الغاصب.
_ إذا ما استمر التصعيد الإسرائيلي في المنطقة وتوالت الردود العسكرية بين إيران والكيان الصهيوني.. برأيكم هل يمكن أن تتطور هذه الردود إلى حرب شاملة ومفتوحة في المنطقة؟ وهل ستمهد أي حرب كبرى لشرق أوسط جديد ولكن وفقاً لمكتسبات طوفان الأقصى وانتصارات محور المقاومة على خلاف ما يريده الحلف الأمريكي الإسرائيلي في إعادة تشكيل الشرق الأوسط أو بمعنى إخضاعه للمشاريع الصهيونية من جديد؟
أولاً، القوى الاستعمارية التي احتضنت الكيان الصهيوني ودافعت عنه، وعلى رأسها أمريكا، حركت البوارج والقواعد والسفن وحاملات الطائرات إلى سواحل فلسطين المحتلة للدفاع عن الكيان الصهيوني من أي هجمات عربية أو إسلامية، وقد جاء الرد الإيراني على ذلك من خلال الصواريخ التي أطلقت على قلب الكيان الصهيوني، لكن كل محاولات اعتراض الرد هذه الصواريخ فشلت.
وقد سمع المواطنين في الأردن أصوات انفجارات الصواريخ الإيرانية التي وصلت إلى قلب الكيان، وهذا كان على مرأى كوننا دولة حدودية، ونسكن على المناطق مع فلسطين المحتلة، حيث كان يرى لهيب النار على سواحل بحيرة طبرية ومدينة حيفا وغيرها، لأنها ترى بالعين المجردة خاصة في الليل أثناء إطلاق الصواريخ الإيرانية.
وعليه، فإن قضية تشكيل إعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الإسرائيلية، أو وضعه تحت الهيمنة الأمريكية، لن يحدث، خاصةً بعد فشل كل القواعد والسفن الأمريكية والغربية في حماية الكيان من الضربات الإسرائيلية، وفي ظل وجود مقاومة عربية وإسلامية قوية كالتي نشاهدها.
ويجب الإشارة هنا إلى أنه عند اغتيال الكيان الصهيوني للشهيد حسن نصر الله ، كان الأعداء يعتقدون بأن المقاومة في لبنان قد انتهت بعد جريمة الاغتيال، خاصةً وأنهم قد قاموا بتصفية مجموعة من قيادات حزب الله ، لكنهم كانوا مخطئين، حيث ثبت حزب الله في الميدان واستعاد زمام المبادرة بشكل سريع.
وما رأيناه الأمس وخلال الأيام الماضية واليوم، من عمليات عسكرية نوعية وقوية جداً للمقاومة اللبنانية، التي أطلقت صليات صاروخية كبيرة على مدينة حيفا وميناء حيفا والمراكز الحيوية والمناطق الصناعية في حيفا؛ يدل على أن حزب الله كمقاومة مدعوماً من حاضنته الشعبية والقوى الإسلامية والقومية واليسارية في لبنان، ما زال قوياً ولم يتأثر، وجاء ليرسخ مبدأ المقاومة الفعلية سواء بوجود القيادة أو عدمها.
وانطلاقا من ذلك، فإننا نرجو من الله سبحانه وتعالى ، أن تحقق هذه المقاومة مزيد من الانتصارات الواسعة جداً بالتحالف مع المقاومة المسلحة في غزة.
أما استمرار العدو في تدمير للبنية التحتية سواء كانت من مدارس ومساجد ومستشفيات وطرق ومناطق سكنية، فالهدف الحقيقي هو خلق فجوة كبيرة جداً ما بين المقاومة وحاضنتها الشعبية.
هذا جانب ومن جانب آخر، عدم قدرة الكيان الصهيوني على ضرب المواقع العسكرية القتالية للمقاومة سواءً في غزة أو لبنان، وهذا الفشل الإسرائيلي أدى إلى استمرار عملية المقاومة وإلى تحصين هذه المواقع العسكرية وتمكنهم من قصف الكيان الصهيوني.
إن ضرب العمق الصهيوني من خلال صواريخ حزب الله أو المقاومة الإسلامية والعربية بشكل عام، أو من خلال المقاومة المسلحة في غزة؛ أدى إلى انهيار هذا الكيان وزعزعته من الداخل وخلق حالة من الفوضى وارتباك خاصةً بعد لجوء قرابة 10 ملايين إلى الملاجئ، تاركين خلفهم مصالحهم التجارية والحيوية والصناعية وغيرها.
لذلك، فإن استمرار مثل هذه الضربات ستقضي على الكيان، حيث ستدفع لزيادة نسبة الهجرة المعاكسة من الكيان الصهيوني إلى خارجه، وستسقط فكرة الأمن بين الأوساط اليهودية أو الأوساط الصهيونية في فلسطين، ما يعني أن الكيان سيكون أمام انهيار حقيقي، وسيضطر إلى التراجع عن عدوانه على غزة ولبنان وكذلك سيتراجع عن تصعيده في المنطقة.
بالتالي سيفشل المشروع الصهيوني الأمريكي لتشكيل ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وستبقى المقاومة بكل فصائلها ومحاورها، هي صاحبة الكلمة الفصل في أي متغيرات سياسية في المتطقة.
_ الإعتداءات الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا ألا تهدد دول المحيط الفلسطيني وعلى رأسها الأردن ؟ وماذا يعني حديث الأوساط الإسرائيلية وعلى رأسهم نتنياهو بمساعيهم لتوسيع جغرافيا الكيان الصهيوني لتشمل أراضي جديدة داخل فلسطين ومحيطها العربي؟ وكيف يجب أن يتعامل الأردن مع هذه التهديدات والانتفاشة الإسرائيلية التي تشكل خطراً وجودياً على الأردن بدرجة أساسية كما يرى مراقبين؟
صحيح، الإعتداءات الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، تشكل خطراً على دول الجوار الفلسطيني وعلى رأسها الأردن المهدد بالخطر نتيجة حالة التهديد التي يتوعد بها الكيان الصهيوني بتهجير أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة إلى مصر وإلى الأردن. إلا أن الدبلوماسية الأردنية وأركان النظام الأردني بكافة أشكاله، يواجهون هذه التهديدات عبر المحافل الدولية وعبر الدبلوماسية الوطنية، وهناك حالة شعبية كاملة في الضفة الغربية رافضة لعملية التهجير، والدليل على ذلك، الانتفاضة الحالية في الضفة الغربية في وجه الكيان الصهيوني، وزيادة حالة المقاومة فيها؛ بل وقد انتقلت هذه المقاومة إلى الأراضي المحتلة عام 48، بعمليات جديدة وأسلوب جديد من المقاومة كعمليات الطعن، ولا شك أن لدى الشعب الفلسطيني الكثير من أشكال المقاومة لمواجهة الكيان الصهيوني.
إننا نعي تماما ومنذ صغرنا بأن هذا الكيان هو كيان توسعي استيطاني سرطاني يستهدف كل الأمة العربية.
ومن هذا المنطلق، فقد ظهرت هناك دعوات للكيان الصهيوني بيهودية الدولة، والتي تهدف إلى تهجير كل من هو ليس يهودي من فلسطين المحتلة، وتم إصدار قانون بذلك صادق عليه الكنيست الصهيوني.. هذا جانب.
الجانب الآخر، إن إفرازات العملية الانتخابية لدى الكيان الصهيوني خلال الفترات الماضية، هي إفرازات متعصبة جداً للصهيونية بشكل عام ولليهودي بشكل خاص.
وأقرب مثال على ذلك، هي هذه الحكومة الصهيونية التي يقودها نتنياهو وبن غفير وغيرهم، من القيادات المتعصبة جداً ضد الجنس العربي وضد الوجود العربي على الأرض الفلسطينية.
وإلى جانب جرائمهم الدموية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، فقد حاولوا مرات عديدة اقتحام باحات المسجد الأقصى، وانتهكوا حرمة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية بهدف استفزاز المشاعر الإسلامية ومشاعر العرب في تلك المناطق الخاصة في القدس، إلا أنهم اصطدموا بمقاومة الشعب الفلسطيني، وقد لاحظنا منذ قبل انتفاضة طوافان الأقصى، بزحف عرب 48 إلى المسجد الأقصى لحمايته من التعصب الصهيوني والإجرام الصهيوني.
وعليه، فإنني لا أخاف كثيراً من تصريحات العدو الصهيوني بهذا الخصوص، فهو منشغل في إخفاقاته في مواجهة المقاومة الفلسطينية والرد على المقاومة والصواريخ الإيرانية والمقاومة اللبنانية والمقاومة في غزة والضفة الغربية.
ولكننا نشدد بأن هذه التصريحات الخطيرة لمسؤولي الاحتلال بشأن توسيع جغرافيا الكيان، يجب أن نأخذها على محمل الجد، والعمل على مواجهتها بكل السبل وبكل الطرق سواءً عبر الدبلوماسية والسياسة أو عبر المقاومة بأي شكل من الأشكال لمواجهة هذه الغطرسة الصهيونية على الأراضي العربية بشكل عام.
وهذا يتطلب منا موقفاً عربياً موحدا لكافة الدول العربية التي لم تتفق لغاية الآن على موقف موحد، وهذا يسجل عليها في هذا اللحظة المصيرية، لأن التاريخ لن يرحم الزعامات العربية التي لم تتبنى موقفاً إيجابياً للدفاع عن الشعب الفلسطيني في حقه في أرضه وإقامة دولته على كامل التراب الفلسطيني، وليس كما يدعي البعض حل الدولتين وحل الدول وغيرها من الحلول التلفيقية التي لا ترضي ولا تغني من جوع، في ظل احتلال غاشم على كافة الأراضي العربية المحتلة.
_ على مدى قرابة عام كامل، يستمر اليمن في دعم غزة عسكرياً ويفعل الأمر ذاته مع لبنان منذ بدء العدوان الصهيوني.. أي تأثيرات إستراتيجية لدور اليمن في معركة طوفان الأقصى؟ وكيف جسد اليمن مبدأ وحدة الساحات خلال مشاركته في هذه المعركة؟ولماذا يجب على بقية الدول العربية والإسلامية توسيع هذه الوحدة والالتحاق بمحور المقاومة والقوى المناهضة للهيمنة الأمريكية اليوم وليس غداً، في ظل تحديات المرحلة الراهنة؟
اليمن استطاع أن يستغل موقعه الاستراتيجي عالمياً، والذي يشرف على أهم الممرات البحرية في العالم من بحر العرب والمحيط الهادي ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، ويربط بين قارتي آسيا وأوروبا، وذلك لمساندة غزة، من خلال إغلاقه هذه الممرات أمام السفن الإسرائيلية، والذي جعل هذه السفن لتغيير مسارها عبر رأس الرجاء الصالح ومن ثم جبل طارق حتى تدخل إلى الموانئ الصهيونية أو الموانئ الفلسطينية المحتلة، ما أدى إلى تعرض الكيان لخسائر اقتصادية كبيرة.
وإلى جانب التدخل العسكري، فإن موقف أهلنا وشعبنا العربي الأصيل في اليمن الكبرياء والتحدي، هو موقف عظيم وبطولي، حيث سطر أروع ملاحم العزة والبطولة في وجه الغطرسة الأمريكية والرجعية العربية دفاعاً عن فلسطين وعن الأمة وكبريائها.
لقد أثبت هذا الشعب العظيم المؤمن بالقضية الفلسطينية والمؤمن بالقضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، بأن تحرير فلسطين هو أمر واجب على كل عربي ومسلم، وأن الجهاد أصبح فرض عين على كل عربي ومسلم في هذه المرحلة والمراحل السابقة.
إن موقف شعبنا العربي، وأهلنا في اليمن، أصل العرب، الذي يقدم التضحيات عبر مواجهته لهذا الكيان الصهيوني، والتدخل العسكري اليمني لمساندة غزة؛ قد غيّر خارطة الصراع واستراتيجية الصراع، خاصةً بعد فرضه حصاراً بحرياً على الملاحة الإسرائيلية، ووصول الصواريخ والمسيّرات اليمنية إلى قلب الكيان الصهيوني.
وهذا دليل واضح على قوة الشعب اليمني على مواجهة هذا الكيان الصهيوني. وبالتالي، فإن دخول اليمن إلى خط معركة طوفان الأقصى، يعطي مؤشراً قوياً على قومية المعركة، وعلى أن هذه المعركة هي معركة العرب والمسلمين جميعاً دون استثناء، بما فيهم إيران الصديقة التي تقاوم الهيمنة الأمريكية الصهيونية منذ 5 عقود.
من هذا المنطلق، نحيي شعبنا العربي في اليمن، يمن الكبرياء والعزة، وندعو أهلنا في مختلف الدول العربية وعلى رأسهم مصر العروبة، وذلك لاتخاذ موقف صريح وعملي مثل هذا الموقف اليمني البطولي، والالتحاق بهذه المعركة للدفاع عن قضية الأمة العربية والإسلامية.
فإن عادت مصر إلى حاضنتها العربية وتبوأت موقع النضال العربي. فإنني على قناعة تامة بأن دولة الكيان الصهيوني ستقع مجدداً بين فكي كماشة، كما حدث إبان الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، عندما توحدت سوريا ومصر في دولة واحدة، وأصبح الكيان الصهيوني ما بين فكي كماشة، إلى أن جاءت قوى الردة والرجعية والانفصال لفصل سوريا عن مصر، وإضعاف حركة المقاومة العربية، حركة التحرر العربي.
اليوم نحن نطالب أهلنا في مصر بالخروج إلى الشوارع للوقوف إلى جانب أهلهم في غزة، لتأخذ مصر الكبرياء، مصر عبدالناصر، مصر العزة والكرامة، دورها الريادي في الدفاع عن الأمة العربية، وأن تتبوأ الموقف المقاوم التحرري التقدمي، لا أن تكون مطية القوى الاستعمارية الصهيونية وتكون عبئاً على الأمة العربية وتحاول تقزيم الدول العربية.
إن الدول القزمية في الوطن العربي التي باتت تتبوأ الموقف العربي وباتت تتحكم في القرار الرسمي العربي، ما هي إلا عبارة عن دويلات ودول ومشايخ لا تملك من القوة شيء، إنما وجدت وتم تهيئتها لهذا الدور المشبوه ليلعبوه لفترة بسيطة ثم تنتهي هذه الدول.
وهذه الدول التي تآمرت على فلسطين وعلى القضية الفلسطينية هي نفسها التي تآمرت على اليمن والعراق وليبيا، كما حاولت إسقاط النظام السوري ومحاولة هدم الدولة السورية وتفتيت سوريا الحبيبة، إلا أن إرادة الشعب السوري وقفت في وجه هذه المؤامرات التي دُفع فيها مئات المليارات من الدولارات، لاسقاط سوريا وإسقاط نظامها الوطني القومي التحرري الذي لا زال قادراً على جمر المقاومة.
_ مؤخراً كشف استطلاع أجرته قناة "كان الإسرائيلية"، أن 61% من المستوطنين الإسرائيليين فقدوا ثقتهم في جيش الاحتلال وأصبحوا لا يشعرون بالعيش بأمان في "إسرائيل" بعد عام من الحرب.. هل تعتقدون أن الكيان الصهيوني بدأ يفقد فعلياً مقومات بقائه، خاصةً وأن انعدام الثقة بجيش الاحتلال تأتي في ظل ارتفاع نسبة الهجرة العكسية من الكيان وإغلاق لعشرات الآلاف من الشركات نتيجة تداعيات الحرب القائمة على الداخل الإسرائيلي؟ وإلى أي مدى يُرجح سقوط الاحتلال من الداخل خلال أو بعد المعركة الراهنة ؟!
أعتقد أن هذا الكيان بدأ يفقد فعلاً وضعه الطبيعي داخل الأراضي العربية المحتلة، وذلك نتيجة طبيعية لحالة ارتفاع وتيرة المقاومة سواءً من الشمال من المقاومة المسلحة اللبنانية، ومن الجنوب في غزة، ومن المحيط العربي ممثلاً جبهة اليمن الحبيب، أو من خلال القوى الإسلامية المقاتلة في المقاومة العراقية التي بدأت تقصف بالمسيّرات والصواريخ شواطئ الاحتلال في البحر الميت والبحر الأبيض المتوسط، إلى جانب إيران التي بدأت تدك القواعد العسكرية والجوية في الكيان الصهيوني.
كل هذا كان له أثر كبير جداً على الحياة الإقتصادية داخل الكيان الصهيوني، التي تعطلت خلال عام كامل، فقد أجبرت العمليات، الصهاينة على المكوث في الملاجئ معظم الوقت، ما تسبب بتوقف العمل وعمليات الإنتاج.
ما دام هناك مقاومة فعلية وفعالة، فإن الاحتلال إلى زوال. ويجب أن نستذكر هنا، أنه عندما أكد الأعداء أنهم قضوا على المقاومة الفلسطينية المسلحة في لبنان عام 1982، وهجروها إلى عدد الدول العربية، خرجت إلينا المقاومة من الداخل بثورة الحجارة، ومن ثم في قطاع غزة، ومن ثم حزب الله في الجنوب اللبناني، ومن ثم تحالف القوى القومية والإسلامية المقاتلة بكافة أشكالها على إمتداد ساحات الوطن العربي والعالم الإسلامي، والتي قد أدت إلى زعزعة هذا الكيان وستقضي عليه مهما كانت تحالفاته.
وبالتالي، فإنني متفائل جداً في سقوط وانهيار هذا الكيان واستسلامه وخضوعه للأمر الواقع بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على كامل التراب العربي الفلسطيني.. هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فإن سقوط وزعزعة وجود الكيان الصهيوني سيزعزع ويسقط العديد من الأنظمة العربية العميلة.وهذا سيكون طريق الشعوب العربية إلى تحقيق التحرير والوحدة. ومن هذا المنطلق، فإن عمليات التطبيع مع الصهيونية من قبل الدول العربية وخاصة دول الخليج العربي، قد فشلت وتوقفت، حتى المصالح الصهيونية في هذه الدول أصبحت مهددة بالخطر نتيجة توسع العمليات العسكرية للمقاومة. وما كانت العملية الفدائية التي قام بها سائق الشاحنة الأردني ماهر الجازي، إلا دليل واضح على حالة الوعي العربي والوطني المقاوم ضد هذا الكيان الغاصب للأراضي العربية.
وأخيراً، فإنني أشكر جريدتكم وأشكركم على هذه الأسئلة وعلى هذا الإهتمام وعلى هذا التحليل لواقع المقاومة، بعد مرور عام من الصمود في وجه الكيان الصهيوني، علماً بأن الكيان كان يراهن منذ اللحظة الأولى على القضاء على حركة حماس والمقاومة الإسلامية في فلسطين المحتلة واستسلامها وتحرير ما يسمى بالأسرى لدى حركة حماس. واليوم ما نراه بعد عام، هو أن هذه المقاومة تزداد رغم الخسائر البشرية الهائلة وتدمير البنية التحتية في غزة، وتشريد المواطنين العزل من نساء وشيوخ وأطفال.
ولكن هذا أدى إلى انفضاح هذا الكيان عالمياً أمام المنظمات الدولية والمجتمع الدولي، إلى وصفه بالكيان الهمجي الذي لا يرحم، واستهدف البشر والحجر والشجر حتى وسائل المواصلات التي تعتمد على الحيوانات أمعن في تدميرها،
وهذا إنما يدل على أن هذا الكيان قد فقد صوابه على الإطلاق، ولم يعد قادر على البقاء في ظل وجود مقاومة شرسة ومقاومة مؤمنة بقضيتها ومؤمنة بأهمية الوجود الفلسطيني على أرضه والعيش الكريم ضمن حدوده.
وما نراه أيضاً في ضرب البنية التحتية في لبنان الشقيق، ومحاولة تدمير كافة وسائل المواصلات والاتصالات والمدارس وكافة مراكز العبادة والمستشفيات وغيرها؛ هو دليل واضح على إفلاس هذا الكيان في عملية المواجهة الفعلية مع قوى المقاومة التي تختلق في كل يوم أسلوبا وطريقة جديدة لعملية مقاومة هذا الكيان المحتل.
وما نراه اليوم من انتصارات لقوى المقاومة في غزة والضفة الغربية ولبنان وفي اليمن والعراق وإيران، فهو تجسيد لوحدة الساحات العربية والاسلامية التي اتحدت مع المقاومة داخل فلسطين المحتلة.
لذلك فإن المقاومة باقية حتى النصر أو الشهادة كما تعلمنا وكما سمعنا وكما رأينا على المحطات المرئية والمسموعة خلال الفترات الماضية. انطلاقا من ذلك، فإن شعبنا العربي في فلسطين المحتلة الذي قدم قوافل الشهداء دفاعاً عن الامة العربية بالدرجة الأولى، وعندما نقول أن المقاومة المسلحة في فلسطين المحتلة لا تقاوم من أجل فلسطين فحسب، إنما تقاوم من أجل عدم توسع هذا الكيان على حساب دول الجوار وعلى حساب العرب بأكملهم، لذلك يتطلب من العرب التحرك لنصرة فلسطين.
ومن هذا المنطلق، نحيي شعبنا العربي الصامد في اليمن الحبيب، الذي وحد المعركة مع المقاومة إلى جانب المقاومة المسلحة في لبنان. ونترحم على شهداء المقاومة في فلسطين واليمن ولبنان، وعلى قيادة حزب الله الذين قضوا في هذه المعركة والذين عبدوا بأجسادهم طريق الحرية أمامنا.. فالمجد والخلود للشهداء، وعاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر.