عرب جورنال / توفيق سلاّم -
اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وقيادات رفيعة أخرى من الحزب في غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت حدثًا غير مسبوق، في مثل هذا النوع من الاغتيالات الإجرامية، تداعياتها كبيرة على مستوى لبنان والمنطقة ككل. حيث هاجم جيش الكيان المحتل مقر القيادة المركزية لـ"حزب الله" في قلب الضاحية الجنوبية في بيروت بغارات جوية عنيفة الجمعة الماضية، حيث أسقطت الغارات قنابل ثقيلة أمريكية الصنع. وأوضحت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن "طائرات من السرب 69 أسقطت نحو 85 قنبلة شديدة الانفجار وخارقة للتحصينات، تزن الواحدة منها طنًا، في عملية اغتيال نصر الله".
رد فعل حزب الله
اغتيال نصر الله والقيادات العليا، حدثًا مؤلمًا، لكنه لن يترك فراغًا قياديًا داخل الحزب، لأن حزب الله كمنظمة عسكرية وسياسية قد أعد هيكلًا متينًا لضمان استمراريته في مثل هذه الحالات. قيادة حزب الله تعتمد على نظام هرمي متين، ولدى الحزب قيادات بديلة جاهزة ومتمرسة لتولي المسؤولية، بروح جهادية ونضالية عالية، وبمعنويات لا تلين، وإيمان صادق بأن طريق الجهاد، هو الشهادة في سبيل الله، للدفاع عن الوطن ومواجهة المحتل الغاصب، مهما بلغت التضحيات لنيل الحرية والاستقلال، ذلك ما يزيد من قدرات حزب الله، على الصمود والتماسك والثبات وتجاوز المحن، بصبر واقتدار عاليين.
ويبدو أن الشرق الأوسط سيدخل حربًا إقليمية واسعة خلال الفترة المقبلة، فاغتيال نصر الله سيحرك مشروع المقاومة بصورة أكبر، خاصة مع تشكيل قيادة جديدة. تشير التحليلات بأن الحزب لديه القدرة على إمتصاص الصدمات، ليبدو أكثر قوة وشكامة وتماسكًا وثباتًا وانتقامية من الاحتلال. فالأمين العام للحزب لم يكن مجرد قائد حزب، بل كان مشروعًا ملهمًا وفكرًا سياسيًا وكاريزما فريدة، أعطته نفوذًا واسعًا في لبنان ومكنته من التواصل مع الفئات اللبنانية المختلفة. وعلى مدار ثلاثة عقود، حقق نجاحات كبيرة في انتصار المقاومة على الكيان الصهيوني، وصنع توافقا سياسيا داخليًا، في ضبط المشهد اللبناني.. كان شخصية صادقة ومؤثرة حتى على أعدائه. فهو لم يكن ميالاً لاتخاذ ردود أفعال عاطفية، بل كان بصيرًا وحكيمًا، وعن عمق يدرك أبعاد المخطط الاستعماري ومغازيه. وعندما وقف إلى جانب مقاومة غزة، كان مصرًا على تسمية لبنان بجبهة الإسناد، بالرغم من أخطار هذا القرار وتداعياته الأمنية، إلا أنه اختار هذا التحدي لآخر لحظة في حياته.
وكان متوقعًا أن يكون رد حزب الله فوريًا وعنيفًا على الكيان المحتل، بشن هجمات صاروخية على أهداف شملت عددًا من المدن الإسرائيلية، وعلى شمال إسرائيل وفي العمق الإسرائيلي. تحاول المقاومة إظهار القوة والثبات، وتسديد الضربات في عمق الكيان وعلى مراكز الكيان الحيوية، والاستعداد لما هو أكبر في مواجهة المحتل في نقاط التماس على الحدود الجنوبية، الذي يحاول العدو رسم خططه لاجتياح المنطقة الجنوبية، وإقامة منطقة عازلة في العمق اللبناني بطول 40 كيلو مترًا، وعودة المستوطنين إلى شمال الكيان المحتل.
ردود الأفعال الإقليمية
إيران باعتبارها الداعم الرئيس لحزب الله، من المؤكد أن طهران سترى في اغتيال نصر الله هجومًا مباشرًا عليها، وعلى حلفائها الإقليميين. وقد تتخذ خطوات انتقامية مباشرة، أو قد تتريث في الأمر، حتى لا تجرها إسرائيل إلى مواجهة مباشرة مع أمريكا. حسابات ذلك تبدو معقدة، وإيران ذاتها في دائرة الاستهداف الأمريكي- الصهيوني الغربي. ومع ذلك يبدو إيران ستظل في موقف الداعم لحزب الله، وهذا أمر طبيعي في مثل هكذا صراع تقوده الإمبريالية الاستعمارية لتوسيع نفوذها في المنطقة، وعلى هذا المستوى من الشراسة بفرض عناصر القوة، لإعادة رسم خارطة شرق أوسطية جديدة.
تبدو سورية شديدة القلق من هذا التطور، فهي إلى جانب أنها تشكل عمقًا استراتيجيًا للبنان بحكم الجوار، تعتبر حزب الله شريكًا حيويًا لها في الصراع السوري- الاسرائيلي. الاحتمال
أن تقدم دعمًا لوجستيًا لحزب الله في الرد على إسرائيل، خاصة من خلال فتح جبهة الجولان أو تقديم دعم عسكري عبر الأراضي السورية. من غير المستبعد أن تشهد المنطقة المحاذية للجولان تصعيدًا عسكريًا بين القوات الإسرائيلية والمجموعات المتحالفة مع النظام السوري وحزب الله.
سياسيًا النظام السوري سيواصل إدانته لإسرائيل، ولكنه قد يتحفظ على الدخول في مواجهة مباشرة، خشية أن تتوسع الحرب إلى الأراضي السورية المتضررة بالفعل من سنوات الحرب الأهلية.
وكذلك العراق واليمن قد ترى في هذا الاغتيال حافزًا لتصعيد الهجمات ضد الكيان الصهيوني الذي تعدى الخطوط الحمراء، خاصة بعد مهاجمة اليمن بضربة جديدة على ميناء الحديدة، وخزانات الوقود في رأس عيسى، ومحطة الكهرباء في رسالة يتوخى منها الكيان بوقف هجمات الجيش اليمني على تل أبيب وميناء" إيلات".
الموقف الأمريكي
تعد الولايات المتحدة الداعم والشريك الرئيس للكيان الصهيوني في الحرب على غزة، وعلى حزب الله، بالإضافة إلى دول حلف الناتو فهي ترى في اغتيال نصر الله ضربة للنفوذ الإيراني في المنطقة. وكل ما نشهده من تصريحات للإدارة الأمريكية هي للاستهلاك الإعلامي أكثر من كونها مواقف جدية. تحاول واشنطن من خلالها تسويق التهدئة لضمان عدم خروج الصراع عن السيطرة من تحت قبضتها، بتفعيل الحراك الدبلوماسي المراوغ، وفرض الضغوط والوساطة، لكنها وراء ما يبعث التوتر وزيادة التصعيد. ولا تخجل من تصريحاتها بعد كل عملية اجرامية يقوم بها الكيان في مسلسل الاغتيال، بأنها لا علم لها، وتنفي صلتها بأي تنسيق، أو معرفة بالأمر إلا بعد حدوثه.. وهي في نفس الوقت تؤكد بحق إسرائيل بالدفاع عن النفس، وهي الحامية لضمان أمن الكيان. وعلق بايدن على اغتيال نصر الله" بأنه من العدالة، لامريكيين قتلوا على أيدي عناصر من الحزب". لذلك فإن أمريكا لا تسمح بأي تهديد للكيان الصهيوني، وفي هذا الصدد تعزز تواجدها العسكري وإرسال المزيد من التحشيدات إلى شرق المتوسط.
نوايا إسرائيل
الكيان الصهيوني يستعد لهذه المعركة، وهو يرسم خططه من سنوات طويلة، بضرب المقاومة في فلسطين ولبنان، وسوريا والعراق، ويبني خطط الاستيطان والتوسع وفق برامج معدة، بمعنى أنه مستمر في حلقة تضييق الخناق على الفلسطينيين، في حملات الاستيطان، وفي مسلسل التهجير، والإبادة الجماعية، وانتهاك الحقوق الإنسانية في اغتصاب الأرض بالقوة، ونظرته التوسعية خارج الجغرافية الفلسطينية إلى دول الجوار.. فالتطبيع منحه رخصة التوسع، واعتبر ذلك مناخًا مفتوحًا لعربدته، لاحتلال غزة، ومحاولته طرد سكانها نحو سيناء المصرية، وكذلك يفعل في الضفة الغربية لتهجير سكانها نحو الأردن، وهو يمارس نفس السياسة في جنوب لبنان، بشن غارات لاستهداف السكان المدنيين في الجنوب الذي يشهد موجات نزوح كبيرة نحو سوريا. هذه المنطقة التي يبني العدو الصهيوني خططه لاحتلالها، وفرض سيطرته واقتطاع أجزاء كبيرة منها، فهو يعزز تواجده بالقوات، ومؤخرًا قام بنشر لواءين من الجيش، باتجاه الجنوب، في إشارة إلى استعداد الكيان لتصعيد الصراع، بتوغل بري ، لإجبار المقاومة إلى الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، واقتطاع 40 كم في العمق اللبناني لبناء منطقة عازلة لتأمين عودة المستوطنين إلى الشمال الفلسطيني المحتل.
إمكانية نشوب حرب واسعة
الاحتلال الصهيوني يكثف من شن غاراته الجوية على جنوب لبنان، لضرب مواقع حزب الله، واستهداف القيادات الميدانية، ومنصات إطلاق الصواريخ، ومستودعات الأسلحة والمواقع الاستراتيجية الأخرى، بهدف تقويض القدرات العسكرية للحزب تمهيدًا للاجتياح البري الذي بدأ عمليًا.
فالدخول في عملية برية يبدو أن إسرائيل تخشى منها، فقد يشكل انتكاسة للجيش الإسرائيلي، ولدى الجيش الإسرائيلي تجربة فشل في قطاع غزة، ومع ذلك تبدو مغامرته واضحة، إلا أنه يعول على نتائج سلاح الجو في شل قدرات حزب الله، هذا أولاً. وثانيًا، بأن الأصوات العالية في إسرائيل هي الأصوات التي تريد الانتقال التدريجي والمتسلسل، خشية من تعرض المصالح الإسرائيلية في الخارج، إلى أي أعمال انتقامية. وثالثًا، يرى الكيان بأن حزب الله، يتمتع بقدرات تكتيكية، وجاهزية قتالية عالية، ومراس حربي قوي، ولديه أسلحة ردع من الصواريخ التي تهدد العمق الإسرائيلي. ورابعًا، ستكون المواجهة أمام حزب الله شرسة، ومفتوحة ما قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق، خصوصًا إذا ما تدخلت أطراف إقليمية، أو أصبحت جبهة سوريا مفتوحة بشكل مباشر لأسناد ودعم حزب الله، بالإضافة إلى اسناد الجبهات من اليمن والعراق. ومثل هذا التصعيد قد يجر المنطقة إلى ما هو أسوأ بتدحرجها إلى هذا المنحى الخطير.
ماذا تريد إسرائيل؟
اسرائيل تريد أن توصل رسالة، بأنها تفرض صورة جديدة لهيمنتها في المنطقة، ومن هذا المنطلق هي تسعى لمواجهة إيران من خلال إضعاف حلفائها، وهذا الأمر وارد في الحسابات الإسرائيلية.
المعضلة الأساسية المتشكلة الآن في الإقليم، هو أن هناك الكثير من الحديث عن مفاهيم خفض التصعيد، وضرورة عدم توسيع الحرب، وهذا المفهوم الذي حاولت الولايات المتحدة أن تفرضه، هو مفهوم منقوص، بمعنى أن أمريكا تطرح فكرة خفض التصعيد من زاوية الأطراف المعادية لإسرائيل فقط، التي يمكن أن تشكل تهديدًا لإسرائيل. فيما تستمر إسرائيل في عملياتها. فهذا الخطاب الأمريكي، لا معنى له في الواقع، وهي تتناقض مع ما تقوله سواء بارتكابها مجازر جماعية بشعة في غزة، أو بمباركتها لإسرائيل لعملياتها، في اغتيالات الشخصيات السياسية والقيادية بأسلحة أمريكية. فالحديث الآن عن مفاهيم خفض التصعيد في المنطقة، إذا ما كان مبنيًا على الرؤية الأمريكية، فهو مبني على إعطاء مساحة أكبر لإسرائيل للتحرك في الإقليم دون أن تتدخل لوقف مجازرها.
وما ننتظر أن تكون عليه الأمور اليوم، هو إعادة هيكلة المقاومة، لأنها ستكون عنصرًا أساسيًا في مسألة خفض التصعيد، أو انتقال الوضع إلى مرحلة أخرى. بمعنى أن القيادة الجديدة، لحزب الله هي من تقرر الوضع في الميدان. هذا القرار في هذه المرحلة هو الذي سيكون المؤشر الرئيس، إذا كان هناك ذهاب باتجاه خفض التصعيد، أو الذهاب باتجاه التصعيد، ربما يكون نوعيًا، لأن المشروع المرتبط بوحدة الساحات أصبح اليوم على المحك. وبالتالي إما الذهاب باتجاه: أن تُفرض الإرادة الأمريكية والصهيونية على أي فصيل، والتأسيس لتسوية ما، يكون فيها الكيان الصهيوني هو الرأس الذي يدير منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي يكون المشروع الامريكي-الصهيوني الذي تعددت اسماءه من شرق أوسط جديد وإلى غيره من الأسماء، قد سار فعليًا على مسار التطبيق الاجرائي، وإما قد تذهب الأمور باتجاه أن تستعيد المقاومة في لبنان قوتها وتقوم بتوجيه ضربات تدرجيه انطلاقا من ما يقوم به الكيان لضرب أسلحتها وإمكانتها.
هناك تصريحات معلنة من نتنياهو والحكومة الصهيونية، لتسويق الأداة العسكرية أمام جمهور المستوطنين، وأمام أطراف عدة على مستوى العالم وهي: هدف إعادة النازحين إلى مناطق الشمال، وفك الارتباط مع قطاع غزة، وبالتالي تحرير الأسرى.. هذه الأهداف المعلنة ليست هي التي تحرك نتنياهو، ولوكانت كذلك لقام بالذهاب لصفقة، والصفقة ستعيد له الأسرى، كما ستعيد له أولئك الذين نزحوا من مناطق الشمال.. الهدف هو استكمال المشروع اليميني الصهيوني الذي يريد أن يفرض إسرائيل كقوة مهيمنة في المنطقة، وقوة مندمجة ومتجانسة، بمعنى إزالة أي عداء في المنطقة لإسرائيل. هذا ما بدأ به نتنياهو في السنوات الماضية خلال فترة وجود دونالد ترامب في رئاسة الإدارة الأمريكية، وكانت ضمن مسار التطبيع، بمعنى أنه اتخذ مسارًا دبلوماسيًا، وقدم نفسه للجمهور الإسرائيلي على أنه ذلك الرجل الذي قاد إسرائيل إلى اختراق أنظمة الدول العربية، وفي المرحلة اللاحقة الانتقال بالتطبيع إلى المستوى الشعبي.
واجه هذا المشروع موجة من الرفض الشعبي والسياسي، وأن هناك قوى ترفض أن يكون هناك دمج لإسرائيل في المنطقة بشكل سلس وطبيعي على حساب القضية الفلسطينية. هذا الأمر هو الذي يحاول نتنياهو أن يعالجه بالقوة، سواء داخل فلسطين، أو على مستوى إقليمي بشكل تدرجي، أي الانتقال إلى مشاريع أعلى من دائرة لبنان وفلسطين، إلى اليمن والعراق وضرب المشروع النووي في إيران.
بمعنى أن الصراع سيكون له جولات قادمة، ولن يتوقف عند حدود جغرافية محددة.
ديناميكيات إقليمية
تركيا والخليج، وخاصة "السعودية" يتابعون الوضع عن كثب، مع تباين المواقف بين من يريد تهدئة الأوضاع، ومن يرى في إضعاف حزب الله ضربة لإيران التي تعارضها هذه الدول. فالنوايا الإسرائيلية تجاه لبنان ستعتمد على عدة عوامل استراتيجية وسياسية، لكنها على الأرجح ستسير في اتجاه تصعيدي لتحقيق أهداف محددة. وهذا يقودنا للإشارة إلى عدة أهداف ونوايا محتملة لإسرائيل في الاتجاهات التالية:
1.ضرب بنية حزب الله العسكرية: باستهداف القوة الصاروخية، ذلك أن حزب الله يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ متوسطة المدى، وطائرات مسيرة، وقوة نارية متنوعة، تشكل تهديدًا على الكيان. ومن المحتمل أن يسعى الكيان إلى تدمير البنية التحتية الصاروخية لحزب الله بشكل شامل، سواء في جنوب لبنان أو في مناطق أخرى، ومن بينها مخازن الأسلحة إذا ماتوفرت لديه المعلومة الاستخبارية لذلك. ويركز الكيان على استهداف العناصر القيادية، لخلق فراغ قيادي في حزب الله، واستغلال هذا الفضاء لضرب قيادات الصف الثاني للحزب، لمنع صعود قيادات قوية يمكنها إعادة توجيه المقاومة بسرعة.
2.إضعاف النفوذ الإيراني في لبنان: إسرائيل ترى في حزب الله ذراعًا لإيران على حدودها الشمالية، ومن ثم فإن اغتيال قيادة الصف الأول والقيادات الوسطية، يُعتبر فرصة لتقويض النفوذ الإيراني في لبنان عبر إضعاف حزب الله، عسكريًا وسياسيًا.
3.إعادة رسم الخطوط الحمراء في الصراع: بعد اغتيال شخصية بحجم نصر الله، قد تسعى إسرائيل إلى إعادة فرض "قواعد اللعبة" في الصراع مع حزب الله. بأن تقوم بتوسيع خطوطها الحمراء، بما في ذلك منع أي تهديد صاروخي أو عسكري من جنوب لبنان، عبر استعراض القوة وتوسيع نطاق العمليات العسكرية لضرب البنية التحتية للحزب.
4.دفع لبنان نحو الفوضى السياسية: حزب الله ليس فقط قوة عسكرية، بل هو أيضًا قوة سياسية فاعلة في لبنان. من المحتمل أن تسعى إسرائيل إلى إضعاف دوره السياسي عبر زعزعة استقرار لبنان، بهدف خلق ضغوط داخلية تُضعف قدرة الحزب على التركيز على الصراع العسكري مع إسرائيل. قد يشمل هذا استخدام الضغوط الدولية لتقييد قدرات الحزب السياسية والعسكرية في الداخل من خلال إجراءات سياسية في انتخاب رئيس جمهورية.
5.التمهيد لعملية عسكرية أوسع في جنوب لبنان:
بدا ذلك بتعزيز القوات الاسرائيلية بنشر لواءين إسرائيليين باتجاه الحدود مع لبنان يشير بدء عملية عسكرية واسعة في الجنوب، هدفها السيطرة على المناطق الحيوية التي يستخدمها حزب الله كمنصات لإطلاق الصواريخ أو كقواعد عسكرية. تسعى إسرائيل إلى إنشاء "منطقة عازلة" داخل الأراضي اللبنانية لتحييد التهديدات الأمنية المباشرة من حزب الله.
6.تحقيق حالة من الردع طويلة الأمد، ليس فقط ضد حزب الله، ولكن ضد كل من إيران والفصائل المتحالفة معها في المنطقة. إسرائيل قد تتبع استراتيجيات تصعيدية لإظهار أن أي عمل ضدها سيقابله برد فعل ساحق يؤدي إلى خسائر كبيرة للخصوم.
7.إعادة صياغة المعادلات الإقليمية والدولية، لحشد دعم دولي ضد حزب الله وإيران، وتعزيز الضغوط على لبنان سياسيًا واقتصاديًا لمنع إعادة تسلح أو تعافٍ للحزب.
دول الخليج وبعض الأطراف الدولية قد تدعم الجهود الإسرائيلية في هذا الاتجاه، خصوصًا إذا تم تصوير حزب الله كتهديد أمني إقليمي وليس مجرد طرف في صراع لبناني-إسرائيلي.
خلاصة القول، فإن اغتيال حسن نصر الله سيكون له تداعيات واسعة النطاق في الإقليم. معظم الدول ستسعى إلى تهدئة الوضع، لكن قوى إقليمية مثل إيران وحلفاؤها لن يتخلوا عن اسناد المقاومة اللبنانية، مما يزيد من احتمالات التوتر. الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشكل كامل، ربما تحاول تجنب الانغماس المباشر في الحرب، إلا إذا فرضت الظروف ذلك. بالتأكيد، أي تصعيد على لبنان، خاصة إذا تضمن تدخلًا عسكريًا إسرائيليًا كبيرًا في جنوب لبنان، سيشكل تهديدًا كبيرًا لأمن واستقرار الإقليم الذي قد يتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بتطور هذه الأحداث، وزعزعة الأوضاع الأمنية في المنطقة.