سبتمبر 30, 2024 - 20:14
قراءة سريعة في خطاب نائب الأمين العام لحزب الله 


عرب جورنال / كامل المعمري - 
خطاب الشيخ نعيم قاسم يحمل رسالة واضحة تعكس قوة وثبات المقاومة في وجه الضغوط والتحديات، خصوصا بعد الضربات التي تعرضت لها.
 الضغوط التي تواجهها المقاومة، لم تؤثر على قرارها بالمضي قدما في مواجهة العدو، بل عززت قناعاتها  بالاستمرار في خط المواجهة، ما يعكس روح التحدي والصلابة التي يتميز بها حزب الله.
إصرار الشيخ نعيم على عدم قبول أي وقف لإطلاق النار في لبنان دون وقف العدوان على غزة يمثل استراتيجية المقاومة الشاملة وهذه الرسالة تؤكد استمرارها على نفس النهج وأنها لم تتضرر وان التحدي الذي وضعه السيد الشهيد حسن نصر الله  قائما وهو عدم عودة المستوطنين الى الشمال المحتل الا بوقف العدوان على غزة 
الخطاب ايضا يؤكد أن الضربات التي تعرض لها حزب الله، بما في ذلك الاغتيالات، لم تضعف قدرته على التحكم والسيطرة،وبذلك يؤكد نعيم قاسم أن منظومة القيادة والسيطرة تتعافى بسرعة بعد كل ضربة، وهي رسالة تهدف إلى طمأنة أنصار المقاومة بأن التنظيم ما زال متماسكا وقادرا على مواجهة أي تحديات قادمة.
يؤكد الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة لم تستخدم بعد كامل قدراتها العسكرية، بل تقاتل بالحد الأدنى من قوتها، مما يعني أنها تحتفظ بقدراتها الاستراتيجية للمراحل الحاسمة في المواجهة، ولديها إمكانيات لم تُظهرها بعد، ما يخلق حالة من الردع لدى العدو الذي ينتشي بالنصر ويبدو انه يبالغ في اضعاف قدرات حزب الله 

الخطاب أوضح أن المقاومة جاهزة لكل السيناريوهات، بما في ذلك السيناريو الأشد وهو العمل البري، مما يعني أنها لن تُفاجأ بأي خطوة من العدو وهي مستعدة للتصدي لأي هجوم بري محتمل وهي رساله  للفرنسي والامريكي اللذان يقودان حملة تهويل ودعاية كبرى تستهدف الداخل اللبناني
كذلك، إعلان الشيخ نعيم عن التصعيد التدريجي يشير إلى أن المقاومة لن تتوقف عند النقطة الحالية، بل ستصعد مواجهتها بشكل مدروس ومخطط لزيادة الضغط على العدو بشكل مستمر حتى الوصول إلى الأهداف المنشودة.
من ناحية اخرى خطاب الشيخ نعيم قاسم جاء ليرد على مزاعم العدو التي تشير إلى تدمير منظومة قدرات الحزب الصاروخية.
 أراد الشيخ نعيم قاسم أن يطمئن جمهور المقاومة ويوجه رسالة للعدو بأن الحديث عن تدمير القدرات الصاروخية ليس سوى دعاية مبالغ فيها. تأكيده أن المخزون الصاروخي الاستراتيجي لم يتأثر ولم يتضرر يهدف إلى إظهار أن قوات الحزب لا تزال تحتفظ بإمكانياتها الصاروخية الكبيرة وهذا يُرسل رسالة واضحة إلى العدو بأن حزب الله يمتلك من القدرات الصاروخية التي تستطيع بها فرض شروطها على الكيان
ايضا يجب أن نلفت الانتباه إلى أن خطاب الشيخ نعيم قاسم يشكل تحذيرا قويا لاسرائيل وينبغي عليها ألا تنتشي كثيرا في مزاعم الانتصار أو تبالغ في تقدير ضعف حزب الله فرغم الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها المقاومة، فإن الرسائل الواضحة التي بعث بها الشيخ نعيم قاسم تعكس حالة من القوة والصلابة التي تمتاز بها قوات المقاومة التي لا تزال تحتفظ بقدرات عسكرية استراتيجية لم تُظهرها بعد.
من المهم أيضا أن نفهم أن الرؤية الحالية للكيان المحتل قد تعكس نوعا من الغرور الاستراتيجي، مما قد يدفعه إلى اتخاذ قرارات خاطئة قائمة على تقديرات غير دقيقة.

 فالمقاومة قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية نوعية عند الحاجة، ولديها القدرة على تحقيق مفاجآت في الميدان. وهذا يعني أن أي تحركات عسكرية من قبل العدو قد تواجه ردود فعل غير متوقعة 
بالمجمل يبدو، فإن خطاب الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، هو خطاب مرحلي مؤطر في فترة زمنية معينة، لا تتجاوز بضعة أسابيع. 
هذا الخطاب يتناسب تماما مع المتغيرات الحاصلة داخل الحزب، خاصة بعد تعرضه لضربة كبيرة من قبل الكيان الإسرائيلي بالتالي فإن الواقع الحالي يتطلب من حزب الله تكييف استراتيجياته ومواءمة رسائله مع التحديات الجديدة التي يواجهها

ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن هذا الخطاب هو جزء من مرحلة معينة، وسيتغير بشكل جذري عند تعيين أمين عام جديد للحزب فالقيادة الجديدة بكل تأكيد ستحمل معها استعادة الردع الاستراتيجي وتوجيه ضربات قوية للعدو

من جهة اخرى فإن  تقديرات الكيان المحتل القائمة على الضعف المحتمل لحزب الله قد لا تكون واقعية بل ستظهر الأحداث القادمة كيف يمكن أن يؤدي الضغط إلى ردود فعل معاكسة، تعزز من موقف الحزب وتعيد تأكيد قوته

واجمالا فإن كلمة نعيم قاسم تمثل محاولة لتثبيت موقف الحزب وإظهار القوة في وجه التحديات، لكنه أيضا يشير إلى أن الحزب يتأقلم مع الوضع الراهن وأنه قد يكون هناك تغييرات قريبة في القيادة وأسلوب العمل. 
أخيرا فإن الأحداث المقبلة ستظهر للجميع أن القوة الحقيقية للمقاومة لا تكمن فقط في ترسانتها العسكرية بل في قدرتها على التكيف مع مختلف التحديات. 

- صحفي متخصص في الشأن العسكري