أروى حنيش
تقود أرض الصومال، عبر إتفاقها مع إثيوبيا إلى تأجيج الصراع في القرن الأفريقي، ودفع خصوم ومنافسي إثيوبيا، خاصة مصر والسودان وإريتريا، لدعم المجموعات المتمردة داخلها، لإشغال “آبي أحمد” عن مشاريعه التوسعية في دول الجوار. فيما يحاول الأخير عبر تحكمه في مياه النيل بواسطة سد النهضة، واكتساب منفذ بحري على البحر الأحمر، إلى ابتزاز جيرانه وتوسيع نفوذه، وهو ما قد يؤدي إلى صدامات دامية حال عدم التوصل لتسوية وتفاهمات سياسية. ولا تعد طموحات “آبي أحمد” البحرية مفاجئة أو وليدة اللحظة، حيث سبق أن أطلق مشروع إعادة إحياء القوات البحرية الإثيوبية وأعاد تأسيس أسطولها البحري. وسيتيح تأسيس قاعدة عسكرية بحرية على البحر الأحمر لتستعيد إثيوبيا بحريتها الإمبراطورية.
نقاط وصول اثيوبيا للبحر الأحمر
انضمام إثيوبيا لنادي اللاعبين في المحيط الهندي ومضيق باب المندب وبحر العرب، يكفل لها تنويع نقاط وصول إثيوبيا للبحر ويحررها من قيود الجغرافيا التي فرضت عليهافي حال المضي في تنفيذ الاتفاق، سيكون من المرجح أن تتجمد المفاوضات بين الصومال و”أرض الصومال” الخاصة بالوصول إلى حل سلمي للقضايا الخلافية بين الجانبين. وقد يشجع الاتفاق بعض حكومات أقاليم الصومال الخمسة على المضي في اتفاقات ثنائية مع دول أخرى بمعزل عن مقديشو، وهو ما سيعزز من الخلافات الداخلية الصومالية، وبينما يتوقع أن تكون الاتفاقية مدعومة من قبل الإمارات وفرنسا، فمن المتوقع أن يسعى الاتحاد الأوروبي للوساطة بين مقديشو وأديس أبابا وهرجيسا، كما يمكن لأنقرة أن تلعب أيضًا دورًا في الوساطة، في ظل علاقاتها العميقة مع كل من مقديشو وأديس أبابا.
وكانت أديس أبابا قد استهلت العام الحالي (2024) بتوقيع اتفاقية مع إقليم أرض الصومال (وهو إقليم انفصالي يطالب بالاستقلال عن الصومال)، تمنحها حق الوصول إلى ميناء "بربرة" الصومالي على البحر الأحمر واستعماله تجاريًا وعسكريًا، مقابل حصة في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، والأهم اعتراف سياسي باستقلال أرض الصومال. حيث ومن وجهة نظر الصومال، تنتهك الاتفاقية الإثيوبية سيادة الصومال، وتتجاهل حكومته المركزية، وتعزز من قوة إقليم ذي نزعات انفصالية، وهو ما يفسر استياء مقديشو من جارتها الأفريقية وحليفتها المؤقتة حتى وقت قريب. أما القاهرة، فعلى الرغم من أن مسرح الاتفاقية يبعد آلاف الكيلومترات عن أراضيها، فإنه يرتبط بأهم قضيتين في منظومة الأمن القومي المصري، وهما أمن المياه، وحماية الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.
ولدى إثيوبيا مصلحة استراتيجية في الوصول إلى جميع الموانئ البحرية في منطقة القرن الأفريقي في إطار استراتيجية رئيسة يرتكز عليها آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، في مشروعه الإقليمي الذي يقوم على ضمان التقدم الاقتصادي لإثيوبيا والتغلب على كونها دولة حبيسة، مما يعزز المساعي الإثيوبية لامتلاك حصص في الموانئ البحرية بالمنطقة، ولذلك شرعت إثيوبيا عقب تولي آبي أحمد السلطة في أبريل 2018 في تبني دبلوماسية الموانئ، كجزء من المشروع الإثيوبي الإقليمي الطامح لتوحيد القرن الأفريقي ككتلة اقتصادية يلعب سلاح البحرية دورًا بارزًا ويكون جزءًا رئيسًا منه، بهدف التغلب على المعضلة الجغرافية التي لازمت إثيوبيا منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك عقب استقلال إريتريا في عام 1993، الذي شكل نقطة تحول استراتيجي في السياسة الإثيوبية التي انخرطت في البحث عن بدائل متنوعة من الموانئ البحرية في دول الجوار الإقليمي، للاعتماد عليها في النفاذ إلى البحر الأحمر أو المحيط الهندي من أجل ضمان استمرار عبور التجارة من وإلى أديس أبابا. وقد دفع ذلك آبي أحمد إلى المسارعة لتوقيع سلسلة من الاتفاقات مع بعض دول الجوار الجغرافي مثل جيبوتي والصومال وكينيا والسودان إلى جانب أرض الصومال بشأن استخدام الموانئ البحرية، والحصول على حصص فيها لتسهيل التجارة الإثيوبية مع العالم الخارجي، وهو ما تزامن مع عودة العلاقات الاستراتيجية مع إريتريا عقب توقيع اتفاق السلام بينهما في عام 2018. وعزز تلك المساعي الإثيوبية أيضًا إعلان آبي أحمد في عام 2019 نية بلاده إعادة تأسيس القوة البحرية الإثيوبية بمساعدة فرنسية حتى تكون إثيوبيا جاهزة لقيادة المنطقة في إطار مبادرة التكامل الإقليمي.
مخاوف إثيوبيا
تزايدت المخاوف الإثيوبية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بشأن إخفاقها في تأمين أكثر من بديل للتواصل مع العالم الخارجي عبر طرق الملاحة البحرية، خاصة مع التهديدات التي أطلقها مقاتلو قوات دفاع تيجراي خلال الحرب الإثيوبية الأخيرة بقطع الطريق الرئيس الواقع في إقليم عفر والواصل بين العاصمة أديس أبابا وميناء جيبوتي؛ ما أثار انتباه الحكومة الإثيوبية لضرورة استمرار المساعي من أجل تأمين بدائل استراتيجية لميناء جيبوتي الذي تعتمد عليه أديس أبابا في عبور أكثر من 95% من التجارة، لتحقيق عدد من الأهداف وأهمها:
-التأثير الجيوسياسي: من خلال الاتفاق تحصل إثيوبيا على إمكانية الوصول إلى زاوية استراتيجية للغاية من العالم ، وهي باب المندب المكان الذي يتم فيه إجراء ما يقرب من 15% من التجارة الاقتصادية العالمية، ولن تملك أديس أبابا فرصة مماثلة في المستقبل القريب مع حالة الفوضى في السياسة الدولية الحالية التي يسعى فيها الجميع لإعادة التموضع قبل نهاية التقلبات الحالية.
-النمو الاقتصادي: يعد الوصول إلى البحر الأحمر أمرًا بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي والتنمية في إثيوبيا. توجه شركات الاستيراد والتصدير تحديات تؤثر على قدرة الدولة التنافسية في التجارة العالمية، وتشكل تكاليف عبور البضائع من الميناء إلى البر الرئيس عبر جيبوتي أعباء كبيرة. واعتمدت إثيوبيا على جيبوتي في التجارة الدولية، حيث يمر أكثر من 95% من وارداتها وصادراتها عبر ممر أديس أبابا-جيبوتي، وفقًا للبنك الدولي(5% المتبقية عبر موانئ الصومال). ووصلت تكلفة الخدمات مليوني دولار أمريكي يوميًا للعبور وما يقارب 1.5 مليار دولار سنويًا. ويشكل هذا ما يقرب من خمس قيمة التجارة الخارجية لإثيوبيا. وهي تكلفة يقول "آبي أحمد" إنه لا يمكن تحملها.
إضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد على موانئ الدول المجاورة يطرح تحديات مثل الازدحام والتأخير وارتفاع التكاليف. فوجود ميناء خاص بها على طول البحر الأحمر من شأنه أن يمنح أديس أبابا سيطرة أكبر على تجارتها ولوجستياتها، مما يتيح عمليات أكثر سلاسة وكفاءة.
-الطاقة والبنية التحتية: يرتبط هدف أثيوبيا بمشروع الطاقة الكهرومائية بالوصول إلى البحر الأحمر: تصدير الكهرباء إلى الدول المحيطة والمطلة على البحر الأحمر، ونقل الطاقة إليها. كما أن منطقة البحر الأحمر غنية بموارد الطاقة، خاصة النفط والغاز الطبيعي. تمتلك دول مثل المملكة العربية السعودية ومصر والسودان احتياطيات نفطية كبيرة وتلعب دوراً حاسماً في أسواق الطاقة العالمية؛ تريد أثيوبيا أن تكون جزء من الاستثمار في هذه الطاقة.
-النفوذ الإقليمي: ستمنح الصفقة إثيوبيا الحق في منشآت على خليج عدن يمكن استخدامها كقاعدة عسكرية ولأغراض تجارية لمدة 50 عامًا، وستكون قادرة على الوصول إليها عبر ممر مستأجر من أرض الصومال. ويهدف "آبي أحمد" أن يكون لبلاده تأثير على دول المنطقة ونفوذ إقليمي كبير، لذلك تحتاج أن تكون مؤثرة عسكرياً ضمن التأثير الموجود في خليج عدن والقواعد العسكرية الكبرى في المنطقة. وتتميز منطقة البحر الأحمر بشبكة معقدة من الديناميكيات السياسية من صراعات وتحالفات والوجود في هذه التحالفات تمنح أديس أبابا تأثير بعيد المدى على النفوذ في الإقليم والمنطقة.
الانضمام لمجلس الدول المطلة على البحر الأحمر
تحاول أديس أبابا من خلال الاتفاق أيضًا الانضمام إلى مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي تأسس عام 2020، والذي يضم مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي والصومال من الضفة الأفريقية للبحر الأحمر، والسعودية والأردن واليمن من الجانب الآسيوي. لذلك من منظور واقعي، فإن الدفع باتجاه الوصول المباشر إلى البحر الأحمر يحمل مزايا لأثيوبيا: إذ ينهي اعتماد أثيوبيا على جيرانها، والدفع باقتصادها، وتعزيز أمنها ومكانتها في المنطقة. لكن ذلك قد يصطدم بالعديد من التحديات من حيث قانونية الاتفاق إلى الرفض الواسع من جيرانها ودول المنطقة المرتبطة مصالحها بالقرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر.
دوافع استراتيجية
تُحرّك إثيوبيا العديد من الدوافع الاستراتيجية لامتلاك منفذ بحري دائم في المياه الدافئة، وتتمثل أبرز تلك الدوافع في:
1- تعزيز المكانة الإقليمية: يخطط آبي أحمد منذ صعوده للسلطة لاستعادة ما يسمى بـ"المجد الإمبراطوري القديم" لإثيوبيا، وهو ما يعززه تصريحه بأن بلاده تسعى إلى أن تصبح القوة الإقليمية الأقوى في أفريقيا، وهو الجوهر الأساسي للمشروع الإثيوبي الذي يقوم على تعزيز الهيمنة والسيطرة الإثيوبية على دول القرن الأفريقي وتمدد النفوذ لمناطق استراتيجية أخرى في القارة، وهو ما قد يترتب عليه تقليص نفوذ وأدوار بعض القوى الإقليمية التي ترى فيها أديس أبابا أنها مناوئة لها، بينما قد يضمن لأديس أبابا في ذات الوقت زيادة اعتماد القوى الدولية الفاعلة في المنطقة بشكل أوسع على أديس أبابا، لكي تستعيد ثقة الغرب، لا سيما بعد تراجع العلاقات بينهما بسبب تداعيات الحرب الإثيوبية الأخيرة في إقليم تيجراي شمالي البلاد.
2- تنويع الخيارات الاستراتيجية: تسعى إثيوبيا بشكل حثيث إلى إيجاد موطئ قدم في كل الموانئ البحرية بدول المنطقة، بما يعزز البدائل المتاحة أمامها، وتأمين ممرات استراتيجية في المنطقة تهدف إلى تدفق تجارتها الخارجية والتحول إلى مركز اقتصادي ومالي إقليمي هناك. بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على ميناء جيبوتي الذي يستحوذ على 95% من تجارة إثيوبيا مع العالم الخارجي، تحسبًا لأي تحولات محتملة في العلاقات بين البلدين في المستقبل في ضوء تعقيد التفاعلات الإقليمية في القرن الأفريقي، لا سيما أن مخاوفها تظل قائمة تجاه تزاحم القوى الدولية في جيبوتي، وما ينطوي عليه من تناقضات في المصالح الاستراتيجية الدولية، وما يمثله ذلك من تهديد للنفوذ الإثيوبي الإقليمي في المنطقة.
3-التغلب على الواقع الجغرافي: تدرك إثيوبيا منذ تحولها لدولة حبيسة في تسعينيات القرن الماضي بأنها افتقدت جزءًا من مقومات قوتها الإقليمية خاصة بعدما أعلنت تفكيك القوة البحرية الإثيوبية، وهو ما دفع أديس أبابا نحو تكثيف البحث عن منافذ بحرية دائمة تقلل من حدة المعضلة الجغرافية التي تعانيها البلاد، خاصة أن الحكومة الإثيوبية ترفض أن تُمارس عليها ضغوط إقليمية أو دولية لكونها دولة حبيسة، كما أنها لا تريد تكرار تجربة إريتريا في بداية الألفية حتى لا تكون مضطرة لدفع المزيد من التكلفة لمرور تجارتها عبر الموانئ البحرية في المنطقة.
4- البحث عن دور في أمن البحر الأحمر: هناك مساعٍ إثيوبية للانخراط في لعبة الأمم بإقليم البحر الأحمر، رغبة منها في الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية في المنطقة من خلال الحصول على موطئ قدم استراتيجي هناك. إلى جانب حماية السفن الإثيوبية البالغ عددها إحدى عشر سفينة تتمركز في البحر الأحمر، خاصة مع القرب الجغرافي لإثيوبيا من البحر الأحمر بمسافة تبلغ حوالى 60 كيلومترًا تقريبًا، علاوة على تقديم تسهيلات عسكرية ولوجستية للدول الحليفة لها. كل ذلك قد يسهم في تعزيز دورها الإقليمي والظهور كرقم مهم في المعادلة الأمنية للبحر الأحمر، وإبداء الرأي في صياغة الأهداف البحرية الإقليمية إلى جانب تقديم نفسها للقوى الدولية الفاعلة كشريك وحليف كفؤ في أمن واستقرار القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وذلك من خلال لعب دور في تأمين التجارة الدولية والملاحة البحرية والمضايق البحرية بما في ذلك مضيق باب المندب الاستراتيجي.
5- حماية المصالح الاقتصادية الإثيوبية: وهو ما يبرر مساعي إثيوبيا لامتلاك حصص مختلفة في الموانئ البحرية على ساحل البحر الأحمر والمحيط الهندي بهدف تسهيل نقل تجارتها وتجاوز التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى تنويع منافذها للمياه الدافئة وخفض رسوم الموانئ البحرية. فهي تستهدف أن تصبح قوة إقليمية تحظى بموقع استراتيجي بالنسبة لطرق التجارة والشحن والنقل البحري في القرن الأفريقي.
كما أن الاستراتيجية الإثيوبية للتحول لمركز تصنيع إقليمي يتطلب معالجة أزمة الموانئ البحرية، وذلك في إطار التوجه التنموي لإثيوبيا وتحسين قدرتها على
خريطة أرض الصومال
وجود قاعدة عسكرية إثيوبية محتملة في ميناء بربرة في إقليم أرض الصومال هو امتلاكَ إثيوبيا القدرة على رقابة وتحجيم التحركات المصرية في البحر الأحمر، وهذا
يعني وجود قاعدة عسكرية إثيوبية محتملة في ميناء بربرة تقوم بمهمة رقابة وتحجيم التحركات المصرية في البحر الأحمر، والأهم أن أديس أبابا ستضع قواتها بشكل دائم على مدخل البحر قرب مضيق باب المندب، مما يجعلها قادرة على تهديد الملاحة في قناة السويس. عند هذه النقطة، أيقنت القاهرة أخيرا أن عليها التصدي بجدية أكبر لنوايا أديس أبابا التوسعية في المنطقة، من خلال تطوير العلاقات وتكوين رؤية إقليمية مشتركة مع دول القوى الفاعلة في منطقة القرن الأفريقي. يستبطن هذا التوجه المصري الناشئ عمقا تاريخيًا لا يمكن تجاهله، حتى لو كانت القاهرة نفسها تنكرت له لفترة طويلة. ففي ذروة الحرب الباردة خلال ستينيات القرن الماضي، وبالتزامن مع حصول معظم الدول الأفريقية على استقلالها من الاستعمار، تَحوَّلت منطقة القرن إلى واحدة من أهم ساحات التنافس العالمي بين الشرق والغرب. وقتها، كانت القاهرة في مقدمة الداعمين لمشروعات التحرر الوطني في القارة تحت قيادة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وقتها، صرح "هيلا سيلاسي" آخر الأباطرة الإثيوبيين بأن فكرة "الصومال الكبير" التي تعني ضم الأقاليم الخمسة للصومال -الذي قُسم بفعل الاستعمار- في دولة موحدة، هي فكرة مصرية زُرعت في نفوس الصوماليين لزعزعة استقرار إثيوبيا، الحليف القوي للغرب وحائط الصد للتمدد السوفيتي في المنطقة. منذ ذلك التاريخ، حدثت تحولات مأساوية تبدلت فيها مواقع اللاعبين، وجرت مياه جديدة في نهر السياسة، وحتى في مجرى النيل نفسه الذي اعتاد أن يصل بفيضانه كل عام إلى دولتي المصب، قبل أن تعترضه مؤخرا كتلة خرسانية هائلة وضعتها إثيوبيا في مسار جريانه، تعتبرها أديس أبابا اليوم حجر الأساس في مشروع طموح للهيمنة الإقليمية، يتضمن -للمفارقة- امتلاك موطئ قدم على البحر الأحمر، الذي لا تمتلك إثيوبيا وصولا جغرافيا إليه منذ انفصال إريتريا عنها مطلع التسعينيات. وخلال العقدين الماضيين، لم تلعب الديناميات السياسية في المنطقة لصالح مصر التي انعزلت عن عمقها الأفريقي، تاركةً الساحة لإثيوبيا للعب منفردة. لكنّ ما حدث هو أن طموحات أديس أبابا الواسعة وسياستها بدأت تثير مخاوف جيرانها وحلفائها السابقين، وهو ما يمنح القاهرة فرصة جديدة لإعادة تشكيل سياستها في هذه المنطقة الحيوية.