عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي -
كل ما يقترفه الكيان الصهيوني -على مدى عشرات الأعوام- في حقّ الشعب العربي الفلسطيني من إجرام لا سيما ما يشنه -منذ قرابة العام- على «قطاع غزة» من حرب إبادة جماعية وما يمارسه على «الضفة الغربية» من سياسة تهجير قسري أصبح موضع إدانة واستنكار حتى من قبل كتاب إسرائيليين بل ومن قبل مسؤولين عسكريين ومدنيين سابقين، صاروا -برغم انتمائهم إلى هذا الكيان اللعين- يصفون تعامل المستوطنين ومن ورائهم كبار المسؤولين مع الفلسطينيين بالمشين.
فأيُّ مستقبلٍ مشؤومٍ وكئيب ينتظره مسؤولو هذا الكيان الاحتلالي الدخيل المزروع من قبل عُبَّاد الصليب بعد أن أضحت ممارساته الوحشية مدانة ومجرَّمة من القريب فضلًا عن الغريب؟
عميرة هاس: المحاكم متواطئة مع القتل الآثم
على الرغم من التعتيم الإعلامي الذي تفرضه سلطات الكيان الصهيوني على أيّة أصوات ناقدة لما تنتهجه في حق الفلسطينيين من سياسات وحشية حاقدة، تتمكن بعض تلك الأصوات من الظهور، فينكشف -عبرها- شيءٌ من المستور، من تلك الأصوات الكاتبة الإسرائيلية «عميرة هاس» التي اعتبرت وحشية إسرائيل "السرية"-بحسب ما نقلت ««الجزيرة نت» في الـ5 من مارس الماضي عن عمود الكاتبة في صحيفة «هآرتس»- (مثل خط تجميع المصانع، ومنتجها النهائي هو إفقار ومصادرة وطرد الفلسطينيين كمسألة روتينية في أوقات الهدوء، والتدمير والقتل والمصادرة والإفقار في زمن الحرب).
ولم تتردد الكاتبة عن الإشارة إلى تورط المحكمة العليا في التواطؤ مع الممارسات الوحشية التي تمارس من قبل قطعان المستوطنين ومؤسسات الأمن والجيش على حدٍّ سواء، فقد جسدت هذا المعنى بقولها: (إنَّ خلقًا كثيرين يعملون لصنع المنتج -وحشية إسرائيل السرية- وكلهم يستمدون سلطتهم من قانون برلماني أو "إلهي" أو من أحكام المحكمة العليا.
وبخلاف وثائق هويتهم، لا يوجد شيء يربط بين قضاة المحكمة العليا الذين سمحوا في عام 2022 للجيش بالتدريب بالذخيرة الحية وسط القرى الفلسطينية في منطقة «مسافر يطا» وبين الجنود، ولا يعتبر أي من هؤلاء الأشخاص نفسه عنصرًا في خط التجميع المؤدي إلى طرد الفلسطينيين، لكنهم جميعهم -على حدِّ مزاعمهم الشيطانية- يشتركون في أنهم مرعوبون من القسوة الفلسطينية.
وإنَّ القسوة المؤسسية الإسرائيلية تسمح لمئات الآلاف من اليهود الإسرائيليين الملتزمين بالقانون غير العادل والمتبعين للنظام العنصري المخجل بأن يكونوا قساةً دون ذرةٍ من التأمل).
جدعون ليفي: لعدة أسباب أنا أؤيد «الإرهاب»
لعل «جدعون ليفي» الذي لا يخفي ازدراءه تأسيس أسلافه الصهاينة دولة «الكيان الصهيوني» على أساس الديانة هو أجرأ الكتاب انتقادًا لما تمارسه سلطات كيانه المتطرفة في حق الفلسطينيين من عنصرية ووحشية مقرفة، فهو من أكثر من أشاروا إلى أنَّ إشكالية الإسرائيليين مع الفلسطينيين لم تبدأ في الـ7 من أكتوبر، بل تعود جذورها إلى 76 سنة أو أكثر، ومن هذا المنطلق انتقد بشدة ما تقوم به سلطات بلاده -على خلفية أحداث 7 أكتوبر- من تنكيل بسكان الضفة منذ شهور عدة، وقد أشير إلى هذا المعنى -بإسهاب- في سياق الاستعراض التحليلي المعنون [جدعون ليفي ردًّا على الكهانيين وما تفعله مليشياتهم في الضفة: أنا أيضاً أؤيد الإرهاب] الذي نشرته جريدة «القدس العربي» مطلع سبتمبر الحالي على النحو التالي: (ما يفعله المستوطنون في الضفة الغربية بتشجيع من الوزراء الكهانيين وصمت رئيس الحكومة والوزراء والجمهور -مؤخرًا- جُرم مزدرى، فقد زرت جنين وطولكرم وقلقيلية ورام الله والخليل؛ لم يعد هناك ما يشبه الواقع في 6 أكتوبر، رغم أنه لم يكن للضفة أي دور في هجوم 7 أكتوبر. استيقظ 3 ملايين فلسطيني على واقع جديد في 8 أكتوبر، ليس لأنَّ الواقع السابق كان إنسانيًّا وشرعيًّا.
فبشهوة الانتقام واستغلال الفرصة، أطبق حذاء إسرائيل القبضة على عنق الضفة بلا رحمة، وعشرات آلاف الدونمات صودرت ونزعت وسلبت في هذه الأشهر، ولا يوجد في الضفة الغربية أية تلة إلا ورفع المستوطنون عليها علم إسرائيل أو أقاموا بؤرة استيطانية لتصبح ذات يوم مدينة. ونصب الجنود الحواجز بكل مكان، لا يمكن الانتقال من مكان إلى آخر في الضفة بدون الاصطدام بها والوقوف عليها ساعات وساعات، لا يمكن التخطيط لأي شيء في الواقع الذي فقد فيه 150 ألف شخص مصدر رزقهم بعد منعهم من العمل في إسرائيل، الجميع عوقبوا على 7 أكتوبر، فبقوا الـ 11 شهرًا بدون مصدر رزق.
وحسب إحصائيات الأمم المتحدة، فإن 630 فلسطينيًّا قتلوا في الضفة منذ بداية الحرب، 140 من بينهم بواسطة 50 هجومًا من الجو، فالمسموح في غزة مسموح في الضفة. أدرك الجنود ذلك، وتعاملهم مع الفلسطينيين يكون وفقًا لذلك.
ولما مضي من معطيات وحيثيات وأسباب لا يسعني إلَّا أن أؤكد -دون تحرجٍ من مزايدة أي مزايد- أنني أؤيد الإرهاب).
يهودا فوكس: المستوطنون ارتكبوا “جريمة قومية”
جرائم المستوطنين المتطرفين المدعومين من الوزيرين المتطرفين «بستلئيل سموتريتش» و«إيتمار بن غفير» في حقّ مدنيي الضفة الغربية -لا سيما بعد اندلاع «طوفان الأقصى»- تجاوزت -وما تزال تتجاوز إلى حدّ الآن- كل التصورات المنطقية التي لا تخطر على بال إنسان، حتى باتت -لفظاعتها ووحشيتها- مثار استنكار من جنرالات صهاينة سابقين تبوؤوا مناصب عسكرية رفيعة وألحقوا بأبناء التجمعات السكانية الفلسطينية من صنوف الأذى -طيلة شغلهم تلك المناصب العسكرية العليا- ما لا يعد ولا يحصى.
يأتي في صدارة الجنرالات الذين استنكروا ما يصلاه الفلسطينيون على أيدي المستوطنين من ويلات اللواء «يهودا فوكس» قائد القيادة المركزية الإسرائيلية السابق الذي انتقد وحشية المستوطنين في حق المدنيين الفلسطينيين المتعمَّدة بشدة، وقد أشير إلى ذلك الانتقاد الحاد في مستهل الخبر الصحفي المعنون [جنرال إسرائيلي يدين عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة] الذي نشر في «تونس نيوز نت» في الـ9 من يوليو الماضي على النحو التالي: (أدان جنرال إسرائيلي قرار الحكومة الإسرائيلية توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وانتقد ارتفاع مستويات عنف المستوطنين في المنطقة، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية.
وقال اللواء «يهودا فوكس» قائد القيادة المركزية الإسرائيلية المنتهية ولايته، في حفل رحيله يوم الاثنين: «إن المستوطنين الإسرائيليين انخرطوا في “جريمة قومية” من خلال العنف في الضفة الغربية المحتلة، والذي قال إنَّ ذلك العنف زرع الخوف بين السكان الفلسطينيين الذين لم يشكلوا أي تهديد»).
عامي أيالون: أمن الإسرائيليين رهين بتجدد أمل الفلسطينيين
بالرغم من أنَّ ضباط الأجهزة الاستخباراتية هم -على وجه العموم- أشد من غيرهم تحاملًا على الخصوم، فقد بلغت وحشية المستوطنين ومن ورائهم حكومة المتطرفين ضد الفلسطينيين برئيس «الشاباك» السابق المدعو «عامي أيالون» إلى الاقتناع بعدالة ما يقوم به المقاومون الفلسطينيون من أعمال مقاومة دفاعًا عن أنفسهم وعن أهلهم وعن حقهم في إقامة دولتهم الحرة المستقلة على تراب فلسطين، وذلك ما يمكن أن يفهم من استهلال تقرير الصحفية «إيمان بوجملين» التحليلي المعنون [رئيس الشاباك السابق: لو كنت فلسطينيا لحاربت إسرائيل من أجل حريتي] الذي نشرته «الجزيرة نت» في الـ17 من مارس الماضي بما يلي: ("لو كنت فلسطينيًّا لحاربت إسرائيل من أجل حريتي"، بهذه العبارة صرح الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي {الشاباك} عامي أيالون خلال مقابلة مع قناة "إيه بي سي" الأميركية ضمن الحديث عن الحرب على قطاع غزة.
وردًّا منه على سؤال عن وضع الفلسطينيين الذين يتعرضون للاعتداءات الإسرائيلية، قال أيالون: "هي حياة الناس الذين يحلمون بالحرية ولكنهم لا يستطيعون رؤيتها"، مضيفًا: "سواء أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا فإننا نتحكم بحياة الملايين".
وقال: "من وجهة نظري فإنَّ الطريقة الوحيدة التي سيحصل بها الإسرائيليون على الأمن هي عند ما يكون لدى الفلسطينيين أمل".
وقد أثارت تصريحات «عامي أيالون» هذه جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي حيث تداولها النشطاء على نطاق واسع، فقال بعضهم: "قادة الاحتلال مقتنعون بأنَّ مقاومة الاحتلال هي السبيل لنيل الحقوق، بل إنهم -بالرغم من فجورهم في الخصومة- يحترمون من يقاتلهم أكثر ممَّن ينبطح لهم").