سبتمبر 20, 2024 - 20:03
سبتمبر 21, 2024 - 15:21
القيادي في المؤتمر الشعبي اللبناني حاتم طه لـ(عرب جورنال): العملية اليمنية في "تل أبيب" أحدثت انقلاباً جذرياً في المشهد وعمليات البحر الأحمر جعلت أمريكا عاجزة عن فرض شروطها بغزة

في أعقاب الهجوم اليمني الذي ضرب قلب الكيان الصهيوني "تل أبيب" بصاروخ فرط صوتي يمني الصنع.. تستضيف "عرب جورنال" القيادي البارز في المؤتمر الشعبي اللبناني، حاتم طه، للحديث عن تداعيات وانعاكسات هذا الهجوم الذي أفزع "إسرائيل" ومن فيها ومن معها ومن خلفها من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الجوار العربي المتواطئ إلى البيت الأبيض. ويناقش الحوار دلالات تصاعد الأعمال العسكرية الهجومية لجبهات الدعم والإسناد في اليمن ولبنان والعراق خلال الآونة الأخيرة، وسط تحركات لمحور المقاومة للضغط لوقف العربدة الإسرائيلية في قطاع غزة. كما يناقش الحوار تداعيات العملية الأمنية الصهيونية الجبانة التي استهدفت أجهزة الاتصال المحمولة في لبنان. 

عرب جورنال/ حوار / حلمي الكمالي _

العملية اليمنية في "تل أبيب" أحدثت إنقلاباً جذرياً في المشهد العسكري، وكانت نقطة فاصلة ومحورية وتحول كبير في عملية الصراع العربي الإسرائيلي كما حدث تماماً في طوفان الأقصى 

الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي وصل إلى عمق "تل أبيب" نسف أسطورة الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية وكل النظريات السائدة بأن "إسرائيل" لا تُقهر وبأن أمريكا تفعل ما تريد، كما نسف فكرة التطبيع بالنسبة للأنظمة العربية، ونعتبر هذا إنجازاً لنا كعرب من المحيط إلى الخليج

التدخل العسكري اليمني لمساندة غزة، سيكون له إمتدادات إلى المستقبل وذلك بتشكيل قوة ردع قوية وفرض سياسات وتوازنات ردع جديدة على مستوى المنطقة 

الموقف اليمني في البحرين الأحمر والعربي جعل الكيان الأمريكي يفشل في تحقيق مخططاته، ويقف عاجزاً عن فرض شروطه في قطاع غزة، أو تحقيق مكاسب معينة 

العدوان الإلكتروني الإسرائيلي على لبنان يعكس طبيعة الإجرام في المجتمع الصهيوني، و"إسرائيل" لا تقدم على مثل هذه الأفعال الإجرامية إلا بموافقة أمريكية مسبقة وبتخطيط أمريكي مسبق 

الولايات المتحدة لم تضغط على نتنياهو لوقف إطلاق النار في غزة، وهو تلميذ مشاكس عند الأمريكيين، وليس نداً لهم ولا يستطيع فرض أي شيء عليهم 

أمريكا تعيش نفس المأزق الإسرائيلي، ولا تستطيع فرض شروطها حتى اليوم، نتيجة المقاومة الفلسطينية الصلبة، ونتيجة الدعم والإسناد القوي من جبهات لبنان واليمن والعراق وسوريا 

المؤتمر الشعبي اللبناني حاضر منذ تأسيسه في دعم القضية الفلسطينية، ولابد للأحزاب الوطنية والعروبية في لبنان والوطن العربي، أن تتظافر جهودها وأن توحد نشاطاتها لدعم فلسطين

_ أي دلالات استراتيجية للعملية اليمنية الأخيرة في "تل أبيب" ؟ وهل تعتقدون أن نجاح اليمن بالوصول مجدداً إلى عمق الاحتلال الإسرائيلي قد نسف أسطورة الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية، بالتالي نسف مشروع التطبيع ومشروع الحلف الأمريكي الجديد في المنطقة "ناتو عربي" والذي كان الأمريكي يسعى لوضع الاحتلال كمحور ارتكاز في هذا الحلف باعتباره صاحب قوة الردع الأولى في المنطقة؟ وماذا يعني أن يصبح اليمن أول دولة عربية تصنع وتمتلك صواريخ فرط صوتية، وانعاكسات ذلك على التوازنات الإقليمية والدولية؟

إن العملية الأخيرة التي حدثت في عمق الكيان الصهيوني"تل أبيب" والتي قام بها مجاهدو اليمن السعيد، قد أحدثت إنقلاباً جذرياً في المشهد العسكري، وكانت نقطة فاصلة محورية، وتحول كبير في عملية الصراع العربي الإسرائيلي كما حدث في طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، حيث كانت العملية النوعية نقطة بارزة، وهذا ما حدث مع الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي وصل إلى "تل أبيب" والذي نسف كل النظريات السائدة بأن "إسرائيل" لا تُقهر وبأن أمريكا تفعل ما تريد وكما تشاء.

كما نسف الصاروخ اليمني فكرة التطبيع للعرب كما حدث في طوفان الأقصى التي دفعت بعض الأنظمة العربية لإعادة حساباتها ووقف عمليات التطبيع سواء إن كانت من فوق الطاولة أو من تحتها وذلك لانتظار ما سيحدث هذا من مردودات.

ما حدث بالتدخل العسكري اليمني لمساندة غزة، بالطبع له إمتدادات إلى المستقبل بتشكيل قوة ردعٍ قوية وفرض سياسات وتوازنات ردع جديدة على مستوى المنطقة.

بالإضافة إلى أن ما حدث مع اليمن بتصنيع الصواريخ الفرط صوتية، فهذا يؤكد نظرية الإنسان العربي المقاوم الذي يستطيع فعل أي شيء عندما تتوفر له الإرادة وتتوفر له الإمكانيات.

ما يفعله اليمن يزيد العتب على الدول العربية الكبيرة التي تمتلك الكثير من الإمكانيات والأموال ولا تفكر بالاعتماد على نفسها ونصرة قضاياها، ما ويجعلنا نتحسر على أيام القائد المعلم الرئيس "جمال عبد الناصر" عندما بدأ تصنيع الأسلحة في منتصف الستينيات، وإنشاء مفاعل نووي واختراع الطائرة والدبابة والصاروخ.

لذلك، عندما تتوفر الإرادة الشعبية والقدرة نستطيع فعل كل شيء، وهنا يتوجب أن نرى أنفسنا ونكبر بما يصنعه إخواننا في اليمن، ونعتبر هذا إنجازاً لنا كعرب من المحيط إلى الخليج. 

_ ما تعليقكم على الجريمة الإسرائيلية الجبانة في لبنان بتفجير أجهزة الاتصال المحمولة، وسط التسريبات التي تؤكد بأن "إسرائيل" أخفت متفجرات داخل دفعة من أجهزة استدعاء تايوانية تم استيرادها إلى لبنان؟ وهل تعتقدون أن هناك دول وأجهزة استخبارات كأمريكا قد تكون مشاركة في هذه الجريمة؟ وكيف يجب على الشعب اللبناني ومقاومته أن يتعاملون مع هكذا نوع من التصعيد من وجهة نظركم؟ 

إن العملية الجبانة التي قامت بها المخابرات الإسرائيلية بتفجير أجهزة الاتصال المحمولة في لبنان يوم الثلاثاء وأتبعتها يوم الأربعاء بتفجير بعض الأجهزة اللاسلكية، ليس غريباً على هذا الكيان السرطاني، وهذه ليست المرة الأولى التي يتركب فيها هذا الفعل الإجرامي.

فالمجتمع الصهيوني بطبيعته مجتمع إجرامي قام على القتل وعلى الدماء حتى بين بعضهم البعض كفئات يهودية متخاصمة، حيث كانت هذه صفاتهم منذ البداية.

ولازلنا نذكر ما فعل هذا العدوان مع الشهيد "يحيى عياش" منذ سنوات عندما اغتاله تقريباً بنفس الطريقة.

أعتقد أن بعض الأجهزة الغربية هي مشاركة أيضاً في هذه العملية ولا يقتصر الأمر على الدور الأمريكي الذي تلعبه المخابرات الأمريكية تحديداً.

وأنا أعتقد جازماً أن "إسرائيل" لا تقدم على مثل هذه الأفعال، إلا بموافقة أمريكية مسبقة وبتخطيط أمريكي مسبق، وقد يكون أيضا في هذا المجال.

لكن السؤال الآن ماذا على الشعب اللبناني أن يفعل ؟ بالطبيعي عليه أولاً أن يتضامن ويتكاتف ويتمسك بخياره في المقاومة، لأنها الطريق الوحيد إلى العزة والكرامة وتحرير الأرض.

لذا لابد من أن نتمسك بالمقاومة وبالبندقية للوصول إلى أهدافنا السامية وإلى تحرير أرضنا التي لا يزال قسمٌ كبيرٌ منها في "مزارع شبعا" و"تلال كفر شوبا" و"الغجر" وعلى طول الشريط الحدودي من أعالي جبل الشيخ حتى الناقورة ، حيث لاتزال هناك الكثير من الأراضي تحت الاحتلال الإسرائيلي ولابد للشعب اللبناني أن يتمسك بمقاومته وبجيشه للوصول إلى أهدافه وتحرير أرضه. 

_ تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخراً، بأن فشل إبرام صفقة مع حماس قد يدفع "إسرائيل" إلى شن حرب واسعة على حزب الله.. ماذا يعني ذلك ؟ وهل يشير ذلك إلى أن نتنياهو قد يهرب من إخفاقاته المستمرة في غزة إلى شن عدوان واسع على لبنان ؟ وهل تعتقدون أن الكيان قادر على خوض جبهة واسعة جديدة في هذا التوقيت في ظل قواعد الاشتباك ومعادلات الردع القائمة؟

بالنسبة لعملية عقد أو إبرام صفقة مع حماس، يبدو واضحاً بأن "نتنياهو" يماطل بهذا الموضوع حتى لا يصل إلى هذه النقطة.

ما يمنعه هو أنه بالفعل لا يستطيع إبرام هذه الصفقة، لأنها ستكون مكلفة جداً عليه وسيدفع ثمنها غالياً جداً، وإذا لم يبرم الصفقة واستمرت المعركة أيضاً سيدفع ثمناً غالياً قد يكون حياته ، ومستقبله السياسي إن لم تكن حريته الشخصية كذلك، فهو يفتش باستمرار  على مخرج آخر، وهو حتماً ليس المخرج العسكري، لأنه لا يستطيع أن يفرض ما يريد.

وقد ثبت خلال 11 شهراً أنه لم يستطع تنفيذ أي هدف من الأهداف التي وضعها في المعركة، حيث لم ينهي وجود حماس، ولا طهر قطاع غزة من المقاومة، ولا أعاد النازحين من شمال فلسطين المحتلة، ولا أعاد الأسرى إلى أهاليهم، ولم يحقق أي إنجاز سوى قتل الأطفال والنساء فقط لا غير.

لذلك أعتقد أن نتنياهو سيواصل _بقدر المستطاع_حربه ضد لبنان وضد الأخوة في غزة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

أما أن الحديث عن كون الأمريكيين يضغطون عليه، فلا أعتقد أن هذا صحيحاً، بل يبدو أنه تلميذ مشاكس فقط عند الأمريكيين، وليس نداً لهم ولا يستطيع فرض أي شيء عليهم. 

_ نلاحظ تصاعد واضح في العمليات العسكرية في مختلف جبهات الدعم والإسناد في اليمن ولبنان وكذلك عودة نوعية لعمليات المقاومة العراقية.. هل تعتقدون أن التصعيد هو الحل الأمثل لوقف العربدة الإسرائيلية في قطاع غزة؟ وهل تعتقدون أننا نقترب أكثر من لحظة الانفجار الكبير إذا ما استمر التعنت الإسرائيلي والضوء الأخضر الأمريكي الداعم لاستمرار الإبادة الجماعية؟ 

نعم هناك تصاعد واضح في العمليات العسكرية في مختلف جبهات الدعم والإسناد من اليمن إلى العراق إلى لبنان ونرجو أن يمتد ذلك إلى بعض المناطق الأخرى كالأردن وسوريا.

وهذه الجبهات هي من بعض فضائل ما حدث في 7 أكتوبر الماضي، وما يحدث من منذ ذلك التاريخ حتى اليوم ، فقد أعاد الثقة إلى الشعب العربي وأننا قادرون على فعل المعجزات عندما نتمسك بحقنا، بأرضنا وبسلاحنا.

لذلك يجب أن يتم التنسيق أكثر بين هذه القوى المساندة، وأن تستمر في دعم الشعب الفلسطيني لرفع الضيم _قدر المستطاع_عنه.

إن الضريبة التي يدفعها إخواننا وأهلنا في فلسطين غالية وكبيرة جداً ، لكن حصد ثمار النصر لن يكون إلا بهزيمة "إسرائيل"، وهذا يتطلب مزيداً من الجهود، ومزيداً من الإصرار على إحقاق النصر. 

هناك من يتحدث عن ضغط أمريكي على "إسرائيل" من أجل وقف أطلاق النار وعقد صفقة بخصوص الأسرى، وبخصوص هذا الأمر، نؤكد أنه حتى أمريكا بنفس الوضعية والمأزق الذي تعيشه "إسرائيل"، لا تستطيع فرض شروطها حتى اليوم نتيجة المقاومة الصلبة ونتيجة الإسناد الحاصل من الدول الأخرى لبنان والعراق واليمن وسوريا.

ما حدث في البحرين الأحمر والعربي بفعل الموقف اليمني، جعل الكيان الأمريكي يفشل في تحقيق مخططاته، ويقف عاجزاً عن فرض شروطه لوقف القتال في غزة، أو تحقيق مكاسب معينة، بمعنى أن الأمريكي أيضاً في حالة تخبط بنفس الوضعية مع الإسرائيلي.

_ بصفتكم أحد قيادات المؤتمر الشعبي اللبناني.. هل هناك دور للمؤتمر في معركة الدعم والإسناد التي يخوضها حزب الله ضد الكيان الصهيوني دعماً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ وما تقييمكم لدور بقية الأحزاب والحركات السياسية اللبنانية في ظل المعركة المصيرية التي يعيشها؟ وكيف يمكن تفعيل هذا الدور لمواجهة التحديات والتهديدات الخارجية التي تستهدف لبنان وعلى رأسها العدو الإسرائيلي؟ 

فيما يتعلق بدور المؤتمر الشعبي اللبناني الذي لي شرف الإنتماء إليه، بخصوص دعم المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني والحق الفلسطيني، فهذا الأمر تلاصق مع خط المؤتمر الشعبي منذ انطلاقته في بداية الستينيات، حيث كان الهاجس الدائم اليومي في كل لحظة للأخ الراحل "كمال شاتيلا" مؤسس الإتحاد ، مؤسس ورئيس المؤتمر الشعبي، والتي كانت قضيته الدائمة وهاجسه  الكبير هي القضية الفلسطينية ودعم المقاومة الفلسطينية.

ولنا صولات وجولات في هذا المجال على الصعيد السياسي في الساحات اللبنانية والعربية.

العديد من الأحزاب اللبنانية وتحديداً الأحزاب العربية العروبية والناصرية على إمتداد الساحة اللبنانية، تمارس هذا الدور أيضاً وتدعم الشعب الفلسطيني كلٌ ضمن امكانياته المحددة .

كانت التنظيمات الناصرية من أول من انبرى بالعام 1975 للدفاع عن الفلسطينيين عندما تعرضوا للمجازر في لبنان للقتل والتشريد، حيث كانت هذه التنظيمات أول من شارك في المعركة للدفاع عن إخواننا الفلسطينيين.

ونحن في المؤتمر الشعبي ما زلنا متواجدون مثلاً في منطقة "العرقوب" حيث قضية "مزارع شبعا" واحتلال "كفر شوبا" حيث كان للمؤتمر الشعبي له دور أساسي في إثارة هذه القضية وطرحها على كل المحافل الدولية وفي كل المناسبات والأوقات، ولديه تضحيات وشهداء منذ ذلك الوقت حتى اليوم.

كما تحدثنا عن الدول المساندة لإخواننا في "فلسطين" و"غزة"، لابد للأحزاب الوطنية والعروبية تحديداً في لبنان، أن تتظافر جهودها لدعم فلسطين، وأن توحد نشاطاتها على الأقل بكثير من المواقع والنقاط حتى تثمر أكثر وحتى تفرض وجودها أكثر وتحقق أهدافها طالما كلها على نفس الهدف، وهذا الأمر يجب أن يمتد على بقية الدول العربية ليس فقط في لبنان، على كل التنظيمات العروبية والناصرية على إمتداد الساحة العربية.

على هامش هذا الحديث، كنت قد شاركت باسم المؤتمر الشعبي في تونس منذ سنوات بمؤتمر نظمه إخواننا في حركة الشعب، وطرح موضوع توحيد الجهود للقوى العروبية على إمتداد الساحة العربية، وتمكنا بحمد الله تعالى من إنشاء الملتقى العربي الوحدوي الذي يضم التنظيمات القومية والعروبية بكل الوطن العربي تقريباً،  ونحاول التنسيق مع بعض لتكون لدينا مواقف موحدة تجاه فلسطين وقضايا الأمة.