في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال" رئيس حزب التجمع الوطني الليبي ومرشح الرئاسة، أسعد زهيو، للحديث عن مستجدات معركة طوفان الأقصى في ظل استمرار العدوان الصهيوني ومجازر الإبادة الجماعية المدعومة أمريكياً وغربياً على كافة المستويات وعلى كافة الأصعدة. ويناقش الحوار تداعيات مواصلة الولايات المتحدة دعمها لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على أمن واستقرار المنطقة، وسط خذلان فاضح للأنظمة العربية للدم الفلسطيني المسفوك تحت آلة القتل الصهيو_أمريكية في غزة. كما يناقش الحوار عدد من الملفات الساخنة في المنطقة بما فيها الوضع السياسي والعسكري في الداخل الليبي، مع استمرار التدخلات الخارجية والانقسامات الداخلية.
عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي _
لا نستغرب من الموقف اليمني الداعم لغزة، فهذا هو اليمن الذي نعرفه وهذه الحضارة التي نعتز بها كعرب، وهو موقف بطولي وشجاع، وموقف تحدي أعاد شيئاً من الالتحام العربي والانتماء العربي، وأحيا وحدة الشعوب العربية والتضامن مع قضاياها المفصلية
إذا كان هناك الولايات المتحدة الأمريكية تعلن صراحةً عن دعمها للكيان الصهيوني؛ فهناك دولة اسمها اليمن تدعم فلسطين وتعلن ذلك صراحة وتترجم دعمها بشكل عملي وفعلي في الميدان
سأقول كلاماً للتاريخ: أنني لو لم أكن ليبياً لتمنيت أن أكون يمنياً" وموقفي هذا نابع من تأثري بالحالة اليمنية الوطنية، ومن اعتزازي بمواقف الشعب اليمني من فلسطين وقضايا الأمة، وله علاقة بالانتماء، والعروبة والرجولة والشهامة، وبكثير من المواصفات التي يتصف بها الشعب اليمني العظيم
اليمن لعب دوراً كبيراً ومفصلياً واستراتيجياً في معركة طوفان الأقصى وفي مساندة غزة، وكان له تأثير قوي سواءً من خلال توجيه الضربات العسكرية في العمق الصهيوني أو من خلال قطع الإمدادات عن الكيان
أنا وكثير من الليبيون والعرب نعتز بردود اليمن العسكرية في مواجهة ردود الولايات المتحدة الأمريكية، والبيانات الثورية للقوات المسلحة اليمنية أعادت لنا كعرب، الحالة القومية التي نعتز ونفتخر بها
نحن في حزب التجمع الوطني الليبي لا نؤمن بالتطبيع ولا نؤمن بالاستسلام ولا نؤمن بالحوار والشراكة مع هذا الكيان المغتصب للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية، وهذا هو موقف الأحرار في ليبيا وكل الأقطار العربية
لا تعويل على الأنظمة العربية فهي خاضعة لإملاءات وضغوط القوى الغربية، وتغيير الواقع العربي مرهون بلحظة غضب الشارع التي تولد من رحم المعاناة والقهر، وهذا ما نتمناه اليوم خاصةً بعد ما وصلنا إليه من مآسي على مستوى المنطقة العربية
الولايات المتحدة الأمريكية تتدخل في فلسطين بغطرسة وببلطجة معلنة وصريحة فهي تدافع عن الصهيوني الإرهابي المتطرف وتتحدث بأن الضحية في فلسطين المحتلة هو الجلاد، وهذه هي قمة ازدواجية المعايير والعنجهية
ليس للسلام مكاناً في هذه المعركة، والحديث عنه مضيعة للوقت، ولا حل إلا باستمرار المقاومة وبالمواجهة العسكرية المسلحة الصريحة مع هذا الكيان المغتصب حتى تحرير الأراضي العربية الفلسطينية، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
الأطراف الدولية التي تمارس تدخلاً فجاً في ليبيا، لا تسعى لمعالجة الأزمة الليبية، وإنما تسعى لتدوير وإدارة هذه الأزمة لإطالة أمدها، والحل يكمن في التوجه إلى الشارع الليبي لكي يقول كلمة الفصل ويختار من يحكمه
الوضع الهش الذي تعيشه ليبيا هو وضع غير طبيعي وغير دائم، ولا مفر من العودة إلى الشارع والذهاب إلى الانتخابات التي نتوقع أن تجرى في النصف الثاني من العام القادم
_ في البداية.. ما هو موقفكم من معركة طوفان الأقصى ؟ وكيف تتعاملون في الحزب مع تطورات الأحداث في غزة مع استمرار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني؟ وهل بادرتم في الحزب في تنظيم فعاليات لمواجهة هذا العدوان السافر وإبراز دور ليبيا التي كانت سباقة في دعم القضية الفلسطينية على مدى عقود قبل أن تنكفى مؤخراً مع غرق البلاد في أزماتها الداخلية؟
مما لا شك فيه نحن نتضامن بكل جوارحنا مع القضية الفلسطينية ومع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه. ونحن من الذين قد نكون أكثر تطرفاً في الحالة العربية تضامناً مع فلسطين، حتى بحكم التنشئة والتنمية السياسية التي جزءها الأكبر حالة ثورية، لأننا لازلنا نعتقد بأن فلسطين حق أصيل للفلسطينيين. وأنّ مسألة السلام ومسألة الحوار، لم تأتي بنتيجة ولن تأتي بنتيجة، خاصةً بعد مرور زهاء أكثر من 7 عقود.
نعتقد أن هذا ملهاء ومضيعة للوقت، لأن بالمقابل الطرف الآخر وهو الكيان الصهيوني، مستمر في بناء المستوطنات ومستمر في تهويد القدس ومستمر في البطش بأهلنا في فلسطين.
وبالتالي لم يستمع الإسرائيلي إلى أصوات السلام ولم يصغِ للحوار، وبالتالي استمر في أعماله الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، ولهذا نحن من الذين نؤمن بأن معركة فلسطين هي معركة وجود وليست معركة حدود. وهذا إمتداد للفهم الوطني الليبي للحالة الفلسطينية والتضامن الليبي مع الحالة الفلسطينية بشكل عام.
ونحن الذين كنا في عقود سابقة من الزمن، وفي نشأتنا الأولى وفي مراحل تعليمنا حتى في هتافاتنا الصباحية في المدارس، كنا نقول فلسطين عربية لا حلول استسلامية، وكنا نقول القدس لنا، وكل هذه الشعارات التي ساهمت حقيقةً في نشأتنا، وفي نشأة جيل كامل لا يؤمن بالتطبيع ولا يؤمن بالاستسلام ولا يؤمن حتى بمسألة الحوار والشراكة مع هذا الكيان المغتصب للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية. ولهذا هذا هو موقفنا الواضح والصريح، ونحن في حزب التجمع الوطني الليبي، مثلنا مثل الحالة الوطنية السائدة التي عبرت عنها مسبقاً؛ وهي المفهوم العام للقضية الفلسطينية، وهو موقف كل الأحرار في ليبيا وفي كل الأقطار العربية.
ونعتقد أن هذا هو الغالب حتى على قيادات وأعضاء وعناصر التجمع في كل ربوع الوطن، على المستوى الحركي والنشاط والبرامج، ففي بداية معركة طوفان الأقصى، عقدنا في الحزب مجموعة من الحوارات حول مآلات الأمور في فلسطين وفي قطاع غزة على وجه الخصوص.
وأيضاً ساهمنا في الوقفات الاحتجاجية عبر عنها الليبيون في مرات مختلفة وعديدة، كما ساهمنا في حملة المقاطعة. وبالمناسبة أريد أن أقول شيئاً في هذا الخصوص، وأنا صادق في ذلك والله وحده أعلم، أنه في منزلي وعلى المستوى الشخصي وبين أطفالي، لم نستهلك أو نقترب من كل السلع المقاطعة على الإطلاق منذ 7 أكتوبر وحتى اليوم.
وهذا بالنسبة لي ولأطفالي موقف مبدئي وثابت، والحمد لله بدأنا بتعليم الأطفال وهم في عمر صغير أهمية المقاطعة، لنجدهم اليوم باتوا هم أكثر شدة وحدة في مقاطعة هذه المنتجات التي يعتقدون أنها تساهم في قتل أبناء وأطفال فلسطين.
ولهذا نعتقد أنّ المسألة بالنسبة لنا هي مسألة لها علاقة بالتنشئة، لها علاقة بالمبدأ، لها علاقة بالمواقف المبدئية التي لا نتراجع عنها.
_ ما هو تقييمكم لسياسة الأنظمة العربية في ظل التخاذل الرهيب مع مظلومية الشعب الفلسطيني في غزة ؟ وهل تعتقدون أن النظام الرسمي العربي بحاجة ماسة اليوم لتغيير حقيقي في الرؤية والأيديولوجية ومراجعة فرز مواقفه تجاه قضايا الأمة المصيرية؟ وهل هذا التغيير يمكن أن يحدث ضمن حراك سياسي تديره الأحزاب والحركات الوطنية أم بالثورات ؟
أنا في تصوري أنه في الواقع العربي لم يتغير شيء. نحن مشكلتنا في الأنظمة العربية دائما هناك حسابات أخرى غير مرئية بالنسبة لنا. وكحالة شعبية في عموم الشعب العربي، دائما الأنظمة العربية تركن للإنبطاح وللسلام المزعوم وللتخاذل وللتطبيع.
وبصراحة نعتقد أن هناك إملاءات وضغوطات تمارسها الدول العظمى والقوى الغربية على الأنظمة العربية، وهي فيما يبدو لنا أكبر مما نتصور.
هناك حسابات أخرى تتعلق بطبيعة علاقة هذه الأنظمة مع هذه الدول المتنفذة، وبالتالي دائما نجد أن هناك موقف سلبي وسلبي جداً بالنسبة للأنظمة العربية تجاه القضية الفلسطينية، باستثناء بعض المواقف الحقيقية التي يمكن الإعتزاز بها، وهي تلك التي رحلت مع الزعماء الأوائل الذين رحلوا عن دنيانا من جمال عبدالناصر إلى معمر القذافي وصدام حسين وحافظ الأسد، وعلي عبدالله صالح الذي لا أعرف إن كنتم تتفقون معي في ذلك، ولكن على المستوى الشخصي هذا رأيي، إضافة إلى بعض قيادات الصف الأول في بعض الأنظمة العربية الذين كان لهم دور ومواقف دورية لمواجهة هذا السرطان الذي يستشري في منطقتنا العربية.
ولكننا اليوم لا ننتظر ولا نعول كثيراً على هذه الأنظمة الموجودة حالياً والتي أغلبها اعترفت بالكيان الصهيوني، ولم تعترف بالمقابل بفلسطين العربية.
وللأسف، تصيبنا الحسرة والمذلة ونحن نشاهد كيف تصرح الولايات المتحدة الأمريكية عن دعمها الغير متناهي للكيان الصهيوني الغاصب، وتتحدث بعنجهية كاملة في ظل موقف عربي مخزي ومخجل، وفي ظل حكام عرب يصرحون على استحياء ولا يريدون أن يؤذون الكيان المغتصب، حتى بالعبارات التي ينبغي أن تقال في مثل هذه الحالة التي تتعرض لها فلسطين مع كل أسف.
أمّا مسألة التغيير في هذا الواقع العربي، فأنا مع إحترامي للأحزاب السياسية والحركات الوطنية، لكننا نعتقد أن التغيير لا بد أن يكون حالة شعبوية أكثر، نابعة من الناس والجماهير.
صحيح قد تلعب الأحزاب والحركات الوطنية والحالات الثورية الموجودة، دور في التأثير على الرأي العام الشعبي وتحريك الناس، ولكن تبقى لحظة غضب الشارع، هي لحظة تولد من رحم المعاناة ومن رحم القهر والذل والمهانة، ونعتقد أنّه بكل الإسهامات التي يمكن أن تقوم بها هذه الأحزاب والحركات الوطنية والثورية؛ إلا أن هذه اللحظات هي لحظات ابنة وقتها، ولا أحد يتحكم فيها، لأن نبض الشارع تحكمه العواطف والحالة الوجدانية، لذلك لابد أن تكون تحركاتهم في هذا الإطار. وهذا ما نتمناه اليوم خاصةً بعدما وصلنا إليه من مآسي على مستوى المنطقة العربية.
_ سجل اليمن موقفاً تاريخياً بدعم غزة عسكرياً وميدانياً وقد استطاع هذا الموقف أن يؤثر بشكل كبير على اقتصاد الكيان الصهيوني.. ما تعليقكم على هذا الموقف؟ وما رسالتكم للشعب اليمني الذي يخرج أسبوعياً إلى الساحات لمناصرة غزة؟ وهل تعتقدون أن الدعم العسكري هو الحل والنموذج الأمثل الذي يفترض أن تنتهجه الدول العربية لدعم الشعب الفلسطيني لمواجهة آلة البطش والتوحش الصهيونية الغربية؟
بالنسبة لموقف اليمن، أريد أن أقول كلاماً وموفقاً للتاريخ، سيطلع عليه أبناء شعبنا وشعوب الأمة، وهو موقف سأقوله اليوم وغداً وقلته بالأمس، وهو "أنني لو لم أكن ليبياً لتمنيت أن أكون يمنياً"، وموقفي هذا له علاقة باعتزازي بمواقف الشعب اليمني من قضية فلسطين ومن قضايا الأمة، له علاقة بالانتماء، له علاقة بالعروبة، له علاقة بالرجولة، له علاقة بالشهامة، له علاقة بكثير من المواصفات التي يتصف بها الشعب اليمني العظيم. ولهذا دائماً ما أكرر هذه الجملة التي يعرفها كل من هو محيط بي وأسرتي، أنه " لو لم أكن ليبيا لتمنيت أن أكون يمنيا"؛ لأن هذا التمني هو نابع من تأثري بالحالة اليمنية الوطنية.
لذلك لا نستغرب من الموقف اليمني اليوم الداعم لغزة، فهذا هو اليمن الذي نعرفه وهذه الحضارة التي نعتز بها كلنا كعرب.
موقف اليمن من غزة، هو موقف بطولي وشجاع، وموقف تحدي أعاد شيئاً من الالتحام العربي والانتماء العربي، ومن وحدة الشعوب العربية والتضامن مع قضاياها المفصلية، كما أعاد للعروبة مكانتها.
وبالتالي نعتقد أن اليمن في الحقيقة، لعب دوراً كبيراً ومفصلياً واستراتيجياً في معركة طوفان الأقصى، وفي مساندة الشعب الفلسطيني في غزة.
وأنا شخصياً وكثير من الليبيون، ومن حزب التجمع الوطني تحديداً، ومن القوميون في كل أنحاء الوطن العربي، نعتز بردود اليمن العسكرية في مواجهة عدوان وردود الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول الغربية التي مارست الدعم المباشر والعلني للكيان الصهيوني، فكنا نقول بأن هذا الكيان تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وفلسطين لم تبقى وحيدة؛ فهناك دولة اسمها اليمن تدعم قضية الشعب الفلسطيني، وتترجم دعمها بشكل عملي وفعلي ومعلن في الميدان، من خلال توجيه الضربات في العمق الصهيوني ومن خلال قطع الإمدادات الداعمة لهذا الشيطان ولهذا السرطان، ومن خلال البيانات الثورية التي نطالعها ونسمعها من قبل القوات المسلحة اليمنية، والتي تعيد لنا كعرب، الحالة القومية التي نعتز ونفتخر بها.
فبالتالي لليمن موقف قوي وحقيقي في هذه المعركة الكبرى، وكلنا نوجه الشكر لليمن على هذا الموقف التاريخي العظيم الذي سيذكره التاريخ.
وفيما يخص حتمية المواجهة مع العدو الصهيوني، فأنا في تصوري وأنا مسؤول عن كلامي، وهو أن المواجهة لابد أن تكون مواجهة عسكرية مع هذا الكيان الغاصب.
نحن لا نتحدث عن مواجهات ما بين أبناء بلد واحد وأبناء دين واحد، نحن نتحدث عن مواجهة واسعة مع كيان مغتصب للأراضي العربية، نحن نتحدث عن شخص جاء إلى منزلك ووجه لك الإهانة أمام زوجتك وأطفالك، وأرغمك على الخروج من بيتك.. وبالتالي إذا لم تواجه هذا العدو، فأنت لديك علة ومشكلة عليك أن تتعالج منها.
شخصياً هذا هو معتقدي ورأيي في هذه القضية، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. والكيان المغتصب للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية، لا يمكن معالجة داءه، إلا بالحرب والمواجهة المسلحة الصريحة، والبطش فيه وتدمير بنيته التحتية، والإسهام بهذه الحرب بكل ما أوتينا من قوة من كافة المنطقة الإسلامية.. غير ذلك كله عبث في عبث.
وقد أشرت في الإجابة على سؤالك السابق، حول الحديث عن السلام الذي يتبجح به الأعداء، وهو كلام فضفاض لا علاقة له بأصل المشكلة والقضية.
هل يستمع الطرف الآخر لقضايا السلام التي نتحدث عنها؟! هل يحترم الطرف الآخر معاهدات السلام التي نتحدث عنها؟! هم لا يحترمون السلام ولا يقيمون له أي وزن. وبالتالي لماذا نحن نتمسك بمسألة السلام ؟! السلام يطرحه فقط الأقوياء، ونحن في هذه المعركة لسنا أقوياء للأسف، بل ضعفاء وعلينا أن نقاتل أكثر لتحقيق النصر.
صحيح نحن أقوياء فقط بأيماننا ومشروعية القضية، أمّا دون ذلك فنحن مشتتون.
علينا أن ننتصر في هذه المعركة، ومن ثم قد نطرح السلام مع العالم إذا ما أراد السلام الحقيقي، أمّا أن نطرح السلام ونحن مهانون وأراضينا مغتصبة ورجالنا في السجون وأبنائنا يّقتّلون، وأعداد ضحايانا وشهدائنا بعشرات الآلاف، وقيادات المقاومة تقتل وأسرها وأطفالها وأحفادها تقتل، ومع ذلك نتحدث ونقول نحن دعاة السلام !
ليس للسلام مكاناً في هذه المعركة، السلام يكون ما بين اليمنيين عندما يختلفوا، السلام يكون ما بين الليبيين عندما يتخاصموا، السلام يكون ما بين العراقيين عندما يتقاتلوا فيما بينهم على سلطة أو على مباراة كرة قدم أو غيرها. أمّا السلام مع الكيان المغتصب للأراضي العربية، فهذا مضيعة للوقت ولا حل إلا بالمواجهة العسكرية المسلحة مع هذا الكيان.
_ منذ الوهلة الأولى للعدوان على غزة، اتخذت الولايات المتحدة موقفا صريحا في دعم الإبادة الجماعية في غزة، إضافة إلى تحشيداتها العسكرية المكثفة في المنطقة لحماية الاحتلال ومهاجمة جبهات المقاومة المساندة لغزة.. ما موقفكم من هذه السياسة الأمريكية؟ وما هي التداعيات الخطيرة لاستمرار التدخلات الأمريكية الغربية في فلسطين خصوصاً وفي المنطقة العربية عموماً؟ وما هو الحلول برأيكم للتخلص من هذه التدخلات؟ وهل يجب أن تكون الحلول جماعية أي بتظافر كل الجهود العربية والإسلامية ؟
الولايات المتحدة الأمريكية تتدخل في فلسطين بغطرسة وببلطجة معلنة وصريحة.. وأذكر أنني كتبت في يوم من الأيام منشوراً في صفحتي على "فيسبوك"، حول تعليق للرئيس بايدن عندما تحدث بأن القوات الأمريكية ستكون مع الكيان الصهيوني بشكل علني ضد ما وصفهم بالإرهابيين الذين يدافعون في حقيقة الأمر عن أرضهم. وبالتالي الولايات المتحدة الأمريكية تكيل بمكيالين عندما تتحدث بأن الضحية في فلسطين المحتلة هو الجلاد، هذا الطرف الآخر الإرهابي المتطرف الذي يقتل ويدمر وينتهك ويقوم بكل ما يخالف ويعاكس المواثيق والقوانين ذات العلاقة بحقوق الإنسان، وهذه هي قمة ازدواجية المعايير والعنجهية التي تمارسها الولايات المتحدة.
نحن موقفنا واضح وصريح في هذه المسألة، فليس من حق الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها أن تتدخل في هذه المعركة، إلا إذا كانت تريد أن تدخل من باب الصلح، لكننا نشك في ذلك ولا نتصور بأنهم يريدون ذلك، فلولا الولايات المتحدة الأمريكية ولولا كثير من القوى الدولية المهيمنة على العالم لما كان هناك شيء اسمه "إسرائيل" في المنطقة العربية.
بالتالي، هذه المساندة الأمريكية لها دور كبير جداً في هذه المعركة، ونحن نعتقد أنها معركة واحدة وإمتداد واحد من الكيان الصهيوني وحتى قوى الإرهاب الموجودة اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية، وتدعم الإبادة الجماعية ضد أهلنا في فلسطين.
أمّا فيما يخص التداعيات الخطيرة لاستمرار التدخلات الأمريكية في الشؤون العربية، فأنا أتصور أن الفلسطينيين يدركون ذلك جيداً، فهم عندما أقبلوا على مواجهتهم ومعركتهم التاريخية، يعلمون الخذلان العربي، ويعلمون بالمقابل التدخلات الأمريكية والإنجليزية والفرنسية وغيرها التي ستكون داعمة للكيان الصهيوني. وبالتالي استعد الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية الباسلة استعداداً نفسياً لكل هذا، وحتى من تدخل وشارك في المعركة من إخوتنا اليمنيين الأبطال أو في حزب الله في لبنان؛ كانوا يدركون جيداً حجم هذه المعركة ومآلاتها، فهم مقبلون عليها بعقيدة وطنية راسخة، بضرورة الدفاع عن الأراضي العربية.
أمّا مسألة الحلول، فأنا في اعتقادي لا يوجد حلول إلا باستمرار المقاومة. هذه المعركة بدأت بالقوة ولابد أن تنتهي بانتصار الشعب الفلسطيني واستعادته لحقوقه، وأيضاً وتراجع الكيان الصهيوني الذي هو يستمر في تهويد المقدسات.
وأنا في الحقيقة عندما تحدثت أكثر من مرة مع أصدقاء بشأن معركة طوفان الأقصى، وأن الذين بدأوا المعركة هم الفلسطينيين وما إلى ذلك، فإنني أقول بشكل واضح وصريح إنّ معركة طوفان الأقصى كانت نتيجة طبيعية لممارسات الاحتلال.
هل الفلسطينيون عندما بدأوا معركتهم في 7 أكتوبر بدأوها من العدم ؟ ! ألم يكن الكيان الصهيوني مستمر في تهويد الأراضي المقدسة، ألم يستمر الكيان الصهيوني في بناء المستوطنات، ألم يستمر الكيان الصهيوني في انتهاك الحرمات ؟!
على مدى أكثر من 7 عقود، لم يتوقف الكيان الصهيوني يوماً واحداً عن ممارسة الوحشية التامة تجاه شعبنا الفلسطيني. ومن الجريمة أن نأتي اليوم لنلوم الفلسطينيين على التحرك، والانتفاضة لأجل الكرامة ولأجل الشرف ولأجل عزة النفس ولأجل الوطن ولأجل المقدسات ولأجل الحرمات !.
وبالتالي، أعتقد كما قلت سلفاً، أن الحل هو استمرار المواجهة واستمرار الحرب حتى تحرير الأراضي العربية الفلسطينية.
_ بالنسبة للشأن الليبي.. هل لكم أن تضعنا أمام الصورة لآخر مستجدات الوضع السياسي في البلاد مع استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية الداخلية؟ وما الحل برأيكم لتوحيد الفرقاء في الداخل الليبي بعد سنوات من الصراعات والتشظي ؟ وماذا عن أسباب تأخر الانتخابات الرئاسية إلى اليوم كونكم أيضاً أحد أبرز المرشحين؟
كما تعلمون ويعلم المشاهد والمتتبع، بأن ليبيا دخلت في مرحلة من الصراعات الداخلية، والتي أغلبها صراعات سياسية في الحقيقة، صحيح في بعض الأحيان قد يحدث هناك مواجهات مسلحة، ولكن في نهاية الأمر تبقى صراعات سياسية.
اليوم في ليبيا لدينا أكثر من حكومة، ولدينا أكثر من مؤسسة في ذات المجال، وهناك تصدي غير طبيعي على مستوى المؤسسات وغيرها. وبالمقابل لدينا بعثة أممية وبعض الأطراف الدولية التي تمارس تدخلاً في شؤون البلاد، وهو تدخل فجّ في الحالة الليبية، لا يسعى لمعالجة الأزمة الليبية، وإنما يسعى لتدوير وإدارة هذه الأزمة لإطالة أمدها.
الحل واضح وصريح لدى الأطراف الدولية ولدى الأطراف المحلية؛ وهو التوجه إلى الشارع الليبي لكي يقول كلمة الفصل في من يحكمه وفي أدوات حكمه وفي شكل حياته. ولكن هذا الحل لا يريده أحد على المستوى الدولي. هذا الوضع الهش في ليبيا هو مريح لكثير من الأطراف الدوليين، وأيضاً هو مريح لأطراف الصراع في ليبيا، لأن أي وضع جديد، أو أي واقع جديد سيأتي عن طريق الشارع وبالانتخابات؛ بالتأكيد لن يعيد إنتاج ما هو موجود اليوم في المشهد؛ بل قد يأتي بمشهد جديد يزيل كل من هم في المشهد اليوم.
ولهذا لا أحد يريد الذهاب للانتخابات، ولا أحد يريد الذهاب لتجديد هذه الطبقة السياسية، حيث وجدوا ضالتهم في تماهي المجتمع الدولي مع رغبتهم في استمرار هذا الوضع على ما هو عليه، وإبقاء الحال على هذا الوضع الذي نعيشه.
ولكن نعتقد أن هذا الوضع هو وضع غير طبيعي وأيضا غير دائم، وهو وضع استثنائي، وفي نهاية المطاف لا مفر من الذهاب إلى الانتخابات، ولا مفر من العودة إلى الشارع، لا سيما وأن الشارع الليبي تم مصادرة حقه في التعبير عن نفسه منذ 10 سنوات تقريبا، وهي آخر عملية انتخابية حصلت في 2014، والتي أنتجت البرلمان الموجود اليوم. وبالتالي الهروب من الاحتكام للشارع الليبي لن يطول أكثر مما طال، ولا بد في النهاية من العودة إليه.
أعتقد أن هناك اليوم ضغط كبير جداً على المستوى الوطني، وعلى مستوى الحركات السياسية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وحتى قوة فاعلة، حيث بدأوا يمارسون ضغط كبير على الأطراف المتنفذة وعلى المجتمع الدولي أيضاً، بضرورة إسدال الستار على هذه المرحلة البائسة من تاريخ وطننا والتي طالت عمادها لفترات طويلة جداً.
وبالتالي لابد من الذهاب إلى الانتخابات. وأتصور بأن أواخر عام 2024 ستشهد عملية توحيد المؤسسات وعلى رأسها السلطة التنفيذية الحكومية، كما أتصور بأننا في 2025 قد نذهب باتجاه الانتخابات، فقد تكون في النصف الثاني من العام القادم، مع الأخذ في عين الاعتبار مدة التنظيم والتحضير والتجهيز، وهذا ما نتطلع إليه اليوم وندفع باتجاهه، ونتمنى أن نصل إليه بعون الله تعالى.