أغسطس 31, 2024 - 16:36
أغسطس 31, 2024 - 16:39
اجتهاد أنظمة عربية -بسبق الإصرار- في إنقاذ اقتصاد العدو الصهيوني في ظل حربه العدوانية على غزة من الانهيار

عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي

على مدى تأريخها الحافل بالصراع العسكري شبه المستدام لم تخض دولة «الكيان الصهيوني» أية حربٍ طويلة المدى، فباستثناء حرب عام 1948 التي يسميها الصهاينة «حرب الاستقلال»، فقد اعتمدت هذه الدولة في تحقيق جميع انتصاراتها -خوفًا ممَّا قد يترتب على الحروب الطويلة الآماد من عواقب تدميرية على الاقتصاد-  على الحروب الخاطفة التي تراوحت مُددها -بشكلٍ عام- بين 8 أيام وشهرٍ و4 أيام.
ولم يكن يدور في خلَد أيٍّ من ساستها أو قادتها أنَّ معركة «طوفان الأقصى» ستضطرها إلى خرق عادتها، فعلى خلاف أوهام «نتنياهو» بحسمها خلال عدة أيام، أثبتت المقاومة -منذ أن بدأ «الكيان» الزحف البري- تمتعها بصمودٍ أسطوري، فلم يسعه سوى استدعاء أكثر من 350 ألفًا من قوات الاحتياط المنتشرين في معظم ميادين العمل متسببًا بشلل شبه تام للاقتصاد، فلم يمض على «كيان الصلف والاستكبار» سوى أشهر معدودات في خوض حربه الانتقامية الهادفة إلى إلحاق أكثر قدر من الدمار بـ«قطاع غزة» الواقع تحت الحصار حتى شارف اقتصاده على الانهيار الذي كان سيفضي به -حتمًا- إلى الانكسار، بيد أنَّ عددًا من الأنظمة العربية المستبدة سارعت -كما سيتبين لاحقًا- إلى إسناده. 

تضاعف التبادل التجاري الصهيوني المصري

بالرغم من أنَّ السلطات المصرية شريك للكيان الصهيوني في ما يفرضه على قطاع غزة الفلسطيني من حصار جائر ليس منذ الـ7 من أكتوبر فقط، بل منذ أكثر من 17 سنة، وبالرغم من إنَّ الفريق القانوني الصهيوني قد حمل مصر -منتصف يناير الماضي- أمام محكمة العدل الدولية المسؤولية الكاملة عن إغلاق معبر رفح أمام المساعدات وحرمان سكان القطاع ممَّا يمكن أن يسد رمقهم من فتات، تعمل السلطات المصرية ذاتها -بالتزامن مع إمطار كيان العدو أطفال القطاع بأطنان النار- بإمداده بالكثير من السلع التجارية الضرورية لحماية اقتصاده من الانهيار،  فقد كشف تقرير حديث صادر عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية -بحسب التقرير التفصيلي المطول المعنون [منتجات مصرية في أفواه الإسرائيليين.. كيف يساهم السيسي في إنقاذ الاحتلال؟] الذي نشره «نون بوست» بتأريخ 30 يونيو الماضي (يكشف تقرير حديث صادر عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن الصادرات المصرية إلى “إسرائيل” تضاعفت خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق، رغم القتل والدمار الذي تمارسه “إسرائيل” في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
وأظهرت البيانات المنشورة أن الصادرات المصرية بلغت 25 مليون دولار في مايو/أيار 2024، وهي ضعف الصادرات المسجلة في نفس الفترة من عام 2023.
وخلال الشهور الـ4 الأولى من حرب غزة، نمت قيمة التجارة بين نظام السيسي والاحتلال الإسرائيلي بنسبة 35%، لتصل إلى 800 مليون دولار، مقابل 562 مليون دولار في الشهور ذاتها من العام السابق، وفق بيانات جهاز الإحصاء المصري.
كما حققت “إسرائيل” فائضًا تجاريًّا مع مصر بقيمة 754 مليون دولار خلال الشهور الأربع، ونمت واردات مصر من “إسرائيل” بنسبة 42%، خاصة الغاز الطبيعي.
وكشف تحقيق صحفي عن تورط 37 شركة مصرية في التجارة مع “إسرائيل” بإجمالي 206 منتجات غذائية مصرية متوافقة مع الشريعة اليهودية، تتضمن عشرات الأصناف من الخضراوات والفواكه المجمدة والسكر والعصائر التي وصلت لمستوردين إسرائيليين، وتم اعتمادها خلال فترة العدوان الإسرائيلي على غزة).

جهد إماراتي مثابر لتجنيب «الكيان» الخسائر

من الحقائق الشديدة الوضوح لكل من يسمع ويرى أنَّ النظام الإماراتي المحسوب على العروبة والإسلام بهتانًا وزورًا هو أكثر الأنظمة المطبعة تفاخرًا بتوقيعه مع نظام التوحش والإجرام -قبل أربعة أعوام- «اتفاق أبراهام» الذي ترتب عليه ضخُّ الكثير من الأموال المملوكة لجميع المواطنين الإماراتيين للاستثمار في المستوطنات والبؤر الاستيطانيّة التي تتفشى -منذ توقيع اتفاقية «أوسلو» عام 1993- في الأراضي المخصصة لإقامة «دولة فلسطين»، وفي ذلك تفسير ميداني على شدة اصطفاف النظام الإماراتي إلى جانب الكيان الصهيوني للقضاء على آخر أحلام الشعب العربي الفلسطيني.
أمَّا بعد اندلاع معركة «طوفان الأقصى» التي برهن صمود أبطالها على شعور سلطات الكيان الأفاق بقدرٍ كبيرٍ من الإخفاق، فقد كان نظام الإمارات السبَّاق لإنقاذ اقتصاد ذلك الكيان الذي لم يعتد خوض حروب طويلة الآماد من الاختناق، ففي مقابل التدهور الذي بدأ يظهر على الاقتصاد الصهيوني -بعد أشهر من «طوفان أكتوبر»- تصدرت الإمارات -بحسب ما جاء في سياق الخبر الصحفي التحليلي المعنون [الإمارات تزيد وارداتها من البضائع الإسرائيلية] الذي نشر في «الكرمل نت» في الـ9 من فبراير الماضي- (الدول التي مدّت طوق نجاة لكيان الاحتلال، لتسنده في ضائقته وتُعوّض له ولو قليلًا تراجع الأموال التي يحصل عليها من التجارة. تمامًا كما مدّت الإمارات جسرًا بريًّا من موانئ دبي مرورًا بالأردن والسعودية وصولًا إلى فلسطين المُحتلة، لإيصال شاحنات المواد الغذائية للإسرائيليين، كبديل عن السفن التي لم تعد قادرة على المرور من البحر الأحمر).
ومن ناحية ثانية فقد عمل النظام العمالي -بالتزامن مع تعرض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لإبادة جماعية صهيونية- على رفع حجم التبادل التجاري مع الكيان الاحتلالي، وذلك ما يفهم من احتواء التقرير التحليلي المعنون [نمو التبادل التجاري بين الاحتلال ودول عربية.. الإمارات في الصدارة] الذي نشره «عربي 21» في الـ9 من أغسطس المنقضي على ما يلي: (بلغ حجم التجارة بين الاحتلال والإمارات -في يونيو الماضي فقط- 271.9 مليون دولار، بزيادة قدرها 5% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق٬ وفقًا لما أورده "معهد السلام لاتفاقات أبراهام" عن مؤسسة الإحصاء الإسرائيلي.
ووصل إجمالي التبادل التجاري بين البلدين -في النصف الأول من عام 2024- إلى 1.66 مليار دولار، محققًا نموًّا بنسبة 7% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023).

نموُّ تجارة الكيان مع المغرب في زمن الحرب

وليست المملكة المغربية المطبعة مع دولة الكيان في منأى عن مساندة اقتصاده الذي كان قد أوشك على الانهيار وكأنًَ نظامها متضامن معها -شانه شأن سابقيه- لمواصلة إبادة سكان قطاع غزة ومواصلة ما تلحقه بقطاعهم من دمار، وقد أشار انزلاق الرباط البين في مستنقع التصهين الكاتب «بدر الدين عتيقي» في مستهل مقاله التحليلي المعنون [المبادلات التجارية المغربية الإسرائيلية تتجاوز 53 مليون دولار في 5 أشهر] الذي نشره موقع «هسبريس» يوم الخميس الـ27 من يونيو الفائت بما يلي: (واصلت المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل نموها متحدية تداعيات الحرب على غزة وحملات المقاطعة التي اجتاحت مجموعة من الدول العربية، بما فيها تلك الموقعة على “اتفاقيات إبراهيم” للسلام، إذ قفزت قيمة هذه المبادلات إلى 8.5 ملايين دولار خلال مايو الماضي مسجلة زيادة قياسية بنسبة 124% مقارنة مع الشهر ذاته من السنة الماضية، ليبلغ إجمالي القيمة التراكمية للتجارة البينية 53.2 مليون دولار خلال خمسة أشهر الأولى من هذه السنة، بنمو نسبته 64% مقارنة مع 2023).
كما تأكد هذا المعنى في مستهل التقرير الإخباري التحليلي المعنون [في ظل الحرب.. المغرب يرفع مبادلاته التجارية مع إسرائيل بـ124 بالمائة] الذي نشره موقع «صوت المغرب» في التأريخ ذاته على النحو التالي: (كشف معهد اتفاقيات أبراهام للسلام عن زيادة حجم التبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل، لتصل إلى 84 مليون درهم (8.5 مليون دولار) خلال شهر مايو المنصرم، بزيادة تقدر بـ 124% في التجارة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023.
وقال المعهد في تقرير حديث له، إن الأشهر الخمس الأولى من سنة 2024 بلغت فيها التجارة الثنائية بين المغرب وإسرائيل 529 مليون درهم «53.2 مليون دولار»، مما يشكل زيادة بنسبة 64% في التجارة عن الأشهر الخمس الأولى من سنة 2023.
الزيادة في التجارة بين البلدين خلال الأشهر الخمس الأولى من سنة 2024، التي صادفت حرب إسرائيل الدامية على قطاع غزة تجعل المغرب ثاني أكثر الدول العربية الموقعة على اتفاقية أبراهيم تطويرًا لعلاقتها مع إسرائيل بعد البحرين).

إمداد الأردن دولة كيان بالخضار باستمرار

ومن المؤسف أن تقع المملكة الأردنية الهاشمية المحكومة من قبل الهاشميين الأوصياء على مقدسات فلسطين في خطئ مساعدة اقتصاد كيان العدو الصهيوني على تخطي ما يطاله من ضرر بسبب الحرب التي يشنها على «قطاع غزة» من حوالى أحد عشر شهرا، فها هي -بالرغم من شحة إنتاجها الزراعي تمد -باستمرار- المجتمع الصهيوني بما يحتاجه من الخضار مكافأةً له على مجازره الوحشية في حق الشعب الشقيق والجار، وقد أشير إلى علوق الأردن في شرنقة التصهين في سياق التقرير الإخباري التفصيلي المعنون [الأردن وتركيا الأكثر تصديرا.. الاحتلال يكشف الجهات التي تزود تل أبيب بالخضار] الذي نشره موقع «أخبار الأردن» يوم الخميس الـ22 من فبراير الماضي بما يلي: (حصل "عربي بوست" على نسخ من وثائق رسمية تعود لوزارة الزراعة الأردنية، ويظهر فيها جانب من تفاصيل الصادرات من الأردن إلى إسرائيل، وأجرى مقارنة بين الأرقام الصادرة رسميًّا عن الأردن، وتلك الصادرة رسميًّا عن إسرائيل، ووجد تقاربًا كبيرًا في الأرقام المتعلقة بالصادرات الأردنية لإسرائيل خلال الحرب.
أظهرت الوثائق أنَّ هناك نموذجين لتوثيق الصادرات صادرين عن وزارة الزراعة الأردنية، الأول قبل بدء الحرب على غزة، والثاني بعدها، وفي النموذج الأول تم الحصول على وثائق تعود لشهر فبراير 2022، كانت الوزارة تكتب كلمة "إسرائيل" ضمن الجهات التي تُصدّر إليها المنتجات الأردنية.
وفي وثائق النموذج الثاني وتعود لشهري 11 و12 من عام 2023، وشهر 1 من عام 2024، استبدلت الوزارة كلمة إسرائيل، بكلمة "أُخرى"، وقال مصدر في وزارة الزراعة الأردنية لـ"عربي بوست" فضّل عدم كشف اسمه، إن استبدال "إسرائيل، بكلمة أخرى، جاء خشية ردة الفعل الشعبي الأردني الغاضب من التصدير لإسرائيل".
تُظهر وثيقة من وزارة الزراعة الأردنية، أن مجموع ما تم تصديره من الأراضي الأردنية خلال شهر ديسمبر 2023 إلى الجهة المُسماة "أخرى"، 6632 طنًا عبر مركز زراعي المعبر الشمالي، والمنتجات المُصدرة 6، وهي الباذنجان، والطماطم، والخيار، والفلفل، والكوسا، واليقطين.
عند النظر إلى قاعدة البيانات الرسمية الإسرائيلية، فإنَّ إسرائيل استوردت من الأردن -خلال ديسمبر 2023- 6554 طنًا، وما استوردته كان الأنواع الستة المذكورة أعلاه في الوثيقة الرسمية الأردنية).
 
تطاول البحرين في مساندة اقتصاد الصهاينة المعتدين
 
حتى مملكة البحرين المحدودة المساحة القليلة السكان لم تفوِّت -من مطلقٍ تطبيعيٍّ واضحٍ للعيان- فرصة الوقوف خلف اقتصاد «الكيان» وبذل ما في وسعها من الجهود -بعد دخوله حالة ركود- لحمايته من السقوط، من خلال رفع حجم التبادل التجاري مع الكيان الصهيوعبري العنصري إلى مستوى قياسيٍّ معياري، وذلك ما يمكن أن يستشف من انطواء تقرير موقع «عربي 21» الذي سبق الاستشهاد ببعض محتواه على ما يلي: (كشف "معهد السلام لاتفاقات أبراهام" أن التجارة مع البحرين شهدت قفزة كبيرة، حيث بلغت 16.8 مليون دولار في حزيران/يونيو الماضي، بزيادة 740% عن حزيران/يونيو 2023.
وارتفع حجم التبادل التجاري بين المنامة والاحتلال خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 879% ليصل إلى 70.5 مليون دولار).
وفي سياقٍ مطابق لما سبق من استشهادٍ تدليلي استهل الخبر الصحفي التحليلي المعنون [تقرير يكشف عن زيادة التبادل التجاري بين إسرائيل ودول عربية في 2024] الذي نشره موقع «العربي الجديد» بتأريخ 20 من أغسطس المنقضي الاستهلال التالي: (كشف تقرير حديث صادر عن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي عن تسجيل نمو في حجم التبادل التجاري بين إسرائيل ودول عربية، خلال النصف الأول من عام 2024.
وأشار تقرير  نشره "معهد السلام لاتفاقات أبراهام" إلى أنَّ التجارة مع البحرين شهدت هي الأخرى قفزة كبيرة، إذ بلغت 16.8 مليون دولار في يونيو/حزيران 2024، بزيادة 740% عن يونيو/حزيران 2023، ليسجل التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعًا خلال النصف الأول من 2024 بنسبة 879%، وصولاً إلى مبلغ 70.5 مليون دولار).
 
دخول تونس والسعودية على خط دعم الصهيويهودية

ولم تغب عن هذا الموقف اللامشرف تونس التي أوهم رئيسها المستبد قيس سعيد جمهوره الذي صار عالقًا ببن التخبط والتردد أنه أنموذج متفرد للزعيم القومي المتشدد ومملكة آل سعود التي تستغل تشرُّف جغرافيتها السياسية بوجود الحرمين الشريفين في دغدغة مشاعر المسلمين ومحاولة فرض وصايتها عليهم أجمعين، فقد بدأت تظهر بعض الأدلة على تورط هذين النظامين في إسناد الاقتصاد الصهيوني إسهامًا منهما في تهيئة المناخات الملائمة لاستمرار إبادة الشعب العربي الفلسطيني، وقد أشير إلى هذا المعنى العمالي بشكلٍ إجمالي -في سياق تقرير «نون بوست» التفصيلي- بما يلي: (ومن المثير للجدل أن المنتجات من تونس والسعودية، بالرغم من أنهما لم يقيما علاقات دبلوماسية أو تجارية رسمية مع «إسرائل»، تظهر أيضًا في قاعدة بيانات شهادات الكوشير التي تضمنت أسماء شركتين عُثر على منتجاتهما معروضة للبيع في متاجر إسرائيلية عبر الإنترنت.
وتحمل شهادة واردات السكر الأبيض اسم الشركة السعودية “درة (Durrah)” باعتبارها الشركة المصنعة، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة “مونا فود (MOONA FOOD)”، وهي شركة تونسية منتجة للتونة والسردين حصلت 4 من منتجاتها على شهادة “كوشير”، لكنها ادَّعت أنَّ منتجاتها وصلت إلى السوق الإسرائيلية عبر عمليات استيراد غير مباشرة أو من خلال أطراف ثالثة لا سيطرة لها عليها، نظرًا لأنَّ منتجاتها يتم تصديرها إلى أكثر من 20 دولة).