
عرب جورنال / كامل المعمري -
في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم اليوم، يبرز اليمن كقوة إقليمية تسعى بجدية لإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة.
في مواجهة التحديات الكبيرة التي تفرضها قوى دولية كبرى، استطاع اليمن بقوته العسكرية وإرادته الصلبة أن يفرض معادلة جديدة في مجال الملاحة البحرية، تجعل من موقعه الاستراتيجي عنصرًا لا يمكن تجاهله في موازين القوى العالمية.
وبفضل الانتصارات التي حققها الجيش اليمني ضد قوى كبرى، أمريكا والغرب، أصبحت لليمن القدرة على إعادة تعريف دورها في حماية الملاحة الدولية وتأمين خطوط التجارة الاستراتيجية، ما يعزز من موقفها كقوة إقليمية ذات تأثير كبير على الصعيدين الإقليمي والدولي.
يمكن القول إن تثبيت معادلة البحر التي فرضها الجيش اليمني بقوة السلاح وانتصر فيها على أمريكا والغرب مقابل وقف العدوان على غزة وهو الأمر الذي بات راسخا لدى الأمريكي الذي اعترف مؤخرا عبر وزير خارجيته بأن وقف التصعيد في البحر الأحمر مرتبط بالحل في غزة، هذا الاعتراف الضمني يأتي بعد أن فشلت أمريكا في فصل الجبهات عن غزة خصوصا الجبهة اليمنية.
هذا التطور يعكس قدرة اليمن على التحكم بالملاحة الدولية وحماية السفن التجارية مستقبلا، ولا حاجة بعد اليوم لأي تواجد لقطع حربية تحت مبرر حماية الملاحة.
وهي رسالة لا بد أن يفهمها الأمريكي والغربي بأن التزام اليمن العميق بالحفاظ على الأمن القومي العربي موقف ثابت ومن خلال موقف اليمن مع الشعب الفلسطيني فلن يتردد في الوقوف إلى جانب أي دولة عربية تتعرض لعدوان أو تهديدات أجنبية.
وفي ضوء هذا الالتزام، يظهر اليمن كعنصر فاعل ومؤثر وأساسي في تعزيز الاستقرار الإقليمي وإيجاد أرضية صلبة للموقف العربي الذي يبدو الآن هشا وتحت تأثير العمالة والتطبيع فدور اليمن لن ينتهي هنا، بل سوف يستعيد لهذه الأمة كرامتها وعزتها والأهم من ذلك أن اليمن اليوم يرفع شعارا أكثر جرأة وطموحا وهدفاً مستقبلياً يتجاوز مجرد الدفاع عن الأراضي والمصالح العربية، فهو يسعى بجدية لطرد أي تواجد عسكري أمريكي وغربي من المنطقة العربية، وإعادة تأكيد سيادة الدول العربية.
في الوقت نفسه، يضع اليمن تحرير فلسطين في قلب استراتيجيته، مؤكدا التزامه الثابت بالقضايا العادلة وحقوق الشعوب.
إن هذا الهدف لا يعبر فقط عن طموح استراتيجي، بل هو تعبير عن إرادة قوية لتغيير الواقع الإقليمي والدولي، ويجعل من اليمن القوة المحورية في تحقيق استقلال حقيقي وفتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة، حيث تكون الأمة العربية حرة وقادرة على تقرير مصيرها دون تدخل خارجي.
في ظل هذه التحولات الجذرية، نجد أن اليمن لا يكتفي بإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة فحسب، بل يسعى أيضا إلى رسم خارطة سياسية جديدة تستند إلى الاستقلال التام والاعتماد على القدرات الذاتية.
إن هذه الخطوات تعكس روح التحدي والصمود لدى الشعب اليمني وقيادته، والتي أثبتت للعالم أن الإصرار على الحق يمكن أن يتغلب على أعتى القوى العسكرية والتكنولوجية.
وبينما يتأمل العالم هذه التحولات، يتبين بوضوح أن اليمن أصبح بمثابة نموذجٍ للقدرة على مقاومة الضغوطات الخارجية والانتصار في معارك البقاء.
وان هذا النموذج الذي يتبناه اليمن يرسل رسالة قوية إلى جميع الشعوب المضطهدة والمحتلة، مفادها أن التحرر والسيادة يمكن تحقيقهما يالعزيمة والارادة
وفي هذا السياق، تبرز أهمية الوعي الاستراتيجي لدى القيادة اليمنية، التي تدرك أن المعركة ليست فقط عسكرية بل هي معركة إرادات وصراع طويل الأمد لفرض إرادة الشعوب على قوى الهيمنة والاستبداد.
ولهذا، يتخذ اليمن من قضية فلسطين منطلقا نحو تحقيق أهدافه الاستراتيجية الأوسع، معتبرا أن أي حل لا يحقق العدالة للشعب الفلسطيني الذي يجب ان يستعيد كامل ارض فلسطين المحتلة لن يكون سوى حلا مؤقتا وغير مستدام.
ومع تصاعد هذه التطورات، يمكننا أن نستشرف مستقبلا جديدا للمنطقة، مستقبلا يُبنى على أسس العدل والمساواة والحرية، مستقبلا تكون فيه الأمة العربية قادرة على استعادة حقوقها المسلوبة ومكانتها التاريخية، بفضل إسهامات دولة مثل اليمن، التي أثبتت أن العزيمة والإرادة أقوى من أي سلاح.
في نهاية المطاف، يتضح أن اليمن ليس مجرد لاعب إقليمي عابر في مسرح الأحداث الدولية، بل هو قوة فاعلة تسعى إلى إعادة صياغة الواقع السياسي والاستراتيجي في المنطقة بفضل إصراره على تحقيق الاستقلال والسيادة، وإيمانه العميق بقضايا العدالة وحقوق الشعوب.