يوليو 15, 2024 - 15:42
وادي السبوع المصري موقع أثري للتماثيل ومعابد الملوك الفراعنة 

أروى حنيش

وادي السبوع، أو وادي الأسود، هو موقع لإثنين من المعابد المصرية الحديثة. تم بناء المعبد الأول من قبل فرعون الأسرة الثامنة عشرة أمنحتب الثالث، وتم ترميمه لاحقًا بواسطة رمسيس الثاني، في مرحلته الأولى. كان المعبد يتألف من ملجأ صخري حوالى 3 مترات في مترين، أمام صرح من الطوب وصالة وقاعة مطلية جزئياً بلوحات جدارية، ربما كان المعبد مخصصًا لأحد الأشكال النوبية المحلية لحورس. لكن تم تغييره إلى آمون في وقت لاحق، خلال فترة العمارنة. وتعرضت صور آمون للهجوم وتدهورت الزخارف. أما المعبد الثاني بناه فرعون الأسرة التاسعة عشرة رمسيس الثاني في النوبة السفلى، وأعاد بناء وتوسيع معبد أمنحتب الثالث ببناء الهياكل أمام الصرح.

وادي السبوع 

سُمى وادي السبوع بهذا الاسم لوجود صفين متوازيين من التماثيل في مدخل المعبد تشبه أبوالهول برأس الأسد، وقد تم إنشاؤها لغرض حراسة المعبد. وتصف اللوحات الجدارية في المعبد الملك رمسيس والإله "رع حور أختى"، وكأنهما شخص متحد، مما يعكس قوة الملك، كما أن هناك رسومات لحروب الملك رمسيس الثانى، وصور له وهو يضرب الأعداء والأسرى أمام الإله "رع حور أختى"، هو واحد من ثلاثة معابد أنشأها الملك رمسيس الثاني في النوبة، وأعيد تركيب المعبد على بعد 4 كم من موقعه الأصلي مع معبدي "الدكة" و "المحرقة" في المنطقة التي أطلق عليها وادي السبوع. وسميت المنطقة بـ "منطقة السبوع"، نسبة إلى طريق الكباش المؤدي لمعبد رمسيس الثاني الذي كان يتقدم مدخله طريق يزين جانبيه مجموعة من تماثيل أبو الهول في هيئة سباع رابضة. ويتخذ المعبد تصميمًا معماريًا مميزًا، حيث أن الجزء الأمامي منه وواجهته الأمامية شيدا من الحجر، بينما نقر الجزء الداخلي منه في الصخر. وقد استخدم المعبد ككنيسة في فترة الاضطهاد الروماني، فتم تدمير التماثيل الموجودة به، وكسيت جدرانه الداخلية بطبقة من الملاط مما أدى إلى حفظ الكثير من المناظر والنقوش المصرية القديمة.

طريق الكباش

طريق الكباش هو عبارة عن طريق مواكب كبرى لملوك الفراعنة، وكانت تقام داخله أعياد مختلفة، منها عيد "الأوبت"، وعيد "تتويج الملك"، ومختلف الأعياد القومية تخرج منه، وكان يوجد به قديمًا سد حجرى ضخم كان يحمى الطريق من الجهة الغربية من مدينة الأقصر العاصمة السياسية في الدولة الحديثة "الأسرة 18" والعاصمة الدينية حتى عصور الرومانية.

نقل المعابد

كشفت عملية نقل معابد النوبة بعد بناء السد العالي في أسوان في ستينيات القرن الماضي من قبل الحكومة المصرية، عن موقع وادي السبوع، الذي يقع على بعد 4 كم فقط شمال غرب الموقع الأصلي لوادي السبوع، الذي يضم العديد من المعابد التي كانت على وشك أن تُغمر بمياه النيل، كمعبد وادي السبوع من فترة الرعامسة، المخصص "لآمون رع ورع حور آختى"، والمعبد اليونانى الروماني في الدكة المكرس للمعبود "جحوتي"، والمعبد الروماني "بالمحرقة" المخصص للمعبودين "إيزيس" و"سيرابيس". تم تسجيل كل هذه المعابد في مواقع التراث العالمي لليونسكو في عام 1979 كجزء من آثار النوبة.

تاريخ وادي السبوع 

أما عن تاريخ الطريق، فيعود إلى الاحتفالات التي كانت تقام به، أي إلى قبل أكثر من 5 آلاف عام، عندما شق ملوك مصر الفرعونية فى طيبة "الأقصر حاليًا" طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات أعياد "الأوبت" كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب ويتبعه علية القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحملة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية. فيما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق، يرقصون ويهللون في بهجة وسعادة. وبادر إلى شق هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، تزامنًا مع انطلاق تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر فى إنجاز "طريق الكباش" يعود إلى الملك "نختنبو الأول" مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية "آخر أسر عصر الفراعنة".

ترميم وادي السبوع

بدأت أعمال الحفائر بالطريق في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين بواسطة الأثري زكريا غنيم، حيث قام عام 1949 بالكشف عن 8 تماثيل لأبي الهول، كما قام الدكتور محمد عبدالقادر 1958م- 1960 م، بالكشف عن 14 تمثالاً لأبي الهول، وقام الدكتور محمد عبدالرازق 1961م - 1964 بالكشف عن 64 تمثالاً لأبي الهول، وقام الدكتور محمد الصغير منتصف السبعينيات حتى 2002 م بالكشف عن الطريق الممتد من الصرح العاشر حتى معبد موت، والطريق المحاذي باتجاه النيل، كما قام منصور بريك عام 2006م بإعادة إعمال الحفر للكشف عن بقية الطريق بمناطق خالد بن الوليد، وطريق المطار وشارع المطحن، بالإضافة إلى قيامة بصيانة الشواهد الأثرية المكتشفة، ورفعها معماريًا وتسجيل طبقات التربة لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور.

تفكيك معبد وادي السبوع

بعد بناء السد العالي وبسبب الفيضانات، وما تمثله من تهديد على معبد وادي السبوع بالغرق، تم تفكيك المعبد من مكانه الأصلي ونقله إلى مكان أبعد بحوالى أربعة كيلومترات عن الموقع الأصلي، لتصبح هذه المنطقة الجديدة مجمع لثلاث معابد هي (وادي السبوع، الدكة، المحرقة). وكان ذلك عام 1964 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بتعاون مشترك بين وزارة السياحة والآثار المصرية والولايات المتحدة الأمريكية.