
عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي -
منذ أن وطئت قدماه مطار «ابن غوريون» -في الـ3 من يوليو 2022م- في أول زيارة له إلى دولة «الكيان الصهيوني» بعد أن حالفه الحظ بتخطي عتبة البيت الأبيض، يعمل الرئيس الأمريكي «جو بايدن» جاهدًا على إثبات سبقه في «التصهين»، ومنذ الـ7 من أكتوبر وهو يتبنى -خلافًا لتقمصه دور الوسيط المحايد- مواقف تصهينية مجحفة أكثر تطرفًا من آلاف الشخصيات الصهيونية المنصفة.
فبالإضافة إلى تصهينه البواح الذي ترجمه وما يزال يترجمه بدعم سلطات «الكيان الصهيوني» بكل ما تحتاجه -للفتك بالشعب الفلسطيني- من مالٍ وسلاح وتصديه باستمرار لصدور كل قرار ينطوي على أية أفكار تلزم «دولة الكيان» بوقف إطلاق النار، يظهر تحيُّزه إلى جانب إخوانه في الصهينة وإسهاماته المقززة في إزهاق أرواح أطفال «غزة» في دسه «السم في العسل» على امتداد فقرات وجُمل المبادرات والمقترحات التي يحاول فرضها على المقاومة الفلسطينية، بما فيها المقترح الارتجالي الذي طرحه من خلال مؤتمر صحفي في الـ31 من مايو الماضي زاعمًا أنه «مقترح إسرائيلي».
بيد انَّ رموز التطرف في حكومة حليفه «بنيامين نتنياهو» يتلقفون ما يبدر عن هذا الـ«بايدن» من مبادرات بردود فعل رافضة وغاضبة ولا يتعرضون من «نتنياهو» لأدنى عقوبة أو محاسبة، بل إن هذا الـ«نتنياهو» يتعاطى مع مقترح «بايدن» الأخير الذي زعم أنه «إسرائيلي» بتخبطٍ ينمُّ عن الشعور بالغرور والتعالي.
نعت مقترح «بايدن» المنظور بالقصور
كعادته «بنيامين نتنياهو» في استعراض قوة شخصيته في التعاطي مع الرؤساء الأمريكيين المحسوبين على «الحزب الديمقراطي»، يحاول «بيبي» -حتى في ظل هذه الحرب التي تبدو فيها «تل أبيب» بأمس الحاجة لدعم «واشنطن»- أن يُظهر نفسهُ ندًّا لحليفه «بايدن»، بل لقد وجد في طرح «بايدن» المقترح الذي نسبه إلى سلطات «نتنياهو» الراغبة -على حدِّ زعمه- في حدوث انفراجة فرصةً سانحةً لإحراجه، من خلال نفيه -بصورة ضمنية- علم حكومته المسبق بهذا المقترح وعدم إبداء التزامه بمضامينه ملقيًا باللائمة -شأنه في ذلك شأن إدارة «بايدن»- على المقاومة الفلسطينية.
وقد ذهب بـ«نتنياهو» وبسلطته الغرور حدَّ نعت مقترح «بايدن» الذي يفترض أنه مقترح صهيوني مكتمل بالقصور، وذلك ما يمكن أن يُفهم من استهلال السياق الخبري التفصيلي المعنون [مساعد لنتنياهو: خطة بايدن بخصوص غزة “ليست اتفاقًا جيدًا” لكن إسرائيل تقبلها] الذي نشر في «swissinfo.ch» في الـ2 من يونيو الحالي على النحو التالي: (أكد مساعدٌ لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد أنَّ إسرائيل قبلت اتفاقًا إطاريًّا لإنهاء الحرب في غزة تدريجيًّا والذي يدفع به الرئيس الأمريكي جو بايدن حاليًّا، لكنه وصف الاتفاق بأنه معيب وبحاجة إلى مزيد من العمل.
وفي مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، قال «أوفير فولك» كبير مستشاري نتنياهو للسياسة الخارجية، إنَّ اقتراح بايدن هو “صفقة وافقنا عليها بالرغم من إنها ليست اتفاقًا جيدًا، لكننا نريد بشدة إطلاق سراح الرهائن جميعهم”).
كما قد يُفهم هذا المعنى -أيضًا- من استهلال السياق الخبري التفصيلي المعنون [نتنياهو يعتبر المقترح الأمريكي بشأن غزة "غير مكتمل"] الذي نشر في صحيفة «الشرق الأوسط» يوم الإثنين الـ27 من ذي القعدة المنقضي الموافق 3 يونيو الحالي بما يلي: (أكد متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية -الإثنين- أنَّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتبر مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن لإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة «غير مكتمل»).
فرض مقترح «بايدن» عبر مجلس الأمن
من القضايا التي باتت معروفة للعامة -فضلًا عن الخاصَّة- أنَّ المنابر والمنظمات الأممية غدت- منذ عقودٍ عدة- عديمة الفائدة، وصارت -في ظل استسلام العالم من ضحيته إلى جلاده لهيمنة القطبية الواحدة- مجرد أدوات بيد «الولايات المتحدة» تستخدمها لفرض ما تتبناه من أجندة، ففي مقابل إشهارها سلاح الـ«فيتو» في وجه كل قرار تهدف مضامينه إلى حقٍّ وإزهاق باطل تسعى «واشنطن» إلى فرض رؤاها على الخصوم الذي يرفضون الانصياع لإملاءاتها عبر «مجلس الأمن» على هيئة قرارات أممية إلزامية، من ذلك -على سبيل المثال- ما حصل من إستصدار قرار — ملزم لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» بمضمون مقترح «بايدن» الذي هو مقترح صهيوني بالأساس، وقد أشير إلى هذا المعنى في سياق الخبر الصحفي التحليلي المعنون [مجلس الأمن يتبنى قرارًا اقترحته واشنطن يدعو لهدنة في غزة] الذي نشره موقع «فرانس24» في الـ11 من يونيو الراهن بما يلي: (اعتمد مجلس الأمن الدولي الإثنين مشروع قرار أمريكي يدعم مقترح الهدنة في غزة، في حين تكثف واشنطن جهودها الدبلوماسية لإقناع حركة حماس بقبوله).
وكان قد أشير إليه بصورة أكثر شمولًا ودلالةً عليه في سياق التغطية الخبرية المختصرة المعنونة [مجلس الأمن الدولي يؤيد مشروع قرارًا أميركيًّا بشأن الهدنة في غزة] الذي نشره موقع «الحرة» في الـ10 من يونيو الحالي بما يلي: (أيد مجلس الأمن الدولي الإثنين مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة يدعم اقتراحًا طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» في قطاع غزة.
وكان بايدن قد طرح في 31 مايو أيار خطة من ثلاث مراحل لوقف إطلاق النار، واصفًا إياها بأنها «مبادرة إسرائيلية»، وتساءل بعض أعضاء مجلس الأمن عمَّا إذا كانت إسرائيل قد قبلت خطة إنهاء القتال في غزة.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة «ليندا توماس غرينفيلد» في كلمة أمام المجلس قبل التصويت: "ننتظر أن توافق حماس على اتفاق وقف إطلاق النار).
استعداد «بيبي» -بعد لغط- لقبول هدنةٍ فقط
مواقف «نتنياهو» المتقلبة من مقترح «بايدن» تعكس حالةً من التخبُّط والرغبة في انتقاء ما يشاء من بين ما تطرحه إدارة حليفه «بايدن» من رؤى أو آراء، حتى وإن كانت -من وجهة نظر سيد «البيت الأصفر»- رؤى ذات مضامين يكمِّل بعضها بعضا وغير قابلةٍ للتجزؤ أو الاجتزاء، فعلى الرغم من أنَّ مقترح «بايدن» يشتمل على ذلك مراحل ترتبط بإطارٍ إجرائيٍّ متداخل، فقد أراد «نتنياهو» -في لحظة انتشاء- الاكتفاء باجتزاء الإجراء المتعلق بالرحلة الأولى الذي سيمكنه من استرجاع بعض الأسرى ثم يعود بعد استعادتهم إلى خوض حربه مرة أخرى، وليس أدلّ على هذا المعنى من احتواء الخبر المختصر المعنون [نتنياهو يبدي استعداده لصفقة جزئية بشأن الرهائن في غزة] الذي نشره موقع «Medi1news» يوم الإثنين الـ24 من يونيو الحالي على ما يلي: (في اليوم الـ62 بعد الـ200 من الحرب على غزة، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداده -فقط- لصفقة جزئية لتحرير الأسرى يستأنف الحرب بعدها لاستكمال أهدافها على حد تعبيره).
وكذا احتواء الخبر الصحفي التفصيلي المعنون [نتنياهو يتراجع عن مقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة] الذي نشره موقع «يورونيوز عربي» في الـ24 من يونيو الحالي على ما يلي: (قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -يوم الأحد- إنه مهتم بالتوصل إلى "صفقة جزئية" مع حماس من شأنها إطلاق سراح "بعض الرهائن" المحتجزين في غزة والسماح لإسرائيل بمواصلة القتال في القطاع.
وجدد رئيس الوزراء في مقابلة أجراها مع القناة 14 العبرية رفضه إنهاء الحرب في قطاع غزة قبل تحقيق أهدافها المتمثلة بـ"القضاء على حركة حماس وإعادة المحتجزين"، وقال "أنا أرفض أن أترك حماس بالوجود.. الحرب لن تنتهي".
وأشار إلى أنه "مستعد للتوصل إلى اتفاق جزئي مع الحركة الإسلامية لاستعادة بعض المحتجزين في غزة، ولكنه سيستأنف الحرب بعد الهدنة لاستكمال أهدافها").
عودة«بيبي» إلى المقترح بعد طول تأرجح
لعل زعم «نتنياهو» الذي بدر عنه مؤخرًا استعدادَه فقط للقبول بصفقةٍ جزئيةٍ يستعيد -من خلالها- بعض الأسرى يعود بعد انقضائها لمواصلة ما بدأه -منذ قرابة 9 شهور- من مجازر نكراء قد أثار غضبًا جماهيريًّا من ضدَّه، فلم يسعه -إزاء الغضبة الجماهيرية العارمة- إلَّا أن يتراجع في كلامه ويولي مقترح «بايدن» ما لم يولهِ من احترامه والتزامه، وذلك ما أشير إليه -بوضوح جلي- في مستهل الخبر الصحفي المختصر المعنون [نتنياهو يتراجع عن تصريحاته الرافضة لاقتراح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة] الذي نشره موقع «CNN بالعربية» يوم الإثنين الـ24 من يونيو/حزيران بما يلي: (تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن تصريحاته التي بدا فيها وكأنه يرفض أحدث اقتراح إسرائيلي لوقف إطلاق النار بدعم من الولايات المتحدة).
وإلى أشمل من هذا المعنى ذهب الصحفي «محمود عبدالرحمن» في سياق خبره الصحفي المعنون [نتنياهو يتراجع عن موافقته على هدنة جزئية ويؤكد التزامه باقتراح بايدن] الذي نشره في موقع «مصراوي» الإخباري مساء يوم الإثنين الـ24 من يونيو الحالي بما يلي: (قال رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ملتزمة بالاقتراح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار الذي رحب به الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية مايو الماضي.
ويتمثل الاقتراح الذي أعلنه الرئيس الأمريكي في إطلاق سراح الأسرى في المرحلة الأولى ووقف مؤقت لإطلاق النار، على أن يمتد هذا الوقف إلى "تهدئة مستدامة "وقف إطلاق النار" وإيقاف العمليات العسكرية والأعمال العدائية بشكل دائم في المرحلة الثانية).