يونيو 8, 2024 - 20:34
مجزرة النصيرات.. والعجرفة الصهيونية


عرب جورنال/ هلال جزيلان - 
في تحدٍ صارخ للمبادرة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، وتجاهلٍ تام لكل قرارات المؤسسات الحقوقية الدولية وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، يمعن الاحتلال في غطرسته واستمراره في الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، وفي هذا السياق، ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة في النصيرات، مستهدفًا مدرسة تؤوي نازحين من النساء والأطفال وكبار السن، مما أودى بحياة عشرات الشهداء.
ضوء أخضر أمريكي
لم يكن مفاجئاً لحكومة تواصل القتل بدمٍ باردٍ منذ ثمانية أشهر، أن تقدم على ارتكاب مجزرة جديدة، في ظل إفلاسها في تحقيق أي من أهداف العدوان المعلنة، الرسائل الواضحة من هذه المجزرة تؤكد استمرار الاحتلال في تلقي الضوء الأخضر الأمريكي، الذي بدلًا من معاقبة الاحتلال على جرائمه، سعى لدعمه من خلال تشريع عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
مفاوضات تحت النار
لقد لخص وزير الحرب الصهيوني يوآف غالنت المشهد بقوله: "إسرائيل تجري مفاوضات تحت النار"، وأضاف أن الضغط العسكري والمجازر اليومية هي أدوات لإرغام الشعب الفلسطيني على قبول صفقة منقوصة لا تشمل استعدادًا إسرائيليًا لوقف إطلاق النار.
وهذا يؤكد بأن الاحتلال يسعى للعودة إلى صيغة "الصفقة الإنسانية"، التي تتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل تسهيلات إنسانية محدودة، دون تحقيق الشروط الوطنية التي تطلبها المقاومة،ولذا مع كل فشل في المفاوضات، تعود للضغط العسكري على أمل إضعاف موقف المقاومة.
الضغوط القانونية ودور أمريكا
وما يراه متابعون أن الضغوط والمسارات القانونية ما زالت نظرية ولا تشمل أي إجراء عملي ضد الكيان الصهيوني، وتأكيد ذلك أن حتى الاتحاد الأوروبي لم يتمكن من فرض عقوبات على إسرائيل بسبب عدم وجود أغلبية بين دوله.
لقد كانت مجزرة النصيرات، وفق مراقبين، دليل على إفلاس العدو الذي لا يجد أمامه إلا القتل والدمار، أن هذه العمليات تشرعن مبررات زوال إسرائيل التي بات العالم يقتنع بضرورتها.
سلاح أمريكا ودعم الاحتلال
وفي تحليل أجرته شبكة "سي إن إن" كشف عن استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة أمريكية في هجماته على مدرسة النصيرات، وأكدت الشبكة أن هذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين التي تتمكن فيها من التحقق من استخدام ذخائر أمريكية في هجمات قاتلة على النازحين الفلسطينيين.
المطالب الفلسطينية
القيادي في حماس، أسامة حمدان، أكد أن الحركة لن تعقد أي اتفاق مع إسرائيل بشأن تبادل الأسرى ما لم يكن هناك موقف واضح من تل أبيب بالاستعداد لوقف دائم للحرب والانسحاب من قطاع غزة.
مشروع غزو لاهي
أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن طلب المدعي العام للمحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالنت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
استمرار العدوان الإسرائيلي
منذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل عدوانًا غاشمًا على غزة بدعم أمريكي مطلق، مما خلف أكثر من 119 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرارًا من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فورًا، وأوامر من محكمة العدل الدولية بوقف هجومها على رفح واتخاذ تدابير حماية فورية للمدنيين.
تداعيات الحرب على السكان
الحرب المستمرة في غزة خلفت واقعًا مأساويًا للسكان المدنيين، حيث يعاني الآلاف من نقص في الغذاء والماء والرعاية الصحية الأساسية، وسط تدمير واسع للبنية التحتية، المدارس والمستشفيات تضررت بشكل كبير، مما جعل الوصول إلى الخدمات الأساسية شبه مستحيل.
ردود الفعل الدولية
العديد من الدول والمنظمات الدولية أعربت عن قلقها البالغ إزاء التصعيد العسكري الإسرائيلي والمجازر التي تنفذها بحق المدنيين في غزة. الأمم المتحدة دعت أكثر من مرة إلى وقف فوري لإطلاق النار، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني في غزة قد وصل إلى مستوى كارثي.
الموقف الفلسطيني
القيادة الفلسطينية أكدت رفضها لأي حلول جزئية أو إنسانية لا تتضمن وقفا شاملا ودائما لإطلاق النار، ورفع الحصار المستمر على القطاع، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
المبادرات والوساطات
جهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر وتركيا، بالإضافة إلى جهود الأمم المتحدة، تسعى إلى التوصل إلى هدنة إنسانية تتيح تقديم المساعدات الإغاثية للمدنيين وتخفيف معاناتهم. ومع ذلك، فإن تعنت الاحتلال وإصراره على مواصلة العدوان يعرقل هذه الجهود.
الأمل في العدالة
رغم التحديات الكبيرة، يُعول الكثير من الفلسطينيين على المسار القانوني الدولي لتحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. المحكمة الجنائية الدولية تُعتبر إحدى الأدوات الممكنة لتحقيق هذا الهدف، رغم الضغوط والعقبات التي تواجهها.
في ظل هذه الظروف الصعبة، يظل الأمل معقودًا على صمود الشعب الفلسطيني وإرادته في مواجهة العدوان، وعلى التضامن الدولي مع قضيته العادلة.