يونيو 8, 2024 - 18:03
قرار الرئيس (محمد مويزو) حظر دخول الصهاينة أراضي جمهورية (جزر المالديف) قرار جريء باهظ التكاليف



عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي

جمهورية «جزر المالديف» ذات الأغلبية السكانية المسلمة التي لا تزيد مساحتها -بالرغم من أنَّ جغرافيتها تتكون من 26 جزيرة- عن 288 كيلو مترٍ مربعٍ أي 80% من مساحة «قطاع غزة»، ولا يزيد عدد سكانها -بحسب تعداد عام 2017- عن «436330» نسمة حال اعتزازها بدينها -خلافًا لبلدان عربية وإسلامية محورية شاسعة المساحة كثير السكان- دون الانزلاق في مستنقع تطبيع العلاقات مع «دولة الكيان».
كما أنَّ اعتماد اقتصادها على السياحة بدرجةٍ كبيرة لم يحُل دون اتخاذها -في سبيل ما تمليه عليها رابطة الدين من التضامن مع ضحايا المجازر الصهيونية «في قطاع غزة» وفي عموم أرض «فلسطين»- قرارًا على درجةٍ عالية من الخطورة قضى بحظر دخول الإسرائيليين وحاملي الجوازات الإسرائيلية إلى أراضي البلد مهما كانت الضرورة، وقد اقتضى اتخاذ هذا الإجراء إدخال تعديلات على قوانين السفر والهجرة. 

ضغط برلماني بمساندة شعبية

لقد كان موقف شعب «جزر المالديف» ذي التعداد السكاني المحدود وأغلبية ممثليه في البرلمان الموجود ضد الحرب الصهيونية الهمجية على «قطاع غزة» إلى أبعد الحدود، وقد تسببت الكثير من الضغوط بانخفاض أعداد السياح اليهود -منذ تعرض «قطاع غزة» لتلك الحرب الانتقامية- بنسبة 88%.
أما قرار حظر دخول الإسرائيليين إلى البلد بصفة عامة الذي صدر يوم الأحد الـ2 من يونيو الجاري فليس وليد يومه بل ترجع حيثيات اتخاذه إلى ما قبل أكثر من سبعة أشهر، وليس أدلّ على ذلك من استهلال الخبر الصحفي المعنون [جزر المالديف تنظر في منع الإسرائيليين من دخول أراضيها بسبب الحرب] الذي بثته شبكة «i24NEWS» الصهيوأمريكية مساء الـ22 من نوفمبر الماضي بما يلي: (قدم عضو البرلمان في جزر المالديف محمد نشيد عبد الله مقترحًا قبل يومين لتعديل قانون الهجرة الوطني بهدف منع حاملي جوازات السفر الإسرائيلية من دخول البلاد، على خلفية ما وصفه بـ "العدوان الإسرائيلي العشوائي على قطاع غزة.
وبحسب عضو البرلمان يجب على بلاده تعديل قانون الهجرة لفرض عقوبات على إسرائيل من خلال منع مواطنيها من دخول البلاد مع تواصل الحرب في قطاع غزة. 
وخرج مواطنون في المالديف في مظاهرات أمام البرلمان للتعبير عن غضبهم من الأحداث في غزة التي تشهد حربًا إسرائيلية طاحنة منذ 47 يومًا).

تضامن مع فلسطين اقتضى تعديل قوانين

لأنَّ شعب «جمهورية جزر المالديف» يدين بالديانة الإسلامية بنسبة 100%، فهو متبنٍ قضية فلسطين ومتضامن مع إخوانه الفلسطينيين منذ عشرات السنين، بدليل رفضه القاطع بل الجنوني لكل أشكال التطبيع مع دولة «الكيان الصهيوني» الذي كان السبب في الإطاحة بالرئيس «محمد نشيد» الذي كان قد بدأ بالأخذ بأسباب تطبيع العلاقات مع «تل أبيب»، فانطوت صفحته غير مأسوفٍ عليه في فبراير 2012.
وقد بلغ التعاطف المالديفي الرسمي والشعبي مع الشعب الفلسطيني ومع المظلومية الفلسطينية حدَّ القيام بتعديلات قانونية تتيح الفرصة لاتخاذ قرار يحظر دخول البلاد على حاملي الجنسيات والجوازات الصهيونية، وذلك ما يُهم -على سبيل المثال لا الحصر- من استهلال المتابعة الإخبارية المعنونة [المالديف تمنع دخول "الإسرائيليين" وحاملي جوازات السفر الإسرائيلية] التي نشرت في «تايتل نيوز» يوم الأحد الـ2 من يونيو الحالي على النحو التالي: (قررت حكومة المالديف، اليوم الأحد، منع دخول المواطنين "الإسرائيليين" وحاملي جوازات السفر الإسرائيلية.
وقال وزير الأمن الداخلي والتكنولوجيا «علي إحسان» إنَّ "رئيس الجمهورية «محمد مويزو» قرر -بناءً على توصية مجلس الوزراء- تطبيق هذا الحظر تضامنًا مع فلسطين".
وأشار إلى أنَّ "القرار يتضمن تعديل القوانين اللازمة لتطبيق منع دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية إلى جزر المالديف، وإنشاء لجنة فرعية تابعة لمجلس الوزراء للإشراف على تنفيذ هذه التدابير").
 
حمل تل أبيب قرار حظر البلد على محمل الجد

على الرغم من قلة عدد سكان «جمهورية جزر المالديف» ومحدودية مساحتها الجغرافية، فإنَّ تعاطي السلطات الصهيونية مع قرار حظر دخول المواطنين الصهاينة إلى أراضيها بجدية يترجم شعورها نحوها بالندية ويعكس ما تتمتع هذه الدويلة من قوة مواقفية، فقد تلقفت سلطات «دولة الكيان» قرار الرئيس المالديفي «محمد مويزو» فرض حظر على حاملي جوازات السفر الإسرائيلية بتحذير مواطنيها من السفر إلى ذلك البلد وحضِّ من لم يزل من مواطنها فيه على سرعة مغادرته، وقد أشير إلى جدية الموقف الإسرائيلي في سياق الخبر الصحفي التفصيلي المعنون [إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى جزر المالديف بعد حظر الأخيرة دخولهم أراضيها] الذي نشره موقع راديو «مونت كارلو» في الـ3 من يونيو الحالي بما يلي: (وتعليقًا على قرار حظر دخول حملة جوازات السفر الإسرائيلية إلى المالديف، أوصت وزارة الخارجية الإسرائيلية مواطنيها في بيان بـ "تجنب أي سفر أو التفكير بذلك إلى جزر المالديف".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية: "تنطبق التوصية أيضًا على المواطنين الإسرائيليين الذين يحملون جواز سفر أجنبي، بالإضافة إلى جواز السفر الإسرائيلي".
وعزت الخارجية الإسرائيلية توصيتها هذه إلى الإجراءات التي قد تترتب في ضوء القرار الصادر عن سلطات جزر المالديف، وما يليها من صعوبة في التواصل مع السلطات المحلية في المالديف في حال وقوع أية مشكلة لأحد المواطنين الإسرائيليين.
وتابعت الخارجية: "بالنسبة للمواطنين الإسرائيليين المقيمين في البلاد، نوصيهم بالمغادرة، لأنهم إذا وقعوا في ضائقة لأي سبب من الأسباب، فسيكون من الصعب علينا مساعدتهم").

أخذ عقلاء الكيان خطورة القرار في الحسبان

في هذه المرحلة الحرجة من تأريخ دولة «الكيان الصهيوني» والاستثنائية من عمر الصراع [العربي-الصهيوصليبي]، لا يمكن النظر إلى قرار «جمهورية جزر المالديف» حظر دخول المواطنين الإسرائيليين أو حاملي جوازات السفر الإسرائيلية إلى أراضيها -وإن كانت هذه الدويلة الصغيرة قد اتخذت الموقف المناسب الذي تمليه عليها الرابطة العقيدية- من منظور تأثيراته المادية، بل ينظر إلى أبعاده الرمزية القوية باعتباره سهمًا صُوِّب في الوقت المناسب إلى جسد الوحشية الصهيونية لافتًا الانتباه إلى فضاعة ما يرتكبه ذلك الكيان الأكثر عنصرية وتوحشًا وعدوانية في حقِّ أطفال غزة من مجازر إبادة جماعية، لا سيما وقد جاء صدوره عقب إعلان كل من {إسبانيا، والنرويج، وأيرلندا} -وثلاثتها دول أوروبية- عن اعترافها بالدولة الفلسطينية. 
وقد أخُذت خطورة هذا القرار على حاضر ومستقبل «دولة الكيان» من جانب بعض عقلاء الكيان في الحسبان معتبرين إياه -بالنظر إلى توقيت وملابسات صدوره- رسالة سياسية قاسية، ربما ترتبت عليه -إذا ما مثل نقطة فاصلة وكان فاتحة لقرارات مماثلة- نتائج قياسية، وذلك ما قد يُفهم من احتواء مقال الكاتب العبري «سامي بيرتس» التحليلي المترجم عنوانه إلى [مقاطعة إسرائيل تتزايد والحكومة عاجزة] الذي نشرته صحيفة «ذي ماركر» العبرية، ونشر ترجمته موقع «عربي21» يوم الثلاثاء الـ4 من يونيو الجاري على ما تُرجِم إلى التالي: (في مجال السياسة فإن إسبانيا والنرويج وأيرلندا أعلنت في الأسبوع الماضي عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. دول أخرى في أوروبا تفحص خطوة هذه الدول ويمكن أن تحذو حذوها. وفي خطوة خطيرة أعلنت الحكومة في جزر المالديف بأنها ستحظر دخول الإسرائيليين إليها على خلفية الحرب في غزة).