في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال" الناطق الرسمي لحزب التيار الشعبي التونسي، محسن النابتي، للوقوف عند أبرز وآخر المستجدات الراهنة في المنطقة على وقع الأحداث في غزة، وعلى رأسها العمليات اليمنية الضاربة ضد الملاحة الإسرائيلية وكذلك السفن الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب. ويناقش الحوار مستوى الحراك السياسي والرسمي في الأوساط العربية مع استمرار الخذلان العربي تجاه ما يحدث من جرائم صهيونية بحق الشعب الفلسطيني. كما يناقش الحوار عدد من الملفات الإقليمية الساخنة المتعلقة بمعركة طوفان الأقصى.
عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي _
المقاومة الفلسطينية ألحقت هزيمة نكراء بالغرب الاستعماري وأطاحت بكل الأكاذيب التي كان يروجها عن نفسه كحارس لحقوق الإنسان والديمقراطية
لقد فشل الأعداء في تهميش اليمن من خلال عدوان طويل استمر لتسعة أعوام لأن اليمن هو روح الأمة العربية والنواة الصلبة لاستمرارها
اليمن أطاح بدول الناتو وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا ويشارك اليوم بالنار والدم في نصرة غزة وإنهاء الهيمنة الغربية وكذلك تغيير النظام العالمي
اليمن عزف سمفونية عربية بين الجيش والشعب والمقاومة والجغرافيا والتاريخ لمساندة غزة والتي خلقت تعبئة تجاوزت اليمن إلى الأمة العربية والإسلامية
تونس مع فلسطين لتحرير كامل أراضيها وقد التحم الموقف الرسمي بالموقف الشعبي في مساندة غزة
نقترح عقد قمة للدول التي طردت السفراء الصهاينة مثل جنوب أفريقيا والبرازيل وفنزويلا وكذلك الدول التي لا تعترف بالكيان كسوريا وإيران واليمن وكوبا وغيرها
التحولات الدولية والإقليمية مؤاتية لعزل "إسرائيل" عن أفريقيا ولكن الموقف المصري هو نقطة الضعف
الجامعة العربية ستنتهي بنهاية مرحلة "سياكس بيكو" و "وعد بلفور" وهزيمة مشروع الهيمنة ونهاية "إسرائيل" وستحل محلها آليات أخرى ستفرضها الشعوب العربية
الجامعة العربية ستنتهي بنهاية مرحلة "سايكس بيكو" و "وعد بلفور" وهزيمة مشروع الهيمنة ونهاية "إسرائيل" وستحل محلها آليات أخرى ستفرضها الشعوب العربية
- بالرغم من استمرار العدوان الصهيوني على غزة إلا أن المقاومة الفلسطينية جسدت صموداً أسطورياً وتقترب من تحقيق انتصار تاريخي على العدو.. ماذا يعني انتصار غزة اليوم بالنسبة لدول وشعوب المنطقة؟ في المقابل ماذا يعني استمرار الخذلان العربي لمظلومية الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة الحرجة والمصيرية من تاريخ الأمة؟
المقاومة الفلسطينية البطلة أعادت للإنسانية وجهها المشرق في قدرة الإنسان على تحدي الطغيان والبطش. المقاومة الفلسطينية لم تحقق فقط انتصارا عسكريا على قطعان النازيين الصهاينة وإنما ألحقت هزيمة نكراء بالغرب الاستعماري وأطاحت بكل الأكاذيب التي كان يروجها عن نفسه كحارس لحقوق الإنسان والديمقراطية.
المقاومة والشعب الفلسطيني غيرا دفة المعركة التي تدور في رقعة صغيرة من الوطن العربي وهو قطاع غزة إلى معركة الإنسانية كلها ضد أعدائها من النازيين الجدد والطغمة العنصرية الفاشية الحاكمة في الغرب الرأسمالي المتوحش.
بالنسبة لأبناء الأمة العربية فبقدر الفخر والإعتزاز بصمود المقاومة الفلسطينية وبسالة الشعب في غزة، فهذا الصمود هو استرجاع لروح الأمة العربية وكبريائها وتجدد قدرتها على المقاومة والتحرر، بقدر ما يشعر أيضا الإنسان العربي بالخزي والعار من موقف حكامه حيث نعيش أسوأ مرحلة من مراحل النظام الرسمي العربي.
ففي سنة 1948 كنا محكومين بملوك وأغلب الدول العربية ما زالت تحت الاحتلال ومع ذلك تحركت بما استطاعت، واليوم عجزوا عن إدخال قارورة ماء لرضيع فلسطيني ،ولكن الحقيقة أنهم أي الحكام العرب جزء من العدوان، وهناك تحالف صهيوني خليجي ومصري وأردني للأسف سافر وسافل وهو غير خفي وربما سنشهد في المستقبل القريب جيوش عربية تقاتل إلى جنب منظمة الجيش الصهيوني الإرهابي، فهذه الأنظمة محكوم وجودها بوجود الكيان الصهيوني فكلنا يعرف أن أغلب الكيانات العربية ولدت بعد سايكس بيكو 1916 ثم وعد بلفور 1917، وتشكلت أغلب هذه الكيانات مع تشكل كيان العدو، قبله قليلا وبعده قليلا، وبالتالي هي جزء من التوازن الذي بمقتضاه يحافظ العدو على وجوده، فنهاية "إسرائيل" تعني نهاية توازن كامل وتغير خرائط المنطقة ونهاية الهيمنة الغربية. لذلك نلاحظ كل هذا الخذلان الرسمي العربي فهذه كيانات وشبكات مصالح وكيلة تدافع عن نفسها لا أكثر ولا أقل.
- في خضم تصاعد العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن إلا أنه يصر على مواصلة مساندة غزة بعمليات ضاربة في عمق البحار.. كيف تصفون هذا الموقف والعزيمة الإيمانية الصادقة لليمن في نصرة مظلومية الشعب الفلسطيني؟ وهل تعتقدون أن اليمن قد رسم مستقبلاً جديداً للأمة العربية والإسلامية لتبدأ مرحلة الخلاص من التبعية والهيمنة الأمريكية الغربية ؟ وأي رسالة توجهونها لهذا الشعب اليمني الصامد والشامخ؟
أولاً كل التحية والإكبار لشعب اليمن العظيم والرحمة لشهدائه والشفاء لجرحاه في هذه المنازلة العظمى التي تضاف في سجله الخالد في كل معارك الأمة العربية التي غيرت وجه التاريخ.
اليمن أصل الأمة العربية وهو النواة المركزية والصلبة لاستمرارها كأمة، وقد حاولوا تهميشه لعقود وحاولوا احتوائه لسنوات وبعد ذلك حاولوا تهشيمه في عدوان طويل استمر لتسعة أعوام، ولكنهم فشلوا لأن اليمن هو روح الأمة العربية وهي أمة غير قابلة للإبادة، وبالتالي عاد اليمن بعزيمة وبكبرياء وقد أنصف اليمن الأمة العربية، فهذه الأمة لا تستحق كل هذا الذل والمهانة من قبل حكامها.
الآن في اليمن هناك سمفونية عربية تعزف بين الجيش والشعب والمقاومة والجغرافيا والتاريخ، خلقت تعبئة تجاوزت اليمن إلى الأمة العربية والإسلامية وأحرار الإنسانية، ففي طريقه لنصرة غزة تمكن اليمن من الإطاحة بقدرة الردع الأطلسية_ الناتو _ حيث تقف أمريكا وبريطانيا وفرنسا وحلفائهم وعملائهم عاجزين عن ردع اليمن، فاليمن لا يرسم فقط معادلة محلية أو إقليمية، اليمن يعطي للأمة العربية شرف المشاركة بالنار والدم في نصرة غزة وكذلك تغيير النظام العالمي وإنهاء الهيمنة الغربية التي هي بالأصل شذوذ في التاريخ.
رسالتنا لليمن وشعبها هي رسالة كل عربي نحن فخورون أننا عرب مثلكم وأنتم كنتم ولا زلتم درة التاج في تاريخ أمتنا فاستمروا حتى ينجلي الليل وينكسر القيد.
- بصفتكم ناطقا للتيار الشعبي التونسي.. ما تقييمكم للحراك الرسمي والسياسي سواء للنظام أو الأحزاب السياسية في تونس تجاه غزة منذ 7 أكتوبر ؟ وهل يرقى إلى المستوى المطلوب؟ وما هي توصياتكم لاتخاذ مواقف عملية ومؤثرة للضغط بشكل فعال على العدو لوقف مجازر الإبادة في غزة؟
شعبيا القضية الفلسطينية هي من أولويات التونسيين وهذا مؤكد تاريخيا، فالتونسيين شاركوا في القتال ضد الاستعمار البريطاني لفلسطين وذهبوا على الأقدام سنة 1948، وكان لهم شرف المساهمة في مراحل النضال الفلسطيني بعد ذلك ومع كل الفصائل، ولذلك بقيت تونس عصية عن التطبيع ، أما الموقف الرسمي فقد شهد تطورا كبيرا والتحم بالموقف الشعبي حقيقة.
حيث رسميا تونس عبرت لأول مرة أنها مع تحرير كامل فلسطين ولم تعد تتحدث عن ما يسمى حل الدولتين، وهذا تطور رائع بالنسبة لنا.
سياسيا تونس ليست دولة طوق وهناك دول تخطف القرار العربي والإقليمي، ولكن تونس تحاول قدر المستطاع أن تؤثر لحشد الدعم للشغب الفلسطيني ويمكن أن تفعل أكثر خاصة في الاتحاد الافريقي ودول عدم الانحياز، ونقترح على الرئاسة عقد مؤتمر قمة لكل الدول التي طردت السفراء الصهاينة مثل جنوب أفريقيا والبرازيل وفنزويلا ... والدول التي لا تقيم علاقات أصلا كسوريا وإيران واليمن وكوبا وغيرهم.
- بعد رفض الاتحاد الإفريقي مشاركة مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية في اجتماعاته التحضيرية الأخيرة بأثيوبيا، عقب رفض تحالف مناهضة التطبيع الذي تقوده الجزائر وجنوب أفريقيا.. برأيكم أي أهمية لهذا التحالف في منع محاولات التوغل الصهيوني في القارة الأفريقية؟ وهل يمكن إيجاد صورة اتفاق على صيغة شاملة بين الدول الأفريقية لتجريم التطبيع والعلاقات مع الاحتلال؟ كيف ذلك ؟
منذ البداية قلنا أن جنوب افريقيا تشكل قوة معنوية هائلة في أفريقيا وموقفها سيكون له تداعيات وخيمة على العدو الصهيوني، فهذه الدولة إلى جانب كونها أهم اقتصاد أفريقي هي تختزل النضال الأفريقي ضد العنصرية الغربية، وبالتالي تأثيرها كبير وهي بمثابة مصر عبد الناصر في الستينيات بالنسبة للقارة اليوم، ولذلك لاحظنا تحولا كبيرا في موقف الاتحاد الافريقي والدعم الجزائري كان مهم جداً نظرا لثقل الجزائر الدولي دون أن ننسى التحولات في أفريقيا بتراجع النفوذ الفرنسي والغربي.
يجب على الدول العربية الممثلة في الاتحاد الافريقي والغير مطبعة خاصة تونس والجزائر، العمل بقوة لطرد "إسرائيل" من افريقيا. ونعتقد أن التحولات الدولية والإقليمية مؤاتية لعزل العدو الصهيوني عن أفريقيا، ولكن نقطة الضعف هو الموقف المصري المخزي حيث عجزت مصر حتى أن تحذوا حذوا جنوب أفريقيا والبرازيل.
- في ظل الموقف المخزي للجامعة العربية وكذلك النظام العربي الرسمي تجاه ما يحدث من مجازر صهيونية بحق الشعب الفلسطيني العربي المسلم في غزة.. هل تعتقدون أن هذا الظروف مؤاتية لإحداث تغييرات سياسية شاملة تفرز منظمات جديدة تعبر عن الشعوب العربية وتتبنى قضاياها؟ كيف ذلك ؟ وهل حدوث هذه التغييرات متعلقة أولا بحدوث تغييرات في مواقف وتوجهات الأنظمة العربية؟
الجامعة العربية هي جامعة "سايكس بيكو" و "وعد بلفور" وهي مثلها مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها من المنظمات، مجرد عسس على نظام الهيمنة الغربية على العالم وعلى منطقتنا.
الجامعة العربية هي جامعة العدوان على الأمة العربية فهي من ساهمت وأعطت الشرعية لاحتلال العراق ولاحتلال ليبيا وهي من اتخذت قرار تدمير سوريا واليمن.
وإذا مثلا يريدون تدمير دولة عربية بدعوة حماية المدنيين كما حصل في ليبيا أو أسلحة الدمار الشامل في العراق أو الديمقراطية في سوريا أو الشرعية في اليمن، ستجد الجامعة العربية تجتمع وتقرر والجيوش العربية تنفذ الضربات.
خذ مثلا قطر والإمارات والأردن شاركوا في قصف ليبيا تحت بند حماية المدنيين لأن "إسرائيل" وأمريكا تريد ذلك، لكن اليوم تجدهم في صف "إسرائيل" ضد المدنيين وكأنه أمر عادي.
الجامعة العربية ستنتهي بنهاية مرحلة "سايكس بيكو" و "وعد بلفور" وهزيمة مشروع الهيمنة ونهاية "إسرائيل" لتحل محلها آليات أخرى سيفرضها أبناء الأمة العربية أكثر شعبية وأكثر شرعية وسيادية وحفظا للأمن القومي وللمصالح العربية.