ديسمبر 23, 2023 - 20:56
في ضوء ما تترجمه الوقائع من تضعضع على أرض الواقع .. هل يقود نتنياهو وحكومته الأشد تطرفًا وعنصرية الدولة العبرية إلى نهايتها الحصرية ؟!


عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي -
إقامة الدولة العبرية على الأرض الفلسطينية تعد -بإجماع المنصفين من أبناء البشرية بمن فيهم اليهود غير المؤدلجين بالأيدلوجيا الصهيونية- مخالفة متعمدة لأوامر ونواهي رب البرية وتنطوي على منافاةٍ صارخةٍ لكافة المبادئ والأعراف الإنسانية، كما أنَّ حكوماتها المتعاقبة تلغ صباح مساء -لما يزيد على خمسة عقود زمنية- في دماء الأبرياء من الشيوخ والأطفال والنساء، وتمعن في ارتكاب المجازر الوحشية الشنعاء التي تمثل ذروة وحشيتها المجزرة المتواصلة منذ الأيام الأولى لعملية «طوفان الأقصى».
ولعل إمعان هذه الدولة الضرار في التنكيل بشعب فلسطين ومحاولة تهجيره من وطنه بالحديد والنار ضاربة عرض الحائط بإجماع العالم على «حل الدولتين» باعتبارها الضمانة الأكيدة لتوفير الأمن والاستقرار تسير بخطى حثيثة في طريق الانتحار، وقد باتت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.

تنكر للحق الفلسطيني ذو ردود أفعال مؤذنة بالزوال

منذ تأسس دولة الكيان الصهيوني وهي تنجرف نحو التطرف، وليس أدلّ على ذلك من ظفر الليكودي المتطرف «بنيامين نتنياهو» برئاسة حكومة ذلك الكيان «ست مرات»، بيد أنَّ الحكومة القائمة الأكثر تطرفًا وعنصرية هي الأشد خطرًا على مستقبل الدولة العبرية، وذلك ما يستشف من استهلال الخبر الصحفي التحليلي المعنون ["نيويورك تايمز": حكومة نتنياهو تشكل خطرًا على مستقبل إسرائيل] الذي نشر في «روسيا اليوم» بتأريخ 18 ديسمبر 2022 الماضي على النحو التالي: (نشرت هيئة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية -يوم أمس السبت- مقال رأي بعنوان "مُثل الديمقراطية في دولة يهودية في خطر"، وصفت فيه حكومة بنيامين نتنياهو بأنها "تشكل خطرًا على مستقبل إسرائيل".
وأشارت الصحيفة في المقال إلى أن "الحكومة اليمينية المتطرفة التي ستتولى السلطة قريبًا، بقيادة بنيامين نتنياهو، تمثل اختلافًا نوعيًّا ومثيرًا للقلق عن جميع الحكومات الأخرى في تاريخ إسرائيل"، وأنَّ "حكومة نتنياهو تشكل تهديدًا كبيرًا لمستقبل إسرائيل وتوجهها وأمنها وحتى لفكرة موطن يهودي".
واعتبرت افتتاحية الصحيفة أن وضع الحكومة الإسرائيلية المقبلة يجعل من المستحيل -عسكريًّا وسياسيًّا- الوصول إلى حل الدولتين، داعية الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن إلى فعل كل ما في وسعها للتعبير عن دعمها لمجتمع تحكمه حقوق متساوية وسيادة القانون في إسرائيل.
وأوضحت أنَّ الحكومة الإسرائيلية المقبلة التي ستتشكل من الأحزاب اليمينية المتطرفة، تدعو إلى توسيع وشرعنة المستوطنات بطريقة تجعل قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية أمرًا مستحيلًا، كما تدعو إلى تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، وهو عمل ينذر بإثارة جولة جديدة من الصراع العنيف).

إضعاف سلطة القضاء مفضٍ إلى الفوضى

من المسلم به في مختلف الأزمان أنَّ استقلال السلطة القضائية في أيِّ بلد من البلدان ضمانة قوية لحصول مواطني البلد على مواطنةٍ أو حقوقِ مواطنةٍ متساوية أو على  الأقل حقوق متقاربة.
وإذا كانت حقوق المواطنة ظلت -على مدى عقود زمنية عديدة- غير مكفولة للمواطن الفلسطيني في كافة بقاع الأراضي المحتلة، واقتصرت المساواة في المواطنة -بسبب تسييس قضاء دولة الاحتلال- على مواطينها الذين يتشاطرون سلب الحقوق الفلسطينية عبر الأجيال، فإنَّ ما توافق عليه الكنيست المهيمَن عليه من قبل التيارات الدينية المتطرفة وحكومة «نتنياهو» المنبثقة عنه من تقويض سلطة المحكمة الإسرائيلية العليا وتهميش القضاء أو تقليص صلاحياته إلى أدنى مستويات ممكنة سيخلُّ بحقوق المواطنة لمصلحة الفئات المستجلبة إلى المستوطنات التي تمنح من وسائل الإغراء -تحفيزًا لها على البقاء- ما لا يمنح لفئة أخرى. 
ومن شأن ذلك التمييز الفئوي أن يقود إلى واقع مجتمعي فوضوي ينطوي على أخطر عوامل التشظي، وقد أشير إلى خطورة الوقوع في ذلك الخطإ التأريخي المفصلي بوضوح جلي -في سياق التحليل الإخباري المعنون [غالانت: النزاع حول التعديل القضائي خطر على أمن إسرائيل] الذي نشرته شبكة «DW» الألمانية في الـ25 من مارس الماضي- بما يلي: (دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اليوم السبت 25 مارس 2023 الحكومة لوقف قانون التعديل القضائي، قائلًا: "إن النزاع المرير بشأنه في إسرائيل يمثل خطرًا مباشرًا على أمن البلاد".
وقال غالانت في بيان تلفزيوني مقتضب: "يتسرب الانقسام الداخلي المتفاقم إلى مؤسسات الجيش والدفاع، هذا خطر واضح ومباشر وحقيقي على أمن إسرائيل".
وأظهر بيان غالانت الشقاق الحادث في ائتلاف نتنياهو، إذ دعا «إيتمار بن غفير» وزير الأمن الوطني من اليمين المتطرف نتنياهو بفصل غالانت فور صدور تعليقاته.
واجتاحت الاحتجاجات الحاشدة إسرائيل منذ إعلان الحكومة خططها القضائية في يناير الماضي. واحتشد آلاف الإسرائيليين في تل أبيب السبت ضد مشروع التعديل القضائي المثير للجدل الذي تسعى الحكومة اليمينية المتشددة إلى إقراره).
بل لقد انطوى الإصرار على تمرير تلك التعديلات القضائية على بذور انشقاق أشير إليها -في سياق التقرير الخبري المعنون [إسرائيل نحو الهاوية: نتنياهو يقيل وزير الحرب!] الذي نشره موقع «المهد الإخباري» بتأريخ 27 مارس الماضي- على النحو التالي: (خضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرغبة شركائه في تيار الصهيونية الدينية، فأعلن -في بيان مقتضب صادر عن مكتبه- إقالة وزير دفاعه «غالانت» على خلفية الضغوطات التي مارسها لإقناعه بتعليق التشريعات الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي.
وأثار قرار نتنياهو زوبعة من ردود الفعل الغاضبة من قبل زعماء أحزاب وأعضاء "كنيست"، ومسؤولين كبار في كيان الاحتلال. 
وفي أكثر الردود المتسمة بالسقف العالي، وصف عضو "الكنيست" الإسرائيلي «جدعون ساعر» قرار نتنياهو الذي عزل بموجبه «يوآف غالانت» وزير الدفاع على خلفية معارضته لمشروع التعديلات القضائية بـ"العمل الجنوني"، معتبراً أنَّ نتنياهو مصمم على دفع {إسرائيل} نحو الهاوية، وأضاف: كل يوم يستمر نتنياهو بمنصبه يعرِّض {إسرائيل} ومستقبلها للخطر".
وعلق «يائير لابيد» رئيس حكومة الاحتلال السابق على القرار قائلًا: "إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت تمثل تدنيًّا جديدًا لحكومة تضر بالأمن القومي للبلاد).

التقاء النبوءات والوقائع على الزوال المتسارع

كثيرون هم العلماء الذين تنبؤوا -بالاستناد إلى محتوى الـ7 الآيات الأول من سورة الإسراء وإلى سنة الله في تغير جواهر الأجيال- بقرب ما ينتظر دولة «الكيان الصهيوني» من زوال، نكتفي من تلك النبوءات -في هذا الحين- بنبوءة شيخ شهداء فلسطين الشيخ «أحمد ياسين» الذي تنبأ -عند استضافته في «قناة الجزيرة» من قبل الإعلامي «أحمد منصور» في برنامج «شاهد على العصر» عام 1998- بزوال «دولة إسرائيل» -وكانت في ذلك الحين تطوي عامها الخمسين- في الربع الأول من القرن الحالي الحادي والعشرين وبالتحديد في عام 2027.
والأغرب أنَّ ذلك النمط من النبوءات غير مقتصر على علماء وساسة العرب، بل إنَّ النبوءات ذاتها تتردد من بعض مثقفي «الدولة العبرية» وساستها، فقد ورد في سياق التقرير التحليلي المعنون [لعنة "العقد الثامن".. هل ستزول إسرائيل في عام 2027؟] الذي نشره موقع «TRT عربي» في الـ4 من نوفمبر الفائت ما يلي: (أكد رئيس الوزراء السابق "إيهود باراك" في مقال نشر في صحيفة "يديعوت أحرنوت" بمناسبة الذكرى الـ74 لتأسيس إسرائيل أنه في تأريخ الشعب اليهودي لم تستمر دولة يهودية لأكثر من 80 عامًا إلا في فترتين، وفي كلتا الفترتين كانت بداية تفككها في العقد الثامن، وتنتهي الدولة الصهيونية الحالية في العقد الثامن.
وأعلن «بنيامين نتنياهو» رئيس الوزراء الإسرائيلي -في إحدى ولاياته السابقة عام 2017- أنَّه يجب العمل على ضمان استمرارية إسرائيل لمدة 100 عام، مشيرًا إلى أنه لم يحدث في التأريخ أنَّ استمرت دولة يهودية لأكثر من 79 عامًا.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد المحلل الإسرائيلي «آري شافيط» أنَّ إسرائيل تواجه نقطة لا عودة وأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة. ويرى أنَّ الإسرائيليين يدركون أنهم أصبحوا ضحية لكذبة صهيونية ويشير إلى وجود عملية تدمير ذاتي ومرض سرطاني في إسرائيل يصل إلى مراحله النهائية).
ومن الملاحظ أنَّ الوقائع الميدانية تطابق النبوءات التأريخية والدينية مطابقة شبه تامة وتلتقي معها حول حقيقة زوال الدولة الصهيونية المحتلة في غصون السنوات القليلة القادمة، وذلك ما يفهم من احتواء تقرير موقع «TRT عربي» على ما يلي: (عند قراءة الوضع الداخلي للكيان الصهيوني واستنادًا إلى الاعترافات التي تصدر من منظومته السياسية والفكرية والعسكرية، يظهر التشكيك في مستقبل "إسرائيل" ويعزز مصداقية نبوءة اندثارها.
وكانت حادثة هروب الإسرائيليين خلال عملية «طوفان الأقصى» من المستوطنات إشارة واضحة إلى ذلك، إذ جرى تداول مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر هروبهم من دون النظر إلى الوراء، ما يشير إلى عدم ارتباطهم بالأرض واعترافهم بأنهم محتلون لأرض غيرهم وزائلون).

الخلاصة
في ضوء ما تقدم سردُه من نبوءات دينية ومن وقائع ميدانية مضافًا إليها ما يشنه «النتن ياهو» في «قطاع غزة» -على مدى 80 يومًا- من حرب انتقامية على الفئات الفلسطينية المدنية بدافع الأنانية التي يعكس حرص «نتنياهو» -في سبيل التهرب من الخضوع للمحاكمة على جرائمة- على إغراق «الكيان الصهيوني» في أتون حرب وحشية متواصلة حتى لو ارتبطت نهايتها بزواله، يتأكد لنا من تظافر كل تلك المعطيات مضيُّ «بنيامين نتنياهو» وائتلافه المتطرف بـ«الدولة الضرار» -وبسبق الإصرار- إلى حافَّة الانهيار.