
القيروان هي عبق القرون وعنفوان الأزمنة، منارة العروبة، وحسن الإسلام الأول في الشمال الأفريقي، انطلقت منها الكتائب والقوافل رافعة رايات التوحيد إلى الصحراء الكبرى وما وراءها، نحو ضفاف المحيط الأطلسي، فكانت القيروان أول المدن الإسلامية المشيدة بالمغرب العربي منذ ثلاثة عشر قرناً، وكانت أيضاً بمثابة القاعدة لأنطلاق الجيوش الإسلامية إلى أوروبا كما أتخذها ( الأغالبة) عاصمة لهم ما بين الأعوام 800-910م .
كل شيء في القيروان يقر بعظمة وجلال الإسلام، ففي عهد الإغالبة أصبحت القيروان مركز علم وثقافة يتقد حيوية وإشعاعاً وحركة، ولعل أهم أنجاز للأغالبة في فترة حكمهم تأسيس ( بيت الحكمة) وإسهاماتهم المادية والمعنوية في أنشطتها العلمية والفكرية، وتؤكد بعض المصادر التاريخية أن مؤسس بيت الحكمة هو إبراهيم الثاني الذي تولى الإمارة بين عامي 261-289 هجرية ، لما كان يتمتع به من ثقافة عالية ومعرفة دقيقة بعلوم اللغة والأدب، بالإضافة إلى إتقانه للغة اللاتينية.
ومن بين أهم المعالم التاريخية الإسلامية التي تزخر بها القيروان هو الجامع الكبير، مسجد عقبة بن نافع،
وفي عهد الأغالبة شهد الجامع الكبير التحسينات الأولى التي أدخلت عليه، ومن يومها لم يكف الأمراء ورجال الدولة عن تطوير هذا المسجد وتجميل واجهاته، كذلك ظهر في القيروان عبر الأزمنة المختلفة عدد من المساجد الصغيرة والزوايا وغيرها للعباد الزهاد.
وقد أحيطت المدينة العتيقة بأسوار متينة شيدت من الأجر المتناسق وعدة فتحات هي بمثابة أبواب للمدينة، هذه الأسوار شيدها المعز لدين الله الفاطمي نحو سنة 1052م ، التي رممها الحسينيون في القرن الحادي عشر، وهي تعطي المدينة حضوراً قوياً في القرون التي حملتها إلى التاريخ المعاصر.
تم اختيار القيروان لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2009م ومن أجمل نتائج الاحتفائية بمدينة القيروان هو الصيانة الكاملة التي حصلت عليها تلك المدينة العريقة، تأهيل وترميم أغلب معالمها الإسلامية إن لم يكن جميعها الذي شمل في الواقع جميع النسيج العمراني في المدينة، وتحسين المحيط مع الحفاظ على الأنماط المعمارية والتاريخية.
كما شمل مجهود الصيانة عدداً كبيراً من المساجد التاريخية الأثرية بمدينة القيروان والزوايا التابعة لها.