يتجمع آلاف المستوطنين عند حائط البراق غربي المسجد الأقصى المبارك، لأداء صلاة ما يُسمى "بركة الكهنة" احتفالًا بـ "عيد العرش"، من أجل تقديم روايته التلمودية المزعومة، ولإثبات أن "هذا المكان يهوديًا وليس إرثًا إسلاميًا".
ولتأمين اقتحامات المستوطنين لحائط البراق، عززت شرطة الاحتلال من تواجد عناصرها وقواتها الخاصة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة ومحيطها، وسط تضييقات مشددة على المقدسيين، أعاقت حركة تنقلهم، وفاقمت من معاناتهم.
و"بركة الكهنة" طقس يختص في الأصل بطبقة "كهنة الهيكل" بحسب الرؤية التوراتية، وهو "يؤدى برفع الأيدي المبسوطة مع قراءة مقاطع من التوراة ليمنح بها الكاهن البركة الموعودة على لسان النبي هارون للمصلين اليهود بحسب التوراة".
وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن "بركة الكهنة" هي مناسبة اخترعها أحد الكهنة الإسرائيليين عام 1970 على خلفية أحداث جسام عصفت بالاحتلال خلال ما عرف بـ"حرب الاستنزاف"، وبحثوا لها عن مرجعيات دينية تلمودية، وهي بالأساس تجمّع يدعو إلى "الحفاظ على دولة إسرائيل وشعبها أمام عاتيات ومصائب الزمان"، وفق ادعائهم.
نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة ناجح بكيرات يقول: "إن قوات الاحتلال فرضت بعد احتلالها القدس عام 1967، بعض المتغيرات ووقائع جديدة في المدينة وبمحيط المسجد الأقصى، عندما هدمت حارتي المغاربة والشرف وأنشأت ساحة أمام حائط البراق لاستباحته من قبل المستوطنين".
ويوضح بكيرات، أن هذا المتغير حصل بقوة الاحتلال وبقرار عسكري، حتى بدأ يتدرج يومًا بعد يوم عبر دعمه من خلال إنشاء ما يسمى "لجنة إرث حائط المبكى"، و"صندوق ترميم حائط المبكى"، إذ تم تقديم كل الدعم اللوجستي والمالي حفاظًا على هذا المتغير.
وفي 11 حزيران/يونيو 1967، هدمت سلطات الاحتلال حارة المغاربة الملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى وشرد أهلها وحولها إلى ساحة أسمها "ساحة المبكى"، لصلاة الصهاينة، ذلك بدعوى أن منطقة الحائط ملك لليهود منذ ثلاثة آلاف عام.
ويشير بكيرات إلى أن سلطات الاحتلال أنشأت أكثر من جسم كي يبقى حائط البراق "مكانًا يهوديًا وليس إسلاميًا"، ومن ثم بدأت بتشجيع الصهاينة على اقتحامه بالآلاف وأداء الطقوس والصلوات التلمودية فيه، بما فيها "بركة الكهنة".
ويضيف أن "الاحتلال يعمل على تقديم روايته التوراتية في حائط البراق، لإثبات أنه مكانًا تعبديًا لليهود، رُغم أن ذلك مخالفًا للقانون الدولي وكل الاتفاقيات الدولية".
ويؤكد أن حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، سيطر عليه الاحتلال بعد احتلاله المدينة، ويسعى إلى تهويده بالكامل وتزوير هويته الإسلامية.
وتعمل مؤسسات احتلالية عدة، هي "بلدية الاحتلال في القدس، وسلطة الآثار الإسرائيلية، ووزارة شؤون القدس، ولجنة إرث المبكى، وصندوق تطوير المبكى، وغيرها"، على تهويد حائط البراق.
وفي 18 تشرين أول/أكتوبر 2016، تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" خلال اجتماع في العاصمة الفرنسية باريس، قرارًا ينفي وجود ارتباط ديني لليهود بالأقصى وحائط البراق، واعتبرهما تراثًا إسلاميًا خالصًا.
ويعتبر نائب مدير عام الأوقاف، أداء "بركة الكهنة" مرحلة من مراحل بناء "الهيكل" المزعوم مكان المسجد الأقصى، باعتبار أن "حائط البراق أصبح جزءًا من الهيكل".