سبتمبر 16, 2023 - 19:10
معلم أثري ضارب في جذور أعماق التاريخ الإنساني في ليبيا
عرب جورنال


أروى حنيش

السرايا الحمراء تعد أحد أبرز المعالم التاريخية الأثرية في القلاع الحصينة في مدينة طرابلس الليبية، وهي عبارة عن مبنى تاريخي يعود إلى الفترة الرومانية والبيزنطية. أما الشكل الحالي فقد شيده الأسبان في القرن السادس عشر الميلادي، إلا القلعة تعرضت للتوسعة، وتحصينها لاحقاً خلال الفترة العثمانية، حيث كانت مقراً للحاكم وقد استمر وضعها كمركز للحكم أثناء فترة حكم الأسرة القرمانلية، وبعد ذلك تم تحويل القلعة إلى متحف في العام 1948 وتمت توسعته ليتحول إلى مجمع متاحف السرايا الحمراء في عام 1982.
وقد سميت بهذا الاسم لطلائها الخارجي الذي يميزها باللون الأحمر، كذلك فإن السرايا الحمراء هي جزء بسيط من قلعة طرابلس الأثرية التي تشكل حصناً منيعاً للدفاع عن المدينة ضد أي هجمات خارجية تطالها ، وقد سميت بالسرايا الحمراء لأن بعض أجزائها كانت تطلى باللون الأحمر. وتطل على شارعي عمر المختار والفتح.

الموقع

تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من مدينة طرابلس القديمة، وتشرف على مينائها، وبحيرة السرايا الحمراء «والتي كانت في السابق بحرًا قبل أن يتم ردمه في السبعينيات»، الأمر الذي مكنها قديمًا من حماية المدينة والدفاع عنها برًا وبحرًا. وقد تعرضت القلعة إلى تغييرات وإضافات كبيرة في عمارتها، حسب ذوق ومتطلبات فترات تعاقب الحكام.

تاريخ القلعة

تم بناء السرايا الحمراء في القرن السادس عشر الميلادي، من قبل الأسبان، حيث كان هذا المكان مقرًا للحاكم حتى العام 1919 حين تحول إلى متحف لعرض الآثار والتاريخ الليبي.

وكانت السرايا الحمراء حصنًا كبيرًا للدفاع عن مدينة طرابلس في العصر البيزنطي، حيث تروي كتب التاريخ، والباحثين والدراسات أن العرب المسلمين عندما زحفوا على طرابلس بقيادة عمرو بن العاص سنة 21هـ الموافق 642م وجدوا المدينة محاطة بسور قوي، ولم يتمكنوا من دخول المدينة إلا بعد فترة حصار دام شهرًا. وقد اهتم الحكام العرب بالقلعة، حيث يلاحظ في الجانب الشرقي منها بقايا بعض الأبراج المرتفعة تشبه تلك الأبراج التي كانت معروفة قبل اكتشاف البارود، وكذلك وجود بعض الجدران التي بناها العرب قبل دخول الأسبان إلى طرابلس في 25 يوليو 1510م.
عندما احتل الأسبان مدينة طرابلس اهتموا اهتمامًا خاصًا بالأسوار والقلاع الدفاعية، وخاصة قلعة طرابلس، ويبدو أن معظم البناء الخارجي الحالي للقلعة يعود إلى فترة الحكم الأسباني وفترة فرسان القديس يوحنا الذين سلمهم الأسبان المدينة عند خروجهم منها سنة 1530م، وقد بنى الأسبان بالقلعة برجين : البرج الجنوبي الغربي والبرج الجنوبي الشرقي والذي يعرف باسم (حصن سان جورج)، وكان بينهما فتحات لوضع المدافع حسب الأساليب المتبعة في القرن السادس عشر الميلادي، وقد أضاف فرسان القديس يوحنا برجا آخر بالقلعة في الزاوية الشمالية الشرقية، يعرف باسم (برج سانتا باربرا)، وكان يبدو واضحًا من الخرائط التي تعود للقرن السابع عشر، أن السرايا كانت محاطة بقناة مائية من جميع الجهات، وكان مدخلها يقع عند الجدار الجنوبي. أما اسم الحمراء الذي اكتسبته فكان نتيجة لأن الأسبان طلوا جدرانها الخارجية باللون الأحمر.


السرايا الحمراء من الداخل

تطل السرايا الحمراء وقلعة طرابلس على ساحة الشهداء في العاصمة الليبية طرابلس، وتنقسم السرايا الحمراء إلى أربعة أقسام كلها مخصصة بالقطع الأثرية والأدوات المختلفة لمختلف العصور التاريخية القديمة، وكذلك آثار الحضارات الأخرى التي مرت على الأرض الليبية، ويعتبر متحف السـرايـا الحمــراء من أهم الأماكن السياحية فى ليبيا التى تجدب السياح وهواة الآثار والتاريخ للاطلاع من خلاله على الماضي العريق للشعب الليبي، وأهم الصناعات التقليدية والأدوات المستخدمة في الزراعة والحرف اليدوية، والقطع الأثرية، وهى رغم بساطتها فقد كان لها الفضل في ما وصلت إليه اليوم البلد من تطور نسبي ملحوظ .